الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حلم وردي.. عندما تكرر الحكاية نفسها

حلم وردي.. عندما تكرر الحكاية نفسها
25 مارس 2017 21:18
إبراهيم الملا (الشارقة) قدمت فرقة المسرح الحديث في الشارقة، مساء أمس الأول، في قصر الثقافة عرضها المسرحي «حلم وردي»، ضمن عروض الدورة 27 من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وهو من تأليف الكاتب عباس الحايك، وإخراج أحمد الأنصاري، وشارك في تنفيذه أدائياً على الخشبة نخبة من الممثلين وهم: عبدالله صالح في دور الوالي مملوح، والفنانة أشجان في دور ياسمينة (زوجة الوالي)، وأحمد ناصر في دور (عذاب)، والفنانة علياء المناعي في دور (الماسة)، وفيصل علي في دور الدرويش، وذيب داوود في دور المستشار سمعان،إضافة إلى مجموعة من الممثلين الشباب برز منهم الفنان شعبان سبت في دور قائد الحرس. اعتمد عرض (حلم وردي) على الخيال القصصي والتراثي في الأدبيات المشرقية عموماً، والذي يمكن إسقاطه على الواقع الراهن وتحولاته. وجسَّد المخرج هذا الخيال في إطاره المشهدي الباذخ بالأزياء الباهرة في قصر الوالي، والمحتشد بالملابس الرثَّة للأهالي الفقراء والمعدمين خارج القصر، وباستخدام لعبة التضاد والتقابل بين الضوء والظلمة، وبين الفضاء المعتم وبقع الإنارة، واستطاع أن يحرك المجاميع وقطع الديكور بحيث لا تفضي هذه الحركة المتواصلة طوال زمن العرض إلى التقليل من ثقل المشاهد المستقلة داخل الكادر العام للحكاية. يتناول العرض حكاية ولاية افتراضية تتحكم بها زوجة الوالي وتكون هي الآمرة والناهية، فتصدر ما تشاء من أحكام وقوانين و«فرمانات»، بينما يظل زوجها الوالي مجرد واجهة شكلية غير مؤثرة، وساهمت شخصيته الضعيفة في تأكيد هذا الوضع، وتحويله إلى منفّذ لأحلام زوجته غير المنطقية، والأقرب إلى الهلاوس والكوابيس المخيفة والمقلقة لأهالي الولاية. في الجهة المقابلة نرى بائع الكعك (عذاب)، وهو يعاني بدوره من تسلّط زوجته وتحكمها في تفاصيل حياته، وتساهم شخصيته المهزوزة هو الآخر في تعميق هذا التسلّط الأنثوي الطاغي على جوّ الحكاية. تبدأ الانعطافة الأهمّ في العرض عندما تفرض زوجة الوالي على الأهالي قراراً غرائبياً، وهو صبغ حيواناتهم الأليفة باللون الوردي، تجسيداً لحلمها المتطرف في تجاوزه لحدود المنطق والعقل، رغبة منها في لفت الأنظار إلى ولايتها، وتميزها عن الولايات الأخرى، فتبدأ أولى شرارات التمرد على هذا القرار المجحف من قبل الأهالي الفقراء غير القادرين على شراء الأصباغ الباهظة الثمن، وتزداد وتيرة الغضب عندما يهرب الكلب المفضل لدى الأميرة، ويموت تحت أقدام بائع الكعك (عذاب)، فتقرر إعدامه وتجبر زوجها على تنفيذ قرار الإعدام بغض النظر عن رفض القضاء ورفض الأهالي لهذا الحكم الظالم والمتعسِّف. ونتيجة للضغط الشعبي الهائل، يقرر الوالي اعتزال الحكم، وترك الأمر لزوجته الشرسة، ونظراً لاستحالة تحقيق ذلك بسبب القوانين العامة في الولايات كلها بعدم جواز حكم المرأة، يصبح فراغ السلطة مهيئاً لرغبة الأهالي في انتخاب من يرونه مناسباً. وفيما يشبه الاستدارة القصصية أو محاكاة الأصل في النسق الروائي، يعود الوضع المأساوي مجدداً إلى ما كان عليه، فيحكم الولاية بائع الكعك (عذاب)، الضعيف والمستلب الإرادة، بينما تبدأ زوجته في إدارة كل خيوط اللعبة وإصدار كل القرارات الكبرى اعتماداً على مناماتها وأحلامها، إنها عجلة اللعنة التي دارت واستقرت في ذات المكان وبذات الكيفية التي حاربها وقاومها الجميع سابقاً، وها هي تجثم مجدداً على أنفاس الأهالي، وتشيع في أوساطهم السخط والانزعاج، رغم اختلاف الوجوه، ورغم بشائر الإصلاح والتغيير الخادعة والمزيّفة. عانى العرض من المعالجة التقليدية لمحتواه التراثي، واستدعاء تفاصيل النص كما هي على الخشبة، كما عانى من بعض الهفوات والإرباكات على مستوى الأداء التمثيلي، وكذلك على مستوى الإضاءة وعدم توزيعها بدقة في بؤرة الحدث الدرامي وعلى الشخوص المشاركين في تفعيل هذا الحدث، وكانت هناك مبالغة في ردّات فعل بعض الممثلين، في وقت كان يجدر على الممثل الاعتماد على الأداء التلقائي والأسلوب العفوي بعيداً عن التكلّف والأسلوب النمطي.‏?
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©