السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهموم بين البوح والكتمان

28 مايو 2009 00:24
يمر الإنسان بالكثير من المراحل في حياته وتعتريه مجموعة من التغيرات الفسيولوجية والنفسية ويعيش متأرجحا بين الأزمات والأفراح ويتأثر ويؤثر فيمن حوله، فنجده أحيانا يبحث عمن يخفف عنه ثقل ما يحمله داخل نفسه، فمن الناس من يريحه الكلام و«الفضفضة» عما يجيش في صدره من آلام وأحزان، ومنهم من يستتر في حجرته منفجرا بالدموع، ومنهم من يغيب نفسه بالمشي لمسافات طويلة واجما شارد الذهن ينظر إلى ما حوله وكأنه يراه للمرة الأولى، وهناك من يفرغ شحنته النفسية في النوم. إذن يختلف الناس في التنفيس عن أنفسهم بين كاتم ومصرح، فهناك من يراكم أسراره ويكتمها في دواخله ويعد التصريح بها خرقا في شخصيته ومنهم من استحوذ الخوف عليه من كثرة النماذج السيئة التي يراها في الحياة، ومنهم من يخشى أن يأتي عليه يوم فيعيره الآخرون بما ائتمنهم عليه، فتجرح مشاعره. أما المصرح فهو إما مصرح حذر يعلم ما يقول ويخفي ما يستحق أن يخفي لكن في نهاية الأمر تجده استراح عندما أخرج مكبوت صدره وسمع ما يلائم جرحه أو يهدئ غضبه لكن هناك أسرارا خفية وأنوارا مخفاة تحمل قضايا ومشاكل نفسية لا بد من معالجتها فلن نجد ملاذا آمنا على احتواء هذه الأسرار والسعي لمعالجتها مع حسن التقييم والتوجيه من الوالدين ولا مانع أيضا من الاستعانة بالأخصائيين وعلماء الدين والدنيا. وهناك المصرح الذي يبوح بأدق التفاصيل دون مبالاة أو حذر ويندفع دون استدراك لحقيقة الشخص الذي يبوح له أو خصوصية السر الذي يسرده، وأتعجب من مصرح يزخرف الكلام ويزينه ليبدو بطلا من الأبطال. ولكن بشكل عام على المرء أن يتحاشى الاستسلام للانهزام النفسي وأن ينتقي أصدقاء أوفياء وعلى خلق ودين، فلا تفش سرك إلا لمن يخاف الله، وخذ حذرك ولا تندفع في الحكم عليه إلى أن يتبين لك الأمر بمعاشرته، فالبوح بالسر يتطلب نوعا من الوعي والحذر ويستوجب أحيانا المشاركة وطلب العون لكن في إطار الاختيار الأمثل للشخص الصحيح والرغبة في المعالجة. محمد زكريا النجار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©