الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كلماتنا ملأى بجثث الحقائق

كلماتنا ملأى بجثث الحقائق
31 مارس 2010 20:07
اعتاد العالم سنويا على التعرف على من شاء حظه أن يكون رجل الأدب لهذا العام بفوزه بجائزة “نوبل للآداب” التي تعد أهم تلك الجوائز الكثيرة التي تحمل هذا الاسم وتمنح لمن تفوقوا في مختلف مجالات الحياة، إلا أن الفائز بجائزة “نوبل للآداب” يعتبر الأكثر شهرة من بين الفائزين بالفروع الأخرى، وربما يعود هذا إلى أن الإبداع الأدبي من رواية وشعر ومسرح هو الأقرب إلى عامة الناس الذين يرون فيه صورتهم وصورة حياتهم اليومية، من هنا يهتمون بالفائز به بينما لا يهتم أحد بما يفوز بجائزة نوبل في الاقتصاد أو العلوم بمختلف فروعه من طب وفيزياء وغيرها فإن أسماءهم تظل محصورة شهرتها في مجال عمل هؤلاء. إلا اننا لم نتوقف لحظة لنتساءل حول صاحب هذه الجائزة “ألفريد نوبل”، والوطن الذي ينتمي إليه صاحب هذه الجائزة وأدب تلك البلاد التي تشهد سنويا دفع أدب من الآداب أو أديبا من الأدباء إلى الشهرة العالمية فنكاد لا نعرف عن الأدب السويدي شيئا يذكر، حتى أصبح يفكر البعض أن وطن “نوبل” بلا إبداع أدبي حقيقي، أو أن تلك الجائزة تكرم الأدباء الأجانب ولا تقدم للعالم أديبا بشهرة صاحب الجائزة “ألفريد نول” مخترع المفرقعات أو أديبا أجنبيا لا يكتب بلغتها ليتحدث باسم جميع من فازوا بالجائزة كل عام. من هنا تأتي أهمية كتاب “جوار بوابة الشعر” للمترجمين حسن الياسري وماريا ستيرمان اللذين تعاونا معا ليقدما لنا منتخبات من الشعر السويدي منذ القرن السابع عشر وحتى اليوم، والصادر عن “دار سنابل للكتاب” بالقاهرة في مائتي صفحة وبتقديم للشاعر العراقي عيسى الياسري. يقدم لنا هذا الكتاب ما يمكن اعتباره نواة حقيقية أولية للتعرف على الشعر السويدي، نستطيع أن نكّون من خلالها رؤية واضحة عن هذا المنجز الإبداعي الذي ولد على أرض تنقسم سنتها إلى عتمة قمة السماء ولألأة بياض ثلج الأرض الداكن، وسطوع شمس لا تدير ظهرها عن البيوت والأشجار والأحلام المختبئة تحت أهداب البحر، وشعر صبية تلهو به رياح “مايو” وهي تعبر أكثر من تلة متعجلة للقاء من تحب، طبيعة كهذي لابد وأن تنسج مكونها الفني والإبداعي بطرائق ذاتية تحمل خصائصها المتفردة والمبهرة. يتيح لنا المترجمان فرصة أن نلتقي بإبداع بكر لم تمتد له يد الترجمة المبدعة بكشوفاتها التي تضيء هذه الغابة الخلاّبة من الإبداع الإنساني الذي يتخذ له مناطق لا يمكن لأي إبداع آخر أن يقترب منها. ولم تستطع موجات الحداثة الغربية التي يقع هذا الإبداع عند تخومها أن تترك بصماتها العقلانية الجامدة على مجاورة هذا الشعر لأكثر مقترباته التصاقا بهموم الإنسان، والتوق إلى خلق مجرات أحلامه الذاتية التي تتخذ من أحلام الإنسان وتوقه إلى مملكة النور والدهشة جهة خاصة بها، وإذا لم يكن بمقدور الشاعر أن يخلق بقاعه التي يحب أن يعانقها على أرض الواقع فانه يلجأ إلى ضربات ريشة مخيلته وألوانها وتشكلاتها البديلة عن طبيعة تتصف بالقسوة في الكثير من فصولها حيث ينسج معادلها المغاير داخل مملكة الشعر. تبدأ هذه المنتخبات الشعرية بقصيدة “بين الأغصان الخضراء” للشاعر “جاكوب فريسي” (1690 ـ 1729) لتنتهي بقصيدة “رخصة” للشاعر “كلايس اندرسون” (المولود عام 1937) والتي تعد أطول قصائد المنتخبات حيث تتكون من عشرين مقطعا. من بين هذه القصيدة وتلك الأخرى يعيش القارئ متنقلا بين أشعار تنقل إليه المشاعر والتقاليد والحياة المعاشة في السويد. رخصة كلايس اندرسون * 1 يشع وجهك بحيوية ساعة تضحكين. وجميلة هي روحك ساعة تتحدثين. وخجولة أنت ساعة تحبين. 2 انك تنامين بعد عناء يوم عمل طويل. بينما التعب ونشرة الأخبار تبقيانني مستيقظا. أما أطفالنا فهم يبتسمون في نومهم بعد يوم مليء باللعب. 3 تقولين أن شيئا ما قد تحطم بين البشر. وان المياه قد تسممت تحت الأرض. وتقولين انه لابد من وجود شيء آخر يدل على الخوف والكراهية بدل الخوف والكراهية. 4 إنهم لم يحطمونا وأنت لست وحيدا فساعة يوجد شخصان وحيدان معا لا يمكن لأحدهما أن يكون وحيدا. 5 ما الكراهية سوى بؤس وما الحزن سوى فراغ إذا ما كان دون هدف وما الحب سوى يأس دون نور الصباح. ولكن أي قول هذا؟ 6 يوجد خلف كلماتنا مستودع مليء بجثث الحقائق. أما العنيدة منها فعادة ما تخرج بشكل منمق. كل ما وقع ولم نتمكن من التعبير عنه بالكلمات، تعود القصيدة لروايته. 7 لا يمكن رؤية ما يوجد بجوار المرء. فلا يمكن أبدا أن تلمح ما يوجد وراء حدقة عينيك. 8 ابعد احدهم الطيور. وهاهي آخر حبة ثلج تصرخ. ويدي بيدك. 9 بداية أن نحيا هي بداية أن نموت. فالموت يعيش في كل ما ينمو. وانه لشرط أن نحيا مع هذا. 10 نحلم بالكابوس نفسه وتوقظنا الصرخة ذاتها غير أن الصرخة تستمر ساعة يبتعد الكابوس. 11 اشعر بالدفء ساعة تتكلمين وأظل استمع إلى ذلك الدفء الذي يغلف كلماتك. 12 انه لمن السهل أن تصيب احدهم بالجنون بأخذ كل شيء منه ولكن الغريب في الأمر هو كيف يخلص نفسه من ذلك. 13 لو لم يكن يرى ذلك بعينيه لظن المرء بأن فمه يضحك ساعة ينفض عنه بقايا اللحم قبل كل برنامج تلفزيوني. 14 إننا نخاف من بعضنا ونصرخ ساعة نشاهد أنفسنا فلا احد يعرف ما الذي سنقوم به إذا ما كانت الفرصة مناسبة. 15 إذا ما كرهت، اخبرهم بذلك وإذا ما أحببت، اظهر لهم ذلك وان كنت لا تبالي فاحتفظ بذلك لنفسك. 16 إن طوقا من الحزن يلف العالم وطوقا يلف قلبينا. تتحول الطيور بين أيدينا إلى كومة أحجار فلا يمكنك قهر الظلم بزهرة. 17 أنا مصنوع من أحاسيسي وأنت مصنوعة من أحاسيسك إننا صنيعة أحاسيسنا. إنهم يظنون بأنهم على ما يرام. وان كل شيء يسير حسب ما خُطط له. 18 كن حذرا في كلماتك ساعة تصف للعمياء كم أن وجهها جميل وهي تصغي. 19 كن حذرا في كلماتك ساعة تصف للطرشاء كيف عم الهدوء ساعة انتهت من بكائها. 20 كانت تلك هي السنة التي هاجم بها الشتاء الربيع. يبدو جهاز المذياع وكأنه رشاش أوتوماتيكي في الصباحات الباردة. في الغرفة يوجد طفل باك وبالغون كأنهم تماثيل صبّت من الكراهية. لا تسألي من أين أتى الشتاء لا تسألي عن البكاء والكراهية لا تضيعي الوقت. * ولد كلايس اندرسون Claes Andersson في مدينة Helsingfors وعمل كطبيب نفسي لأمراض الشباب ما بين الاعوام 1965 ـ 1972. كان يعتبر ان كل انسان وكل بيئة هي كيان منفرد قائم بذاته. يتخلل شعره نوع من الحب الجديد كما وتسود العناصر الموسيقية قصائده. واضافة الى الانتاج الشعري فهو مترجم ايضا قام بترجمة الشعر الفنلندي الى السويدية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©