الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في بلاد «الكاوبوي»

22 فبراير 2011 19:36
توقفت في الموقع الذي اغتيل فيه الرئيس الأميركي جون كينيدي في مدينة دالاس، والسماء ملبدة بالغيوم، وثمة سياح يلتقطون صوراً تذكارية للمكان الذي شهد حادثة الاغتيال التي هزت العالم في يوم ما من ستينيات القرن الماضي، وحولت المدينة لمحور اهتمام ومزار سياحي، لكن الموقع شبه خالٍ في هذا اليوم الجميل، ربما لأن الناس في إجازة أسبوعية أو بسبب «نفاف» المطر الذي بدأ يتساقط. غير أن زنجياً بقي تحت المطر يعرض ورد الحب للمارة بطريقة ذكية تدفع الرجال للشراء، لأنه يورطهم بإهدائهم الورد لزوجاتهم كمكافأة على حبهن لأزواجهن الذين يدفعون قيمة الورد وهم صاغرون. بحثت عن مقهى استجير به من المطر، وطلباً للدفء، غير أن المقاهي لا تفتح في مثل هذا اليوم، فمشيت تحت المطر وخشيت أن أصاب بالبرد والحمى، فركبت سيارة أوصلتني إلى مقر إقامتي في فورث ورث، وقصدت حلبة تقام فيها مسابقات (الروديو)، وهي مسابقات لا يعرفها إلا الأميركيون، وموطنها هنا في ولاية تكساس بلاد الكاوبوي ورعاة البقر، والولاية التي يبدأ منها الغرب الأميركي القاسي المتوحش كما يصفونه. حياة رعاة البقر حياة قاسية في تلك الفترة التي امتدت ما بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر، كانت الحياة صراعاً يومياً من أجل البقاء وسط صحراء ممتدة وظروف معيشية صعبة تعتمد على القوة والقسوة ، يقضي راعي البقر يومه على سرج حصانه يطارد أبقاره وعجوله في تلك المراعي الشاسعة، تراه ينطلق وراء عجل شارد أو يعود لثور متأخر عن بقية القطيع، وقد يضطر إلى استخدام حبله بطريقة لا يعرفها سواه للإمساك بالثور الشارد أو ليمسك بحصان بري جامح يضمه لقطيع خيوله التي يعتبرها أعز ما يملك. لكن كل ذلك كان في الماضي البعيد، أما اليوم فقد تحولت تلك الأيام إلى تراث وإلى نوع من الرياضة. وأكملت أمسيتي في مطعم قريب من الفندق الذي أنزل فيه. فوجدت نادلة عراقية حسناء، فشعرت بأنني محظوظ وأن هذا هو مطعمي المفضل. قالت الفتاة إنها من حي المنصور البغدادي الذي زرته يوماً ما بعد السقوط أو التحرير، لا يهم الآن، وقالت إنها هربت قبل الحرب وأمضت السنوات الثلاث الأخيرة هنا في تكساس التي قد تصادف فيها عرباً بينهم رجال أعمال ومهندسون ومحامون، ومنهم من يعمل سائق تاكسي، مثل ذلك السائق اليمني الذي ركبت معه، والذي يحلم بالانتقال إلى الإمارات ليعيش فيها ليتمكن من تربية أبنائه في بيئة عربية بمستوى المعيشة نفسه في الغرب. سعيد البادي rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©