السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القمح.. بدأت زراعته قبل 10 آلاف سنة

القمح.. بدأت زراعته قبل 10 آلاف سنة
10 مارس 2018 21:45
حسونة الطيب (أبوظبي) القمح واحد من الحبوب المهمة المستخدمة كمصدر غذاء رئيسي للعديد من الشعوب والثقافات الاجتماعية المختلفة حول العالم. وهو من بين أول النباتات التي عرفها الإنسان في جنوب شرق تركيا فيما يعرف بالهلال الخصيب قبل 9500 سنة. وإنتاج القمح وسهولة تخزينه لاستهلاكه فيما بعد، من العوامل الأساسية التي أسهمت في بروز المجتمعات المدنية في بداية الحضارة. ويتألف القمح من عدد من الفصائل، التي تكوِّن الحنطة المعروفة بالقمح. ويوفر القمح أكبر كمية من الغذاء لأكبر شريحة من الناس في العالم بالمقارنة مع أي نوع من أنواع الأطعمة الأخرى، حيث يوفر بين 40 إلى 60% من السعرات الحرارية في الطعام في الدول الغنية. وهو الوحيد القادر على إنتاج الخبز المنفوخ، نظراً لاحتوائه مادة كافية من الغلوتين. كما يتفوق القمح، الذي تتم زراعته على نحو تجاري في 120 بلداً حول العالم، على الحبوب الأخرى في عمل أنواع كثيرة من الأطعمة. والقمح غني بالكربوهيدرات المهمة لتوفير الطاقة للجسم، التي تشكل 80% من محتوياته، بجانب نسبة تتراوح بين 9 إلى 15% من البروتين. كما يحتوي على فيتامينات مهمة مثل، فيتامين (B)، بالإضافة إلى أنه غني بالكالسيوم والحديد والمغنيزيوم والبوتاسيوم وغيرها من العناصر المهمة التي تسهم في الصحة العامة للإنسان. ولا يقف القمح عند غذاء الإنسان، بل يستخدم أيضاً كعلف للحيوانات سواء كان حبوباً أو نخالة. وكلما كانت حبة القمح قاسية، زادت نسبة البروتين في الدقيق. وكلما كانت لينة، قلت نسبة البروتين، النوعية التي تستخدم لعمل الكيك والبسكويت والمعجنات. ويستخدم القمح القاسي ذو النسبة العالية من البروتين، في صناعة الخبز، بينما تستخدم النوعية الصلبة عالية الغلوتين، في إعداد المعكرونة والشعيرية. ويستخدم الغولتين المستخرج من القمح، في قطاع صناعة الأدوية لإنتاج الكبسولات وكذلك في صناعة الورق المطلي. ويعتبر جنين القمح، مصدراً غنياً لفيتامين (E)، فضلاً عن حمايته لأنسجة الجسم من التلف. ومن ضمن فوائد جنين القمح والنخالة، خفض نسبة الكوليسترول في الدم، ومحاربة سرطان القولون، ومنع الإمساك، والمساعدة في تخفيف الصدمات القلبية، والحماية من أمراض القلب وتحسين الهضم. ويتسم كذلك، زيت بذرة القمح بالعديد من الفوائد الصحية، حيث أنه مضاد للأكسدة ويساعد على هضم الدهون وغني بفيتامين (E)، لكن لا يخلو القمح من الآثار الجانبية، خاصة لمن يعانون أمراض سوء الهضم. وتشكل الكربوهيدرات 80% من مكونات القمح، ما يجعله واحداً من المصادر الهامة للطاقة. ويتم إنتاج الإيثانول الحيوي من الكربوهيدرات، التي يتم تحويلها إلى سكريات بعد تخميرها وتقطيرها لعمل الإيثانول. وبالمقارنة مع أنواع الوقود الحيوي الأخرى المشتقة، يتميز الايثانول بقلة انبعاثاته الكربونية وترشيده للطاقة وتحسين نوعية الهواء ومن ثم الصحة العامة. ويعتبر دقيق القمح، من أكثر أنواع الدقيق السائدة في عمل المعجنات. وتوجد أنواع عديدة من هذا الدقيق، يتم تصنيفها حسب نسبة تركيز الغلوتين. والغلوتين، هو البروتين الطبيعي للقمح المسؤول عن تكوين شكل المواد المخبوزة. ومن ضمن هذه الأنواع، الدقيق القوي، المعمول من أنواع القمح التي تتميز بارتفاع نسبة البروتين، ما يجعلها تحتوي أيضاً على كمية كبيرة من الغلوتين، بينما يسمى الدقيق المطحون من القمح اللين، بالدقيق الضعيف الذي يحتوي على نسبة أقل من الغلوتين. أما دقيق كافة الأغراض، فهو يحتوي على نسبة متوسطة من الغلوتين لا تزيد عن 12%، ما يجعله مناسباً لعمل سلسلة واسعة من المعجنات، من الخبز المقشور إلى الكعك والمعجنات. ودقيق الخبز، هو النوع القوي، ما يعني احتوائه على نسبة عالية من الغلوتين تتراوح بين 13 إلى 14%. ويستخدم هذا النوع بجانب عمل الخبز في، الخبز المقشور وأقراص الخبز وعجينة البيتزا وغيرها. ويحتوي دقيق الكيك، المعمول من القمح اللين، على نسبة قليلة من الغلوتين ويميل لونه للبياض. ويتميز دقيق المعجنات، بقوة أكثر نسبياً من تلك التي تميز دقيق الكيك ويمكن استخدامه لإعداد البسكويت وعجين الخميرة والكعك والفطائر وغيرها ويميل لونه للأبيض الفاتح. ويشتمل دقيق القمح الكامل، على نوعين، 100% دقيق قمح كامل ودقيق القمح الكامل الأبيض. ويُعد النوع الأول من، حبوب القمح الأحمر المقشرة، حيث يتميز بالمزيد من الألياف ومواد أخرى مغذية. ويستخدم دقيق القمح الكامل، في صناعة الخبز الثقيل والمواد المخبوزة ويتميز بقصر أجله على الرف بالمقارنة مع دقيق كافة الأغراض. والقمح هو واحد من الحبوب الغذائية المستهلكة على نطاق واسع حول العالم، ما يجعله من أهم المنتجات الزراعية التي يتم تداولها بين البلدان. وعادة ما تتم زراعة القمح للحصول على حبوبه. ويتحتم على مزارعي القمح في العصر الحالي، الاستمرار في مراقبة التربة والمناخ والعوامل البيئية التي تسهم في المحافظة على صحة النبات. كما على المزارعين أيضاً، محاربة الآفات والأعشاب الضارة والأمراض. ومن الضروري، تطبيق نظام الدورة الزراعية وعدم إجهاد التربة. وقلة الحرث، من طرق حصاد القمح التي لا توفر الوقت والمال فحسب، بل ذات فائدة أكبر للبيئة أيضاً. وبلغ إنتاج القمح العالمي في موسم 2016، نحو 749 مليون طن متري. واقتصر الإنتاج العالمي للقمح في موسم 2014، على أربع دول فقط، الصين والهند وروسيا وأميركا بسعة إنتاجية تقدر بنحو 126,2 مليون طن، تتقدمها الصين. وفي موسم 2016/2017، يقدر إنتاج الاتحاد الأوروبي من القمح، بنحو 145,7 مليون طن والصين 130 مليون طن والهند 87 مليون طن وروسيا 72,5 مليون وأميركا 62,8 مليون وأستراليا 35 مليون طن، بينما كندا 31,7 مليون طن. وارتفعت تقديرات الإنتاج العالمي للقمح لموسم 2017/2018، بأرقام قياسية جديدة بفضل وفرة الإنتاج في كل من الأرجنتين ومولدوفا وأوكرانيا، حيث ناهز 757 مليون طن. وبلغ استهلاك العالم من القمح في ذات الموسم، 741 مليون طن. ومن المتوقع ارتفاع واردات إندونيسيا وانخفاضها للهند والاتحاد الأوروبي، بينما ترتفع في الأرجنتين وكندا وباكستان وروسيا. وتراجع المخزون العالمي من القمح، بالمقارنة مع العام الماضي، إلا أنه ظل مستقراً في شهر فبراير المنصرم. كما من المتوقع، ارتفاع معدل تجارة القمح، بيد أنها دون الرقم القياسي الذي تم تحقيقه في العام الماضي. وتقدر صادرات القمح العالمية في 2016، بنحو 36,3 مليار دولار، بانخفاض كلي قدره -25,7% على مدى فترة الخمس سنوات التي بدأت في 2012، عندما بلغت صادرات القمح العالمية 48,8 مليار دولار. وبالمثل، تراجعت قيمة صادرات القمح العالمية بنحو -6,4% من 2015 إلى 2016. وشكلت الدول الأوروبية، أكبر قيمة من صادرات القمح خلال 2016، حيث بلغت صادراتها من الدقيق والمنتجات الأخرى، 19,3 مليار دولار إلى 33 مليون طن متري أو ما يساوي 53,3% من جملة صادرات العالم من القمح. وتعتبر روسيا التي كانت تستورد القمح من أميركا قبل أربعة عقود، أكبر دولة لتصديره الآن في العالم، حيث بلغت صادراتها 24,5 مليون طن متري في موسم 2015/2016. وبوصفها تحتضن اثنين من أكبر الدول المصدرة للقمح أميركا وكندا، تشكل أميركا الشمالية 28,3% من الصادرات العالمية. وتم خلال شهر فبراير الماضي، خفض تقديرات صادرات أميركا للسنة التسويقية يونيو إلى مايو، بنحو 680 ألف طن متري إلى 25,9 مليون طن. وتغير موقف أميركا التنافسي للقمح في السنة الماضية، حيث تراجعت المساحة المزروعة وعائدات المحصول، لأدنى درجة منذ 15 سنة في الموسم الحالي 2017/2018. وبتمثيلها لمنطقة أوقيانوسيا، تمثل أستراليا نحو 10% من الصادرات العالمية للقمح. أما أميركا اللاتينية باستثناء المكسيك وبجانب الكاريبي، فتشكل 6,2%، بينما تذهب 2,2% من نصيب الدول الآسيوية ونحو 0,1% لدول أفريقيا. وعودة إندونيسيا المفاجئة للسوق العالمية، واحدة من العوامل الأساسية التي قادت لزيادة الحصص الآسيوية. وأعلنت وزارة الزراعة في يناير الماضي، عن عدم حاجتها للواردات في العام الجاري، نظراً للمخزون الكافي من محصول القمح. وتعتبر إندونيسيا، ثالث أكبر منتج للقمح في العالم بنحو 37 مليون طن سنوياً. وظلت الصين ولعدد من السنوات، من أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم، إلا أن صادراتها أصبحت تشكل في الوقت الحالي تأثيراً متصاعداً على الأنماط التجارية. وتستحوذ الصين حالياً، على 10% من واردات القمح العالمية لتشكل سوقاً رائجة للدول المصدرة المجاورة لها. لكن انتعشت صادرات الصين من القمح في العام الماضي، ساعدها في ذلك انخفاض أسعارها وشحنات المحصول القديم لأفريقيا. وبصرف النظر عن الإنتاج الغزير، إلا أنه من المتوقع استمرارها في الاستيراد نتيجة انخفاض أسعار السلعة المستوردة من البلدان المجاورة. وبروز بورما «ميانمار»، كواحدة من مصادر إمدادات القمح الرئيسية، زاد من حدة المنافسة بين الدول المصدرة في جنوب شرق آسيا. واتخذت موقعها كلاعب أساسي في صادرات القمح العالمية، التي زادتها بأكثر من الضعف، بالمقارنة مع العام الماضي. ومن المرجح، زيادة صادراتها هذا العام إلى 3,3 مليون طن متساوية مع أميركا. ومن بين أسرع الدول ارتفاعاً في تصدير القمح منذ 2012، بولندا بنحو 158% ورومانيا 82,3% والمملكة المتحدة بنحو 22,7% وجمهورية الشيك بنحو 15,7%. وفي المقابل سجلت بعض الدول تراجعاً في صادراتها مثل، كازاخستان بنحو -57,2% وأستراليا -46,9% والأرجنتين -36,7% وأميركا بنحو -34,4% وفرنسا بتراجع قدره -33,3%. تعتبر الحشائش الطفيلية، من أكثر المشاكل التي تواجه زراعة القمح، حيث تنافسه على الضوء والمواد المغذية والماء، بجانب العقبات التي تشكلها أثناء عمليات الحصاد. ومن الصعب للغاية، نظافة الحبوب التي تخلفها هذه الحشائش من القمح عند وقت الحصاد، ما يسبب تردي نوعيته. وتتعدد طرق محاربة هذه الحشائش، إلا أن أفضلها مبيدات الأعشاب. تتجاوز المساحة التي يغطيها القمح، أي محصول غذائي أخر، كما أن تجارته العالمية، تزيد عن تجارة كافة المحاصيل الأخرى مجتمعة. ويتزايد الطلب العالمي للقمح، نظراً لخصائص اللزوجة واللصق لبروتينات الغلوتين، التي تساعد في إنتاج الأغذية المعالجة، ذات الاستهلاك الواسع حول العالم. ونجح مزارعو العالم حتى الآن، في الإيفاء بطلب القمح المتصاعد، ألا أن الموارد الطبيعية المتوفرة، تخضع لضغوطات شديدة. ومن المتوقع بحلول 2030، زيادة عدد سكان العالم بنحو الثلث، ليكمن التحدي في توفير غذاء لنحو ملياري نسمة، من ذات الكمية المتوفرة في الوقت الحالي من الأراضي والمياه. لكن رغم كل ذلك، سيظل القمح مصدر الغذاء الأول لسكان المعمورة فقيرهم وغنيهم على حد سواء، طالما أن منتجاته خاصة الخبز حاضرةً في معظم الوجبات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©