الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الرضا عن الذات.. سلبي أيضاً

10 مارس 2018 22:03
«الجدل حول الاقتصاد العالمي، مثل معارضة الطقس. سيستمر سواء أحببت أم كرهت» جون ماكين، سياسي أميركي بارز تستطيع أن تقول كل شيء عن الاقتصاد العالمي، ويمكنك أيضاً ألا تقول شيئاً عنه. تستطيع أن تعترض وتهاجم، ويمكنك أيضاً أن تهادن وتسالم. النتيجة واحدة، الاقتصاد العالمي ماض في طريقه، يزدهر مرة، ويغوص إلى القاع مرات. هل يمر بدورات؟ بالتأكيد، ولكن غالبية هذه الدورات ليست مضمونة. عندما انفجرت الأزمة الاقتصادية العالمية الكبرى عام 2008، قال «الملهمون» الاقتصاديون، إنهم لم يتوقعوها، بينما كانت كل الإشارات تدل عليها! وبالمحصلة، فإن هذه الأزمة - بحسب «الملهمين»- لا تحدث إلا مرة كل مائة عام. لكن مهلاً، هل كانت أزمة المائة عام السابقة أكبر من الأخيرة؟ الجواب الفوري هو لا كبيرة وكبيرة جداً. فداحة الأزمات (أي أزمات) تمكن دائماً في اندهاش المختصين من قوتها! بعد عشر سنوات من هذه الأزمة -المصيبة، بدأ التعافي الاقتصادي يظهر على الساحة العالمية، من دون أن يغيب عنا أن هناك مظاهر كثيرة على هذه الساحة، لا تبشر بتعاف كبير أو على الأقل بمستوى مرض. منها مثلاً التضخم المنخفض، والنمو الضعيف المتوقع، والأهم التعافي غير المتكافئ. وكل ذلك يؤثر على النمو الذي يمثل في النهاية المؤشر الأبرز والأقوى للتعافي. ليس غريباً أن يكون التعافي من أزمة ماحقة بهذا المستوى الضعيف. لكن الغريب، أنه تنتشر في الأجواء علامات «الرضا» عن الذات، بتحقيق هذا «التقدم»! والرضا عن الذات فيه من الإيجابيات ما فيه من السلبيات أيضاً، خصوصاً عندما يكون الإنجاز ناقصاً أو جزئياً أو شكلياً. كما أن الرضا عن الذات لا بد أن يسبقه رضا عام عليه، وهذا ليس موجوداً رغم كل عمليات التجميل. صندوق النقد الدولي، يرى (وهو محق) أن الإصلاحات الهيكلية التي يصعب تنفيذها في الأوقات العصيبة، تكون أيسر كثيراً في أوقات أفضل، لأن التوقعات أقوى. وهذا يعني أن الأوقات الراهنة ملائمة للمضي قدماً بهذه الخطوات. والإصلاحات الهيكلية لا تزال بعيدة عن الساحة العالمية، بصرف النظر عن الإجراءات المهمة التي اتخذتها الحكومات بهذا الصدد. المصيبة هنا، أن المعايير السياسية هي التي تحكم التحرك باتجاه الإصلاحات الكبرى. كل الحكومات (باستثناء فرنسا وكندا) في البلدان الكبرى ضعيفة إلى درجة أنها تخشى أن تطرح مشروعاً لتوسيع مطار في وقت غير مناسب، فكيف الحال بإصلاحات اقتصادية هيكلية؟! الجميع يعرف أن الإصلاحات (أياً كانت) ليست شعبية، وهنا مكمن الخوف الحكومي منها، والرعب طرحها في أوقات الضعف السياسي. في كل الأحوال، هناك إجازات تحققت بالفعل، لكنها ليست كافية، لا سيما مع وجود بلدان تخلفت عن الركب حقاً في عملية التعافي. سيكون هناك وقت طويل لإطلاق الحكومات إصلاحات اقتصادية جذرية، ربما لعقد آخر من الزمن. المهم الآن ألا ترضى هذه الحكومات عن نفسها تماماً. فالرضا الحقيقي هو ذلك الذي يتحدث عن نفسه، لا أن يتحدث عنه سياسيون غير محايدين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©