الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لماذا اتجهت المبدعة الإماراتية إلى كتابة الرواية؟

26 مايو 2009 03:56
اتجهت الكاتبة الإماراتية إلى كتابة الرواية في الآونة الأخيرة، وبدأت الرواية التي تكتبها المرأة تحجز لها مكانة في المسيرة الإبداعية على الصعيد المحلي، في الآن نفسه نجد أن بعض الأقلام ممن يكتبن الرواية الآن عرفن في الأصل كشاعرات أو كاتبات قصة قصيرة.. كيف حدثت النقلة ولماذا الرواية؟ هنا بعض الشهادات لكاتبات خضن بحر الكتابة الروائية التي تضيء على تجاربهن الذاتية بشكل خاص والكتابة الروائية بشكل عام. تتساءل أسماء الزرعوني صاحبة رواية «الجسد الراحل» قائلة: «هناك مبدعات في الإمارات قطعن شوطاً في مجال القصة القصيرة والشعر، فلماذا لا يشتغلن في صنف أدبي آخر وهو الرواية، سيما وأنهن يمتلكن الأدوات والقدرة على الكتابة؟!. وترى أسماء أن القاصة يمكن أن تكتب الرواية، حيث تزيد في عدد الأحداث والأماكن، لافتة إلى أن الرواية تحتاج إلى صبر ووقت طويل، وهو ما يتوافر للمرأة في بعض الحالات أكثر من الرجل، وسيكون نجاحها مؤكداً إذا امتلكت الأدوات والحس الفني والأدبي. وعن تجربتها في كتابة الرواية تقول سارة الجروان: «كانت الرواية محطتي الأولى وباكورة أطروحاتي الأدبية حيث كتبت رواية «شجن بنت القدر الحزين» والتي كانت أول رواية نسوية بدولة الإمارات، وتلتها رواية «رسائل إلى السلطان» ثم «أيقونة الحلم» مجموعة قصصية، فالرواية الأخيرة «طروس إلى مولاي السلطان»، بذلك فالرواية هي الجنس الأدبي الأقرب إلى نفسي وبحسبي أنني تمكنت من أدواتها وأتقنتها بشهادة عدد من المختصين بهذا الجنس الأدبي ورواده. إن كتابتي الرواية مردها إيحاء فطري نابع من مغالاة الشعور تجاه الآخر الذي يحرضني بالتالي على صناعة حيوات متباينة تمارس أفكاراً أصوغها بغرض ممارسة فلسفية أدبية تفيد مجتمعي بأسلوب أو بآخر وتخدمه دون مباشرة في الطرح الذي قد يرفضه البعض مقالا نقدياً، بينما يمكن أن يقبله نصاً سردياً مصوغاً بحرفية أدبية سلسة. إنها تلك الحياة الأخرى التي نتمنى أن نعيش أحيانا، وهي ذاتها التي نتمنى أن تختفي مثيلاتها من الحيوات من عالمنا. وهي ضالة أدبية أسعى لسبر أغوارها برجاء ترك «إرث أدبي» يومض مشعلًا للأجيال القادمة». رصد التحولات وتعتقد الجروان أن «الروائية الإماراتية نجحت في عكس التحولات الاجتماعية في نصوصها وتعاطت معها من خلال واقعها المعاش، فهي ناقشت كل الظواهر الاجتماعية السلبية منها وحتى الإيجابية، بل وحاولت جاهدة بحسها الأدبي المرهف معالجة هذه الظواهر وإضاءة معاناتها وإيصال أناتها بشيء من الوعي والإدراك لخلفية هذا المجتمع الصغير وبأطروحات ذات حميمية تتناسب والنسق الاجتماعي لهذا الوطن الذي تشكل تحت ناظرينا لبنة لبنة وطال بامتداد قامتنا، كبرنا به وحلمنا له ولنا». صدى إعلامي وتؤكد أن « الرواية النسائية في الإمارات انتشرت مؤخراً، ولاقت صدى إعلامياً وتفردت على أقرانها من الأجناس الأدبية؛ فالرواية تعيش عصرها الذهبي لأنها استطاعت أن ترفع راية المكاشفة للمخاتلات الإنسانية بشتى طرقها. وقد اتجه المبدع لكتابتها من وازع إيمانه بالبحث عن ضالته للفضيلة كل حسب إيمانه بفضيلته، واتجه القارئ لها من وازع بحثه عن تفاصيل حيواتية ذات بعد إنساني يشكل لديه مفارقة ما». وتعتقد الروائية السورية التي تعيش في الإمارات مانيا سويد أن اللون الروائي يعد المجال الأكثر رحابة للتعبير عن الهموم والقضايا التي تعتري المبدع، سواء في ذلك قضاياه وهمومه الشخصية المستمدة من تجربته أو الهموم والقضايا العامة التي تفرضها البيئة المحيطة سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم إنسانية أم اجتماعية بوجه عام. الشاعر يمكنه أن يعبر عن همّ واحد أو بضعة هموم من خلال القصيدة التي ينظمها بينما الرواية تفسح المجال للأديب كي يبحر في قضايا عدة متباينة ومتنوعة وقد تكون متضاربة في بعض الأحيان. أما عن المرأة وموقفها بالنسبة لصنع الرواية فإن الأمر محسوم ولا مجال فيه للنقاش بالنسبة للمجتمعات الغربية إذ استطاعت بجهودها وفي الوقت نفسه بوعي المجتمعات التي تعيش فيها أن تعبر بصدق عن مجمل القضايا التي تشغل تلك المجتمعات بل وفي بعض الأحيان قد تخوض في تفاصيل على درجة كبيرة من الأهمية رغم أن الرجل لم يجرؤ أن يتناولها من ذلك على سبيل المثال قضايا الجماعات الدينية غير الرسمية أو غير المعترف بها وما تعتقده من أفكار قد يرى فيها المجتمع تدميراً لقيم ومبادئ ترسخت فيه منذ عشرات بل ومئات السنين، فهذا المثال يشير إلى أن المرأة لم تتردد في كتابة رواية عن تلك الجماعات بحيث تناولتها بقدر كبير من الإنصاف الذي عجز الرجل عن تناوله وفي أكثر الحالات كرماً كان الرجل يتناول أمر تلك القضايا لخدمة أغراض سياسية متجرداً من الإنصاف. أما إذا كنت تقصد المرأة العربية فيحزنني أن أقول إنها كروائية لم تستطع حتى الساعة أن تعالج ولو النزر اليسير من القضايا الخطيرة التي تتغلغل في مجتمعاتنا وحتى في الحالات النادرة التي تجرأت فيها على خوض هذا المجال فإنها كررت تجارب غيرها وتعاملت مع قضايا قتلت بحثا كقضايا الإدمان والانحراف السلوكي. وعن تجربتها الشخصية في هذا المضمار قالت: لم أنتقل كليا من مجال القصة القصيرة إلى مجال الرواية لكنني أبحر في المجالين معا فالقصة القصيرة بالنسبة لي كبحر أمواجه عاتية لا يقدر عليه إلا من يجيد السباحة ويجيد رياضة ركوب الأمواج. أما الرواية فهي كالبحر الهادئ الساكن الذي يغري على السباحة بمتعة لمسافات طويلة. ثورة أدبية وفيما إذا كانت الرواية هي فن المستقبل تميل سويد إلى أن «منطق التبدل والتغير والتحول هو سنة الله في أرضه، فلا يبقى شيء على حاله إلى ما لا نهاية وهذا المنطق ينسحب أيضا على الرواية كلون أدبي شأنها في ذلك شأن الألوان الأخرى من الأدب، لذا لا أعتقد أن ما يصلح لزمن يمكن أن يصلح لزمن آخر كقاعدة مضطردة ، إذ يظل السابق بالنسبة لنا تراثاً يضفي على نفوسنا شعوراً له خصوصية لكنه لا يغني أبدا عن اللون الذي فرضته الظروف الراهنة وأوجدته القضايا المعاصرة، فالشعر الجاهلي على سبيل المثال له سحره وتأثيره لكن لو كتب شعر اليوم على طريقة الشعر الجاهلي لما قرأة في تقديري إلا الخاصة من الناس. لا أتصور أن الرواية بوضعها الراهن وبشكلها المعروف الآن سيكتب لها البقاء لأكثر من عشرين عاماً على الأكثر، إذ أتوقع حدوث ثورة أدبية تتحول معها كل ألوان الأدب بما فيها الرواية إلى اتجاه مختلف تماما عما نراه اليوم وأعني بذلك الأدب العربي على وجه الخصوص». وتلمح سويد التي تعيش في الإمارات إلى وجود نقله في أدب الرواية الإماراتية، من حيث اتجاه الأقلام النسائية لكتابتها خاصة في الآونة الأخيرة، إذ لوحظ بروز أدب المرأة الإماراتية التي تملك مُكنات ومواهب تستطيع معها أن تنتج أعمالا روائية على درجة عالية من الجودة خصوصا أن هذا الاتجاه بوجه عام بدأ يتصاعد في الدول العربية الخليجية بوجه عام، واستطاعت المرأة الخليجية أن تخوض مجالات وموضوعات وتعالج قضايا ومشكلات من خلال الرواية ما كانت تستطيع أن تتطرق إليها في الماضي القريب. أيضا الطفرة الإعلامية والاهتمام بالمعارض الدولية للكتب ورعاية المسؤولين لفئة المبدعين بوجه عام تعد هذه الأمور سمة أساسية تميزت بها الإمارات مؤخرا الأمر الذي انعكس إيجابا على أدب الرواية الإماراتية ليس فقط التي يؤلفها الإماراتيون ولكن الأدباء العرب المقيمين أيضا استفادوا من هذا المناخ الثقافي المتميز. رأي نقدي الناقد عبد الفتاح صبري يشير إلى أن الشابات أكثر عدداً في مجال كتابة القصة القصيرة، وأن كاتبات الرواية النسائية بدأن يشكلن ظاهرة جديرة بالبحث والفحص، من أجل معرفة التقنيات المغايرة في الفن الروائي الإماراتي من ناحية، وماذا تكتب هؤلاء الروائيات من ناحية أخرى، وهل هناك مضامين نسائية لكونهن نساء أم نفس المضامين المعهودة في الرواية الإماراتية بشكل عام. ويقول صبري: «إن الندوة التي أقيمت في دائرة الثقافة والإعلام مؤخراً حول الرواية النسوية كشفت أن المرأة في الإمارات، بدأت تخوض تجربة كتابة الرواية بالفعل من منطلقات أن الرواية النسائية الإماراتية هي التي تبحث في تشكلات الوعي العام، وقبل قيام الدولة، حيث بحثت بعض الروائيات عن قيم ذلك الماضي البعيد ووضعية المرأة في المجتمع القبلي آنذاك، إضافة إلى أنها بحثت في قيم المجتمع بشكل عام، وشكل الأسرة الإماراتية والبدوية بشكل خاص لا سيما في روايتي: «طوي بخيتة» لمريم الغفلي، و«طروس إلى مولاي السلطان» لسارة الجروان، إضافة إلى أن هناك بعض الروايات التي بحثت في وضعية المرأة في المجتمع الجديد بعد التغيرات والتحولات خاصة في رواية «رائحة الزنجبيل» لصالحة غابش، والتي أظهرت فيها المرأة ضمن آليات مجتمع المال». ويؤكد صبري أن «الإمارات جزء من الساحة الثقافية العربية، ومن الملاحظ أن الرواية أصبحت بالفعل هي ديوان المجتمع، والقادرة على سبر أغوار إشكالاته المعقدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسيكون الشعر قاصراً عن ما يريد هؤلاء المبدعون والمبدعات إبرازه، والحديث عنه باستفاضة، عكس الرواية التي تتمكن من الكشف عن كل ما يكتنف المجتمع خاصة في ظل هذا التسارع الموجود في كل مجالات الحياة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©