الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ظاهرة تثير اهتمام المسيحيين والمسلمين

ظاهرة تثير اهتمام المسيحيين والمسلمين
31 مارس 2010 19:55
في ديسمبر عام 2009 امتلأت القاهرة بأحاديث عن ظهور السيدة العذراء في بعض الكنائس، تحديداً في شبرا والزيتون وعزبة النخل، وقال البعض إنهم رأوا نوراً مبهراً ينطلق من أحد أبراج كنيسة شبرا، وقال آخرون إنهم شاهدوا سرباً من حمام أبيض ينطلق في الثالثة فجراً من إحدى الكنائس، عشرات الألوف وقفوا في الشارع طوال الليل يرقبون ظهور العذراء، التقديرات ذهبت الى أن حوالي 100 ألف مواطن وقفوا يرقبونها منهم المسيحي والمسلم. الكاتب محمود صلاح شغل رصد هذه الظاهرة في كتابه “حقيقة ظهور العذراء” وهذا الظهور متكرر في مصر، حدث في عام 1968 بكنيسة الزيتون، واعتبر بعض المثقفين وقتها الاعلان عن ظهورها رد فعل لنكسة 1967 واتجاه عام نحو توجيه المجتمع نحو الرؤية الدينية، خاصة إن الخبر كان “مانشيت” جريدة “الأخبار” وقتها، وانطلقت شائعة بأن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ذهب في سيارة مع نائبه حسين الشافعي وصعد الى أحد البيوت ليراقب بنفسه ظهور السيدة العذراء، كان ذلك في مايو 1968 وبعدها كانت الكنيسة المصرية تحتفل بمرور 19 قرناً على استشهاد مرقس الرسول وحضر الاحتفال الرئيس عبدالناصر وامبراطور اثيوبيا هيلا سيلاسي، بالإضافة الى عدد كبير من الشخصيات الدولية وأمامهم أكد الأنبا كيرلس السادس حقيقة ظهور العذراء وردد وقتها بعض المسيحيين أن ظهور العذراء كان تعبيراً عن شفافية وروحانية الأنبا وقال بعضهم إن ظهورها كان نبوءة بوفاته. لكن ظهور السيدة العذراء تكرر بعد ذلك، وحدث في أسيوط عام 2000 ففي صباح يوم 17 أغسطس كان كهنة كنائس أسيوط يصعدون الى الجبل أعلى قرية درنكة ليحتفلوا كعادتهم كل سنة بصوم العذراء وهو احتفال يقام بدير العذراء بالجبل، وكان هناك آلاف من المسيحيين جاءوا من انحاء مصر ليشاركوا في العيد، وأخذ الوافدون يتهامسون بأن السيدة العذراء ظهرت على قباب كنيسة مار مرقس الرسول في مدينة أسيوط، وارتفع الهمس وتحرك عشرات الآلاف من مسلمين ومسيحيين يرقبون ظهور السيدة العذراء وتوجهت وكالات الأنباء العالمية ومراسلو الصحف من كل مكان يتابعون المشهد وتبين أن شغف المسلمين لا يقل عن شغف المسيحيين بظهور السيدة العذراء. وظهور السيدة العذراء أو الحديث عن ظهورها تكرر في مصر وفي خارجها، فهناك حوالي 200 ظهور لها خلال القرن العشرين في أماكن مختلفة من العالم، خاصة في أوروبا لكن الملاحظ في مصر أن الظهور يكون قاصراً على السيدة العذراء فقط، اما خارج مصر فتظهر العذراء ويظهر كذلك بعض القديسين، وقد اختلف المحللون والباحثون في ذلك، وفي مصر من يقول إن الظهور يتم ترتيبه مع بعض الجهات الرسمية لتشغل الرأي العام عن بعض المشاكل والأزمات الطارئة وهناك بعض خبراء الاجتماع وعلماء النفس يؤكدون أن الظهور يلبي احتياجاً نفسياً وروحياً لدى المجتمع المأزوم، ولذا لم يكن غريباً أن يعلن عن ظهور السيدة العذراء بعد هزيمة 1967 وبعد الصدام الطائفي في مصر عام 2000 أو عام 2009. وهناك من يرفض ذلك التفسير بإصرار ويؤكد الظهور وان تجلي السيدة العذراء حقيقة لا شك فيها وانها تظهر لتأكيد وجود عالم الروح وان العالم المادي لا يجب ان يكون هو المسيطر علينا والمحرك لنا كأفراد أو كمجتمع. في مصر هناك عدة ملاحظات فالسيدة العذراء موضع احترام وتبجيل من المسلمين والمسيحيين على السواء وتوجد سورة باسمها في القرآن الكريم وفي سورة آل عمران يقول الله تعالى “وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين” (صدق الله العظيم)، ولذا فإن ظهورها سوف يكون موضع ترحيب من المصريين جميعا ولعل هذا ما يفسر انها وحدها من بين الشخصيات المسيحية التي تظهر في مصر، ولم يتحدث أحد عن ظهور السيد المسيح لأن الشعور العام في مصر لا يقبل ذلك بالنسبة للانبياء عموما كما لم يعلن في مصر عن ظهور بعض القديسين، كما هو الحال في اوروبا مثلا، ولعل البابا شنودة كان مدركا كل هذا حين تحدث عن ظهور السيدة العذراء في نهاية عام 2009 فقد قال “ظهور العذراء بمناطق متعددة من القاهرة الكبرى في ذلك الوقت يؤكد ويعني ان السيدة العذراء حبيبة لنا وحبيبة لمصر التي جاءت اليها اثناء طفولة المسيح وقضت بها 3 سنوات ونصف السنة ولذلك فهي تشتاق الى مصر بين الحين والآخر فهي باركت أرضنا ومازالت تباركها بالظهور” وقال البابا شنودة ايضا “اذا كان الشخص لا يؤمن بالعذراء ولا بشفاعتها فالعذراء أيضا تمنعه من رؤيتها لأنه لا يستحق والشخص البسيط غير المعقد يستطيع ان يراها، اما المعقد فتمنعه عقده عن الرؤية”. والمعنى أن المسألة في المقام الأول نفسية وروحية، هناك من يتمنى أن يرى نورا سماويا في هذا العالم فيراه ويبصره حقيقة أو يتخيله، ويكون بالنسبة له حقيقيا اما من لا يقتنع بذلك فلن يكون بحاجة اليه ومن ثم لن يراه، ولن يهتم بالبحث عنه. والكتاب مليء بالكثير من التفاصيل المتباعدة، جمعها الكاتب بمهارة شديدة ورسم لوحة ممتعة للقارئ العادي وللباحث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©