الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنمية بوصفها عملية تشاركية ومتواصلة

التنمية بوصفها عملية تشاركية ومتواصلة
31 مارس 2010 19:52
حظي موضوع التنمية المستدامة عالميا باهتمام كبير منذ العقد الأخير من القرن الماضي، وكان إنشاء لجنة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي قامت بوضع قائمة بمؤشرات تلك التنمية اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا ومؤسساتيا بمثابة تتويج لهذا الاهتمام. وفي كتابه “التنمية المستدامة: دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا” يحاول الباحث نوزاد عبدالرحمن الهيتي تقديم تعريف جامع لمفهوم التنمية المستدامة الذي يعني الحفاظ على قاعدة الموارد الطبيعية وإدارتها بشكل يخدم عملية التنمية وتغير أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامين والحدّ من التلوث البيئي ومحاربة الفقر وخلق فرص عمل متزايدة ومراعاة حق أجيال المستقبل بتلك الثروات. يتناول الباحث الإطار النظري للمفهوم عبر تقديم عرض تاريخي له، كما جاء في الوثائق العالمية قبل ظهوره رسميا، إضافة إلى الوقوف على معناه ودلالاته والقمم العالمية التي عقدت لهذه الغاية. كما يتناول عناصر التنمية المستدامة وتحديد مؤشرات تلك التنمية التي أقرتها قمة الأرض في البرازيل عام 1992 ومفهوم استراتيجية التنمية بوصفها عملية منسقة وتشاركية ومتواصلة من الأفكار والأنشطة التي تعتمد لتحقيق أهدافها المختلفة بطريقة متوازنة ومتكاملة على المستويين الوطني والمحلي. أبعاد اجتماعية وفي ضوء هذه الإحاطة الشاملة بالمفهوم والاستراتيجية، يكشف عن الاهتمام الخاص لدولة الإمارات منذ قيامها بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المتصلة بموضوع التنمية المستدامة من خلال إنشاء المؤسسات والأجهزة الحكومية التي تتولى وضع البرامج والسياسات التي تحقق هذه الأهداف. وينتقل في دراسته من الإطار النظري العام إلى البحث في واقع التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال مجموعة من المؤشرات، تأتي في مقدمتها المؤشرات الاقتصادية التي ترتكز كما يرى على عدد من المؤشرات الأخرى يأتي في طليعتها مؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الذي شهد منذ عام 2006 تحسنا ملحوظا، فبلغ 38 ألف دولار متوسط دخل الفرد. وقد ترافق ذلك مع النمو الموجب الذي طرأ على الناتج المحلي الإجمالي. وهناك مؤشر حصة الاستثمار في الناتج المحلي الإجمالي والميزان التجاري للسلع والخدمات ونسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي، والتي شهدت هي الأخرى انخفاضا في الفترة الأخيرة، إضافة إلى المساعدة الإنمائية الممنوحة للأفراد. ومن المؤشرات الأخرى التي يتناولها الباحث في الدراسة مؤشرات أنماط الاستهلاك والإنتاج في مجال استخدام الطاقة التي تتمثل مؤشرات استخدامها في أمرين اثنين، هما نصيب الفرد من الاستهلاك السنوي، وكفاءة هذا الاستخدام، حيث شهد استهلاك الفرد ارتفاعا ملحوظا يعود في أسبابه إلى اعتماد اقتصاد الإمارات على صناعة كثيفة الاستهلاك للطاقة، فضلا عن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي إلى جانب الظروف المناخية، وعمليات تحلية مياه البحر ما جعلها تسجل أعلى معدلات نصيب الفرد من استهلاك الطاقة التجارية في العالم. ويتناول المؤشرات الاجتماعية من خلال مؤشر العدالة الاجتماعية التي يمكن الوصول إليها عبر معرفة النسبة المئوية للسكان دون خط الفقر، والتي تشير المؤشرات إلى أن لا وجود لظاهرة الفقر في دولة الإمارات العربية المتحدة نظرا لوجود شبكات الأمان الاجتماعي، وكذلك عبر معدل البطالة الذي تبين الأرقام أنه منخفض مقارنة مع معدل البطالة عالميا. أما على مستوى الصحة فيمكن الاستدلال عليه من خلال معرفة مستوى التغذية عند الأطفال وعدد الوفيات ومتوسط العمر المتوقع عند الولادة إضافة إلى دراسة مدى توفر مياه الشرب والمرافق الصحية باعتبار أن توفر تلك المياه يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية البشرية. ويبيِّن تقرير التنمية البشرية أن مياه الشرب الصالحة في الإمارات تتوفر بنسبة 100% في حين أن خدمات الرعاية الصحية تتحقق بنسبة 100% أيضا. أما على مستوى التحصين ضد أمراض الطفولة المعدية، فإن دولة الإمارات العربية تتخطى نسبة التحصين فيها مثيلاتها في الدول النامية. وينتقل في الفصل الثالث من الكتاب لدراسة تحديات التنمية المستدامة في دولة الإمارات وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية التي تشمل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتحديات التنويع الاقتصادي، بعد أن أصبح النفط يشكل النسبة الكبيرة من الناتج المحلي ما يتطلب العمل على التنويع في مصادر الدخل من خلال التنويع في القاعدة الاقتصادية. وتتمثل التحديات الاجتماعية في تحديات التركيبة السكانية الناجمة عن دخول أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية الماهرة وغير الماهرة، وكذلك في ضعف المشاركة التنموية للمرأة في القطاعات الإنتاجية في حين تتبدى التحديات البيئية في فقر وندرة موارد المياه والتصحر وتدهور الأراضي وتصاعد معدلات انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون. تحديات مؤسسية أما التحديات المؤسسية، فهي تكمن في ضعف مدخلات البحث والتطوير. لكن ثمة جهودا تبذلها دولة الإمارات لمواجهة تلك التحديات، يعرض لها في الفصل الرابع فيرصد تلك الجهود لتحقيق التنمية المستدامة، كما هو الحال في العمل على تطوير التشريعات وإنشاء المؤسسات المختصة التي تكفل تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية، وتحسين مستوى معيشة الفرد وتحقيق العدالة الاجتماعية. ومن المؤسسات التي يذكرها الباحث إنشاء عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية والمجالس التي تتولى وضع استراتيجية للتنمية المستدامة، إضافة إلى إصدار التشريعات المتعلقة بهذا الشأن. كما يقدم تعريفا بالمبادرات التي تحققت من أجل التنمية المستدامة كما هو الحال في إنشاء مدينة دبي للإنترنت ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للتنمية الإنسانية، إضافة إلى مبادرة مصدر لإرساء دعائم قطاع اقتصادي جديد لتحويل أبوظبي إلى مقر لتصدير التكنولوجيا ومبادرة المباني الخضر. وفي النهاية يتناول بالتعريف دور دولة الإمارات في الجهود الدولية لتحقيق هذه التنمية سواء على مستوى التوقيع على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية والإقليمية، أو على صعيد المبادرات والإعلانات البيئية أو الجوائز التي تشجع على تحقيق التنمية المستدامة عالميا حيث تحظى تلك السياسة بتقدير عالمي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©