السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في ألبانيا··· الذخائر تُفجر قضايا الفساد

في ألبانيا··· الذخائر تُفجر قضايا الفساد
22 ابريل 2008 01:19
تقع الحوادث في كل مكان وفي أي وقت، ولكن عندما يستخدم مصنع آلافاً من القرويين الذين يفتقرون إلى الخبرة، في تفكيك الآلاف من ذخائر المدفعية يوميا، باستخدام القضبان المعدنية والأيادي فقط، فإنه يصعب علينا أن نطلق على الكارثة المدمرة أنها مجرد ''حادث''، فالانفجار الرهيب الذي وقع في مصنع للذخائر في ''جيرديك- ألبانيا'' الشهر الماضي نتيجة لذلك، أدى إلى إحداث ثلاث حفر ضخمة وعميقة، وصل عمق إحداها إلى 100 قدم وتسبب في مقتل 26 شخصا، وقد شبّه السكان الانفجار والهزة الرهيبة العنيفة التي سببها بتفجير قنبلة ذرية، وذلك كما تقول ''رازجي تلهاي'' -48 سنة- التي قذف بها الانفجار لمسافة 60 قدما: ''لقد شعرت وكأنني أطير في الهواء''· يتساءل الألبان في الوقت الراهن، كيف سمحت دولتهم التي دُعيت الشهر الماضي للانضمام لحلف الناتو، لمثل هذا المصنع الشديد الخطورة بالعمل بالقرب من طريق رئيسي، وعلى مسافة قصيرة بالسيارة من المطار الرئيسي للعاصمة، الذي تعرض لأضرار بسبب توابع الانفجار؟· وقد بدأ العمال السابقون يوم الجمعة الماضي أول مظاهرة من سلسلة مظاهرات يومية ينوون القيام بها أمام موقع المصنع للمطالبة بتعويض عن الأجور التي فقدوها بسبب الانفجار، وكذلك تعويض عن الإصابات والمعاناة التي تعرضوا لها، يشار إلى أن وزير الدفاع الألباني قد استقال عقب الانفجار، وأن رئيس الوزراء ''سالي بيريشا'' يتعرض إلى ضغط كبير سواء من جماعات الدفاع عن ضحايا الانفجار، أو من المعارضة السياسية، إلى ذلك، أثار الانفجار العديد من الأسئلة بين الألبان حول حكومتهم، وحول الفساد الضارب الجذور في هذه الأمة الواقعة جنوب البلقان، وما حدث في ألبانيا الشهر الماضي لم يكن مجرد حادث مؤسف عرضي في إحدى المنشآت التابعة للحكومة، حيث تبين من التحقيقات أن العمال القرويين الذين كانوا يعملون لدى مقاولين خصوصيين، كانوا يفككون الذخائر إلى مكوناتها الأساسية مثل النحاس والبارود حتى يتمكن هؤلاء المقاولون من بيعها، وهو مشروع من المشروعات التجارية التي تدر أرباحا طائلة في الوقت الراهن خصوصا بعد الارتفاع الرهيب في أسعار العديد من المواد· ونظرا لأن ألبانيا من الدول التي كانت تتصف بدرجة عالية من العسكرة في فترة الحرب الباردة، وطيلة فترة حكم الرئيس ''أنور خوجا'' الذي توفي عام ،1985 فقد كان من الطبيعي أن تحتوي على عدد كبير من مخازن الذخيرة التي أقيمت خلال تلك الفترة، وبعد وفاة ''خوجه'' قامت الولايات المتحدة التي تعد الآن من كبار داعمي ألبانيا -ردت لها ألبانيا الجميل من خلال إرسال جنودها إلى العراق وأفغانستان- بتقديم يد العون لهذه الدولة لمساعدتها على التخلص من مخزونها الكبير من الذخائر· وعلى الرغم من الجهود التي قامت بها الولايات المتحدة في هذا المجال، وخصوصا في الموقع الذي حدث فيه الانفجار، فإن وزير الدفـــاع الألباني أكـــد أنه لا يزال هنـــاك 100 ألف طن من الذخائر التي لا تحتاج القوات المسلحة الألبانية سوى إلى 10 في المائة منها وأنه قد تقرر شطب الكمية الباقية والتخلص منها، ويشار إلى أن ''نيويورك تايمز'' نشرت تقريرا الشهر الماضي مفاده أن ذخائر ألبانية عمرها عشرة أعوام على الأقل، ومن نفس النوع الذي تقرر شطبه في موقع ''جيرديك'' الذي وقع فيه الانفجار، قد بيعت بطرق غير قانونية للجيش، وقوات الشرطة الأفغانية، وهو تقرير لو ثبتت صحته فإنه يؤكد ما تردد في ألبانيا بعد الانفجار بأن مجموعة المحققين التي تحقق في أسباب الانفجار، تبحث أيضا عن أدلة تتعلق بعمليات متاجرة غير قانونية في تلك الذخائر· في غضون ذلك قال أحد المتعهدين وهو ''إيفرايم ئي· ديفيرولي'' -رئيس إحدى الشركات التي تقوم بإعداد الذخائر وتغليفها لتصديرها لأفغانستان في محادثة مسجلة أجريت معه، إنه يشك أن يكون جزءا من الأموال التي كان ينفقها قد ذهب إلى جيوب مسؤولين ألبان منهم رئيس الوزراء ''بيريشا'' وابنه، وقد دفع هذا الحزب الاشتراكي المعارض إلى المطالبة باستقالة ''بيريشا'' وذلك كما يتبين مما قالته ''فالنتينا ليسكاج'' -المتحدثة باسم المجموعة البرلمانية للحزب- في تصريح لها في هذا الخصوص، بـ''أن استقالة رئيس الوزراء أمر ضروري من أجل فتح الطريق أمام مكتب المدعي العام للبدء في التحقيق حول الأسباب الحقيقية لهذا الحادث''، من جانبه أنكر السيد ''بيريشا'' أي تورط له في صفقات تتعلق بمصنع ''جيرديك''، وقال على لسان المتحدثة باسمه، إنه على استعداد لمواجهة اقتراع بعدم الثقة في قاعة البرلمان، وهو اقتراع ذهب ممثلو المعارضة إلى أنه سيكسبه إذا ما تم إجراؤه· كل تلك التطورات تركت الناجين مـــن الانفجــــار في حالـــة مـــن الغضـــب والإحســاس بخيبـــة الأمل، حيث يقـــول ''زيلي كاكــــا'' -العامل السابق في المصنع المذكور والذي فقد ابنته في الحادث-: '' لا أحد هنا يريد أن يتحمل المسؤولية عن الانفجار، نحن فقط الذين نعاني مما حدث''· نيكولاس كوليش -ألبانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©