الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيارة لي··· انطلاقة سيؤول و واشنطن الجديدة

زيارة لي··· انطلاقة سيؤول و واشنطن الجديدة
21 ابريل 2008 01:04
تشكل الزيارة التي قام بها هذا الأسبوع الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية ''لي ميونج باك'' إلى الولايات المتحدة فرصة نادرة لإعادة العلاقات الكورية الأميركية إلى مسارها الصحيح، فقد عبر ''ميونج باك'' الذي حقق نصراً حاسماً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة المنعقدة في شهر ديسمبر الماضي عن آراء تتطابق مع المصالح الأميركية، لا سيما فيما يتعلق بالتحالف الأمني، واتفاقية التبادل التجاري بين البلدين، فضلا عن سياسة بلده تجاه كوريا الشمالية، ويضاف إلى ذلك أن قوة الرئيس الكوري تعززت أكثر بعدم النصر المهم الذي أحرزه حزبه في الانتخابات التشريعية التي عقدت مطلع شهر أبريل الجاري، ويبقى السؤال هو ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للاستفادة من هذا التقارب الحاصل في الرؤى والمواقف؟! فعلى مدار الثماني سنوات الأخيرة اتسعت الثغرة في التصورات بين سيؤول وواشنطن، واختلفت في الكثير من الأحيان أهداف البلدين خلال المباحثات السداسية لنزع سلاح كوريا الشمالية· ففي الوقت الذي كانت فيه الحكومات التقدمية في كوريا الجنوبية تشجع التعايش السلمي مع جارتها الشمالية، وتحرص على نوع من الإشراك حتى لو كان غير متبادل من قبل الشمال، سعت إدارة الرئيس ''بوش'' إلى عزل ''بيونج يانج'' والضغط عليها للتخلي عن تطلعاتها النووية، كما أنها لم تخفِ طموحها بتغيير النظام في كوريا الشمالية، وعندما قررت ''واشنطن'' سحب قواتها العسكرية من مقرها في العاصمة سيؤول في العام 2003 اعتقد الكثير من الكوريين الجنوبيين أن الأميركيين يريدون إبعاد جنودهم عن نطاق مدفعية كوريا الشمالية، وللحظة بدت كوريا الجنوبية أيضا في عهد الرئيس ''روه مو هيون'' وكأنها تريد أن تعلب دور الوسيط بين القوى الرئيسية في جنوب شرق آسيا، وبينما كانت الولايات المتحدة منشغلة حينها بمشاكل الشرق الأوسط بدأ العديد من المسؤولين الأميركيين في التساؤل عن مستقبل التحالف الأميركي الكوري وقدرته على الاستمرار في وقت كانت سيؤول تستبعد فيه الخطر الكوري الشمالي، في حين اعتبرته واشنطن تهديداً نووياً محدقاً بالجميع· لكن اليوم يأتي قائد جديد على رأس كوريا الجنوبية اشتهر بالصلابة وبتبنيه للمحافظة البراجماتية وبرغبته في تصحيح ما سماه بالأولويات المختلة في العلاقات الأميركية الكورية، وهذا ما يبديه الرئيس الكوري الجنوبي من تصميمه على إعطاء الأولوية في سياسته الخارجية للتحالف الأميركي الكوري، وفرض نوع من الاستجابة التبادلية على كوريا الشمالية، ثم رهن أي تنازلات اقتصادية لـ''بيونج يانج'' بتخليها عن أنشطتها النووية، وأخيرا البحث عن دور عالمي لبلاده، وإذا كانت واشنطن ترحب بالأوليات التي سطرها الرئيس الكوري الجنوبي يبقى السؤال في مدى فاعلية الولايات المتحدة وقدرتها على ترجمة الأهداف المشتركة إلى نتائج ملموسة، لا سيما وأن هناك ثلاثة تحديات كبرى قد تعيق تحقيق تلك الأهداف· أولا لا بد من الإقرار بأن المباحثات الثنائية مع ''بيونج يانج'' وإن كانت تساهم في حلحلة الملف النووي بطريقة سلمية، إلا أنها أيضا تنطوي على بعض الخطورة، فالعلاقات مع اليابان توترت بعدما اشتكى مسؤولون في طوكيو من ''خيانة'' أميركية بتحاورها مع كوريا الشمالية، لا سيما وأن النظام في ''بوينج يانج'' سعى إلى توظيف المباحثات السداسية لإحداث انقسام في المواقف بين الولايات المتحدة وحلفائها في جنوب شرق آسيا، وإذا كان قلق كوريا الجنوبية في السابق منصباً على الطريقة القاسية والمتهورة التي قد ترد بها أميركا على المشروع النووي لجارتها الشمالية، فإن الحكومة المحافظة الجديدة في سيؤول قلقة اليوم أكثر من احتمال إذعان الولايات المتحدة للأنشطة النووية لكوريا الشمالية؛، والواقع أنه لا يمكن احتواء البرنامج النووي لـ''بيونج يانج'' ناهيك عن القضاء عليه، دون تعاون وثيق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية· التحدي الثاني لتفعيل التحالف الكوري الأميركي هو استكمال التصديق على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وفي هذا الإطار أبدى الرئيس ''ميونج باك'' استعداده لاستئناف استيراد اللحوم الأميركية، وهي خطوة ضرورية لإقناع الكونجرس بالمصادقة على الاتفاقية، لكن مع الأسف يتملق المرشحون الديمقراطيون في الانتخابات الرئاسية لجماعات المصالح المرتبطة بالتجارة الخارجية، وهو أمر قد يندمون عليه لاحقاً، والحقيقة أن الطرفين معاً سيستفيدان من التجارة الحرة، ذلك أن الصادرات الأميركية سترتفع وتيرتها إلى كوريا الجنوبية، كما أن هذه الأخيرة سينفتح اقتصادها على الاستثمارات الخارجية ويصبح أكثر تنافسية، لذا من الضروري التسريع بالمصادقة على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، لأن أي فشل في تحقيق ذلك سيقود إلى انتكاسة استراتيجية في الشراكة التي تجمع الطرفين· أما التحدي الثالث والأخير الذي يواجهه البلدان، فيتمثل فيما إذا كانت المسارات السياسية في أميركا وكوريا الجنوبية ستفترق مجدداً، فعلى مدى السنوات الثماني الأخيرة قادت الولايات المتحدة حكومة محافظة، فيما كانت سيئول تحت حكم إدارة ليبرالية، لكن نجاح الرئيس المحافظ الحالي في كوريا الجنوبية يتزامن هذه المرة مع ترجيح استطلاعات الرأي لصعود رئيس ديمقراطي يسير في الاتجاه المعاكس، لذا فإن التقارب الأخير في الأهداف الأميركية الكورية الذي عبرت عنه زيارة الرئيس ''ميونج باك'' إلى الولايات المتحدة قد يكون مجرد لحظة عابرة، ومع ذلك تعتبر المصالح المشتركة بين البلدين مثل توسيع التجارة وتحديث التحالف العسكري، ومقاربة كوريا الشمالية باستراتيجية مشتركة لنزع سلاحها النووي أكبر من أي سياسات حزبية ضيقة· مايكل آرماكوست-كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©