الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شقّ امرؤ حلقي.. لمزيد من الضحك!

شقّ امرؤ حلقي.. لمزيد من الضحك!
31 مارس 2010 20:10
شعر: آلده ميريني * ترجمة: محمد عيد إبراهيم طفل صغيري، لو وجدتَ طائرةً من خيالكَ فاربطها بذكاءِ قلبكَ، ستراها ترتقي فوقَ جنائنَ فاتنةٍ وأمكَ تصبح غرسةً تغطّيكَ بأوراقها، فاجعل يديكَ يمامتين بيضاويتين تجلبان السكينةَ في كلّ مكانٍ ويعمّ النظامُ كلّ شيءٍ، لكن قبلَ تعلّمِ الكتابةِ انظُر لنفسكَ في مياهِ الشُعورِ. أرض مقدّسة أحسنُ الشِعرِ مكتوبٌ على الحجرِ، على رُكَبٍ مقَرّحةٍ، بعقولٍ يشحذُها السرُّ. أحسنُ الشِعرِ مكتوبٌ قبل أن يحيطَ المذبحَ الفارغَ عملاءٌ بجنونٍ قدسيٍّ. هكذا أنتَ، مجنونٌ مجرمٌ، تُملي أبياتاً على البشريةِ، أشطُراً من ثورةٍ، ورؤى نبويةً، تصبح أخا يونسَ. لكن بالأرضِ الموعودة تَنبتُ شجرةُ تفّاحٍ ذهبيةٌ كأنها شجرةُ المعرفةِ فلن ينزل إليكَ الله أو يلعنكَ. لكنك تلعنُ أغنيتكَ ساعةً بعد ساعةٍ وقد تنزلُ دهليزَ الجحيمِ حيث تتنَسّمُ عُشبةَ الخلودِ التي تُنكركَ. صهٍ، يشطأ من الأرضِ عُشبٌ لذيذٌ، فلا تُداعب الوئامَ الرقيقَ لكلّ شيءٍ حيٍّ، والدَغْ مصيركَ لأن قلبكَ حزينٌ ولا ينسجمُ. صهٍ، أعشابٌ خضراءُ، فلا تنهض من الخنادقِ بنشيدٍ من نوركَ، والبَث تحتَ الأرضِ عارياً ضمنَ بذرتكَ، كما أفعلُ، لا تهِب كلمةً بُرعماً. مأثور يفتّشُ التحليلُ النفسيُّ عن بيضةٍ، في سلّةٍ فُقِدَت. أذوقُ الخطيئةَ كما كانت بدايةَ الكائنِ. لا أحبُّ النعيمَ فلا هواجسَ فيهِ. يغفر لي الله فهو لا يرى مني دائماً الدليلَ الشافي. كلّ امرئٍ صديقٌ لأمراضهِ. حين أشربُ نخبَ الجنونِ أشربُ نخبَ نفسي. هناك ليالٍ قطّ لن أراها! كنتُ طائراً أما أنا، فاعتدتُ أن أكونَ طائراً بذيلٍ أبيضٍ رقيقٍ، شقَّ امرؤٌ حلقي لمزيدٍ من الضحكِ، ولا أعرفُ. أما أنا، فاعتدتُ أن أكونَ طائراً كبيراً يحلّق دوّاماً على البحورِ. خطَّ امرؤٌ نهايةً لرحلتي، دون أيّ معروفٍ بنغمة منها. فأُمدّد نفسي على الأرضِ حينئذ أُردّد لكَ الآنَ أغاني الغرامِ. فريسة الوساوس في رقةٍ، أحببتُ عشّاقاً رائعين دون أن أعرفَ شيئاً عنهم. وحبكتُ من هذا شبكاتِ عنكبوتَ فصرتُ فريسةً دائماً لما أُبدع. بي روحٌ من عاهرةٍ قدّيسةٍ تلتذّ بالدمِ والنفاقِ. يشهدُ لطريقةِ حياتي كثيرٌ من الناسِ لكني لستُ غير امرأة تسكنها الوساوسُ. رُقية لأني كاثوليكيةٌ لم ألعَب قطّ. أحببتُ ستةً وثلاثين عاشقاً مع الضرائبِ. أنا أعفُّ امرأةٍ في الأدبِ الإيطاليّ. أنا عديمةُ الجنسِ لا أتحسّبُ للخطايا أو النسيانِ. في جبلِ سيناءَ شيءٌ محيّر، لكأنهُ قبّةٌ ضخمةٌ. لا أحدَ يعرفُ ما بيني وبينَ الله. * تُوفيت الشاعرة الإيطالية آلده ميريني (1931 ـ 2009)، أواخر العام الماضي، بعد معاناة طويلة مع السرطان، وهي تُعتبر من بين أهمّ شعراء إيطاليا وأكثرهم شعبية. كانت روحاً مضطربة، وقضت فترات طويلة بمصحّات عقلية. “وجدت الحياة” كما قالت، مع زوجها الثاني، لكن عذبتها وفاته 1986. شرعت تكتب الشعر في سنّ 16، ثم نشرت أول دواوينها في عمر 22، وقد نالت عدة جوائز أدبية إيطالية رفيعة، كما رُشّحت لجائزة نوبل مرتين، لكنها لم تنلها قطّ. قصائدها مفعمة بالأمل، تعكس عذابها الداخليّ وشوقها للغرام، حيث عانت من إخفاق الحبّ أكثر من مرة. تملك رؤية تصويرية عالية، يشيع فيها الحسّ الغنائيّ. أشعار عميقة بحسّ دراميّ ملؤها أساطير وفلسفات وسخريات تصل حدّ المفارقة والتهكّم من الطبيعة، وحتى من نفسها. يُطلق عليها أحياناً لقب “الشاعرة المجنونة”، لكنها أيضاً شاعرة حساسة تدور أبياتها حول فلسفة النسوية الجريئة المتمردة. من بين دواوينها: حضور أورفيوس، الخوف من الله، عرس رومانيّ، يوميات الآخر، سُعار الحبّ، دروس الحبّ. والمختارات المنشورة هنا من ديوانها “دروس الحبّ”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©