الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مناطق محررة

مناطق محررة
26 مايو 2009 02:15
نعم يا سادة يا كرام، أعتبر الزوايا الساخرة في جميع الصحف وعلى المواقع الالكترونية، مناطق محررة، و(كوميونات) شعبية، لن تطلب الاستقلال الذاتي، لكنها ستحاول أن تكون مراكز اشعاع والهام للقراء، وورشات تغيير وصياغة عقول، ومع أنَّها ليست الأعمق ولا الأقوى بالضرورة، لكنها الأكثر تأثيراً، ويتقبلها القراء بكل رحابة قلب وعقل وبنكرياس. الساخرون هم ثوار انقلابيون في ثياب مراوغة، لا يرتدون الكاكي ولا يحملون الرشاشات ولا تتدلى القنابل اليدوية من أحزمتهم الناسفة، ولا يتلاعبون بالسيجار بين ايديهم، إنَّهم أناس يتنكرون في أزياء الناس العاديين، ويمارسون ثورتهم داخل الثورة، ويقلبون المفاهيم بلا أي اعتبار للمناصب والطبقات أو القيم السائدة. لذلك، فقد قررت مع سبق إصرار وبدون ترصد، بصفتي أحد الفدائيين في حزب الساخرين الأحرار، أن أستغل هذا الموقع الثقافي الهام في الترويج للبرنامج الثوري للساخرين، الذي يؤكد حربه الدائمة المستمرة المستدامة على القتامة والعبوس وتجاعيد الجبين، والوقار الحقيقي والمزيف، ضارباً بعرض الحائط وبالحذاء جميع تلك الموروثات الشعبية التي تجعل الابتسام والضحك والقهقهات مكروهة اجتماعيا باعتبارها تحول المواطن المحترم الرزين الى مجرد (مفقوع) ضاحك.... بسبب او بلا سبب. فهو قلة أدب وتاريخ وجغرافيا وهندسة اقليدية. قريباً من هذه المقولات التي تدين السخرية والضحك... نسأل أنفسنا... هل نحن شعب مكشر؟ نحن شعب مكشر أمام الآخرين، لكن تاريخنا يفضحنا، ولا أعتقد أنَّ هناك تاريخ شعب وتراثه مليئاً بالسخرية كما هو التاريخ والتراث العربي.. من أشعب الطماع إلى هجائيات الحطيئة إلى جحا إلى عقلاء المجانين.. إلى شعر الهجاء العربي الذي يشكل قاموساً عملاقاً للسخرية العربية. في مجالسنا بعيداً عن أعين الغرباء، لا تصدق كم نضحك ونسخر ونقهقه، لكننا أمام الغرباء نشعر بأنَّ الضحك يفقدنا الهيبة التي نصطنعها لخداع الاخرين، كما يخدعوننا هم... إنّها سطوة الأعراف البدوية التي تجبرك على الظهور أمام الآخر لكأنَّك في معركة معه... إمَّا أن يأكلك او تأكله...!! بالمختصر غير المفيد: نحن شعب ضاحك، يخجل من كونه ضاحكاً، ويحاول إخفاء ذلك. إنَّها معركة مصيرية، أن نبتسم في وجه الصعاب، ونحول انتصار الأعداء إلى مهزلة تحرمهم من لذة الفوز، وأن نثير مكامن الانفعالات الإيجابية في الروح البشرية، من اجل مستقبل أقل تجهماً وكآبة. إنَّها معركة مصيرية أن تجعل من السخرية مانعة صواعق تبعد عن الناس اليأس والقنوط والانهزام واحتقار الذات. إنَّها معركة مصيرية أن تفقع بالونات البروبوجندا حول اولئك الذين يضعون حول انفسهم هالات مزيفة من العظمة والاستكبار، وتعيدهم الى حجومهم الطبيعية .. الى جحورهم. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©