الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

زلزال بروما

20 فبراير 2013 22:36
يوم السبت الماضي ضرب روما زلزالاً عنيفاً بدرجة متقدمة على سلم الدهشة، وضع الناس أيديهم على قلوبهم، فقد رجت الأرض من تحت أقدامهم، وكان مركز الرجة الملعب الأولمبي بروما، كرة انطلقت كالصاروخ من رجل توتي بسرعة 113 كيلومتراً في الساعة، اختارت الزاوية 90 لمرمى العملاق بوفون الأمين على عرين فريق “السيدة العجوز”، وأعطت روما فوزه الأول في 2013. كان الهدف هو الـ 224 للأشقر توتي الذي بات على بعد هدف واحد من نوردهال صاحب 225 هدفاً، وعلى بعد 50 هدفاً من بيولا أكبر هداف في تاريخ الدوري الإيطالي، ولكن ما يشغل الآن مساحات كبيرة في الفضاء الإعلامي بإيطاليا هو هذه العلاقة الحميمية التي تربط توتي بروما، علاقة حب مؤسسة على كثير من الوفاء ومن الوفاء أيضاً. مع الذئاب كانت لتوتي سنوات كأنها عقود من الزمن، رحلة طويلة بمنحنيات ومنعرجات ومصاعد، بلحظات سعادة وبفترات حزن، كان خلالها توتي يقترب من بوابة الخروج تحت وقع صدمة أو إحباط، ثم يحضر صوت العقل ليأمر الساحر بأن يبقى في ردهات الأسطورة يصنع حكاياته الجميلة. في سنة 2000 تودد ريال مدريد لتوتي، وطلب خدماته، وقد رأى أن بإمكانه أن يحضر إلى قلعة الملوك ليجلب لها وله أيضاً تيجاناً جديدة، إلا أن توتي قاوم جاذبية السحر والألقاب، أنصت إلى قلبه، وامتثل لأمر صادر عن مملكة الحب، وفك عن عنقه الطوق ليظل مع الذئاب بروما حاكماً لقلعة السحر، مؤكداً على خصلة الوفاء المطلق الذي يندر أن نجد له مثيلاً بين مبدعي هذا الزمان والذين لا يقاوم أكثرهم إغراءات المال. وتوتي متفرد في ذاته وفي سحره وفي قدره الغريب أيضاً، فالرجل داخل روما يشبه إلى حد بعيد تلك المآثر الشاهدة على العمق التاريخي وعلى النحت الذي أبدعته الحضارات في هذه المدينة الجميلة، الكل يسكنه سويداء القلب، مبادلة لوفاء نادر وحب أسطوري، لكنه خارج روما على النقيض تماماً من ذلك، ففي أغلب مدن وملاعب إيطاليا يشبهونه بالمتعجرف، يطلقون في وجهه الصفير، احتجاجاً على ذنب قديم لم يغفر له. توتي الذي دخل سنته الـ 36 يظهر على أرضية الملعب وكأنه في العشرين من عمره بقدر ما يمثل لنا نحن من نتنفس ملء الرئتين عشق كرة القدم أسطورة حية، بقدر ما يمثل لنادي روما حالة عشق معقدة، فمن يتحدث عن مشروع لروما يستطيع به الذئاب ربح رهانات وطنية وقارية، لابد أن يتحدث أيضاً عن توتي الذي شارف الاعتزال والذي التصق بوجدان وهوية روما حتى ما عاد ممكنا أن نقول بإمكانية أن يعيش هذا من دون ذاك. مبدع أنت يا توتي وأسطورة أنت يا فرانسيسكو. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©