الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الدوباس» تهاجم النخيل.. و«مكنسة العجوز» تلتهم أشجار الليمون

«الدوباس» تهاجم النخيل.. و«مكنسة العجوز» تلتهم أشجار الليمون
26 مايو 2009 02:16
لا شيء يؤرق أصحاب المزارع في عُمان مثل ذلك المرض الذي أصاب أهم شجرة لديهم، يسمونه «المتق»، فيما يشير الاسم العلمي لها إلى «دوباس النخيل». وكانت قرى في عمان معروفة بأنها واحات متواصلة من النخيل المقبلة على الناظرين بخضرة جميلة، إلا أن ذلك اللون الأخضر للسعف بدا لامعا وكأن عسلا قد سكب على كل سعفة منها، فيما شحب لون أخريات وتيبست تحت ثقل هذا المرض الخبيث الذي عاند حالات الرش الجوي بالمبيدات ولم يعد يخرج من النخيل كما كان قبل سنوات حينما تتولى طائرات عملية رشه، وإنما يذهب أياما ليستقر أشهرا. سنوات «المحل» وفيما تواجه أشجار النخيل في عمان سنوات «المحل» ونقصان المياه إلا أن هذه الحشرة تعد الأسوأ، فنقص المياه يتم التغلب عليه بوسائل عديدة تؤخر يباس الشجرة قدر الإمكان، وقد تستمر عملية التحدي بانتظار مواسم الأمطار سنوات لا تموت فيها النخلة وتبقى تعطي خيرها لصاحبها، إلا أن هذه الحشرة تؤدي إلى موت النخلة أو عدم وجود ثمر فيها. وفي حالة وجوده فإنه يكون غالبا غير صالح للاستهلاك الآدمي أو حتى الحيواني نظرا للمادة الغرائية الملتصقة بالثمرة. وتناقصت أعداد النخيل في عمان خلال السنوات الماضية بشكل كبير، وتشير إحصائيات أخيرة إلى أن عدد النخيل في عمان وصل إلى ثمانية ملايين نخلة، فيما أقفرت مساحات كبيرة من هذه الشجرة نتيجة القحط الذي أصاب تلك المناطق حيث تتباعد فترات هطول الأمطار نتيجة التغيرات الجوية والزحف السكاني الذي أثر على المياه الجوفية بشكل كبير. واشتهرت عمان بأنواع جميلة من التمور وبأماكن محددة لطلب تلك الأنواع منها، إلا أن المزارعين في السلطنة ينظرون بأسى إلى قرى بأكملها تقف نخيلها تواجه فصل الصيف دون وجود تمرة فيها، فقد أعاقت حشرة الدوباس الطلع من الخروج، وأصيب مزارعون بحسرة على نخيلهم التي ينتظرون ثمرها كل عام لتقف في أكثر من موسم عاجزة عن «تبشيرهم» بحبة رطب كما كانت تفعل سنوات وجودها بينهم، وكما اعتادوا طوال حياتهم. مكنسة العجوز وتعمل وزارة الزراعة العمانية على إنتاج الفسائل النسيجية المقاومة للأمراض، وأعلنت قبل أسابيع عن خطة لتوزيع 40 ألف فسيلة سنويا على المزارعين لاستعادة زمن كانت فيه التمور العمانية تصدّر إلى دول غرب آسيا كالهند وباكستان وإيران. وكانت التمور تنقل عبر السفن إلى تلك البلدان ومعها الليمون العماني الذي أصبح ضمن ما يتذكره كبار السن كدلالة على نقص البركة في العصر الحديث، وضرب مرض سمي باسم «مكنسة العجوز» أشجار الليمون في عمان، وأحال مئات الآلاف من أشجارها خاصة في منطقة الباطنة إلى محارق حيث يتم حرق الأشجار للتخلص من هذه الحشرة التي تلتهم أوراق الشجرة لتموت في مكانها. وهناك جهود حكومية لزرع الليمون مرة أخرى وبطريقة علمية تقاوم المكنسة، هذه التي كنست واحدة من أهم الأشجار في عمان، وقد كان تفيض عن الحاجة المحلية ليتم تصديرها إلى موانىء بعيدة. الحصاد والنساء وقبل سنوات كانت النخلة المصدر الأساسي لحياة عدد من العمانيين الذين يعملون على إنتاج التمور بإشرافهم المباشر، أو يتعاملون مع حركة البيع والشراء خاصة لنوع من النخيل يسمى الفرض والمشهور بتموره المقاومة لظروف التصدير، ويقوم بعض السكان بشراء الثمار عبر ما يسمى بموسم الطنا، حيث ينادى على النخيل في مزاد علني يحضره رجال القرية والراغبين من خارجها في شراء التمور عليها، وهناك موسم للحصاد متعارف عليه حيث تعمل نساء العائلة ومن ترغب من الأخريات في مشاركة صاحب العمل في حصاد ثمار النخيل في نهاية الموسم، ويسمى بموسم الجداد، وتقوم شركات معروفة بحجز التمور مسبقا في كثير من الأحيان فيما يستفيد أصحابها من عملية تخزينها المؤقتة من الدبس الذي يستخرج منه بكميات كبيرة خاصة مع اشتداد حرارة الجو، والتي تزيد من حالة ذوبان السكريات من النخيل. سيطرة آسيوية ولكن عملية الحصاد تواجه هذه الحشرة حيث أن الثمار المحصودة «وهي قليلة جدا إن لم تكن نادرة أصلا» غالبا لا تتمتع بالجودة التي تحفز المشترين، كما أنها غير منتجة للدبس أو عسل النخيل كما يسميه البعض. وتواجه التمور مخاطر دوباس النخيل كما تواجه قلة الأيدي العاملة حيث تتحكم العمالة الآسيوية في هذه الصناعة، وتقوم أحيانا بمنافسة المواطنين في أدق تفاصيل حياتهم القروية، ومن الطبيعي أن يرى المرء أحد الآسيويين وهو يحمل حبل الصعود إلى النخلة، ويعرف الكثير من أسرارها ومواعيد خيراتها فيما يمر شباب القرية ولا يعرفون عن تلك الشوامخ.. سوى أنها مصابة بالمتق.
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©