الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحكومات الأفريقية ومدونات المعارضة

الحكومات الأفريقية ومدونات المعارضة
22 ابريل 2008 01:19
من مائدة مطبخه في عاصمة ''جمهورية الكونغو الديمقراطية'' الصاخبة، يكتب ''سيدريك كالونجي'' مقدمة على مدونته حول المشاكل العديدة التي تواجه بلده، محاولا بذلك الالتفاف على الرقابة الحكومية، ويقول كالونجي: ''أنا كونغولي وأتحدث حول حقيقة ما يجري من حولي''، مضيفا ''عندما يغرق الحي الذي أعيش فيه في المياه بسبب الفيضان، وأضطر إلى خلع حذائي لأمرّ عبر المياه المتجمعة، فلدي الحق في الشكوى والإعراب عن تذمري''· مدونة ''كالونجي'' يقرأها آلاف الأشخاص حول العالم، وتتقلى نحو 250 تعقيبا يوميا، كما نالت جوائز دولية كجائزة ''أحسن المدونات'' المرموقة التي مُنحت لها كونها أحسن مدونة باللغة الفرنسية في ·2007 ويقول: ''إن التدوين يمكِّنني من أن أكون بمثابة همزة وصل في الكونغو بين الأشخاص الذين يوجدون في السلطة والأشخاص الذين لا يملكون أيا منها، وذلك بفضل الإنترنت المجانية وكاميرا رقمية صغيرة''· يُعد ''كالونجي'' واحدا من بين عدد متزايد من المدونين في أفريقيا الذين يستعملون مواقعهم الشخصية على الإنترنت من أجل مساءلة حكوماتهم وتحديها، ولئن كانت الإنترنت في طريقها ببطء لأن تصبح متاحةً وفي المتناول في أفريقيا، فإن المدونين يقولون إن قراءهم مازالوا من خارج القارة في الغالب، ويشتكي ''كالونجي'' من صعوبة مواكبة تطور التكنولوجيا في بلد يصعب فيه إيجاد الحواسيب والأجهزة الرقمية، وحيث يمكن أن تكلف أحيانا ضعف ثمنها في الولايات المتحدة· وتعليقا على هذا الموضوع يرى ''بوب لاغاما'' -مدير ''مجلس مجتمع الديمقراطيات''، مقره في واشنطن- أنه على الرغم من هذه التحديات اللوجيستية، إلا أن المدونين في أفريقيا هم اليوم بصدد فتح سبل جديدة لحرية التعبير، ويضيف: ''المذهل أنه بالرغم من كل المشكلات، إلا أن ثمة ارتفاعا كبيرا ومضطردا في استعمال الإنترنت لمعرفة التطورات المهمة في أحد البلدان''، مضيفا: ''إن هذا الأمر يشبه ما حدث في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية حين ظهرت الصحف السرية، ونظرا للاحتكار الحكومي لوسائل الإعلام الرسمية، فإن وسائل الاتصال غير الرسمية هذه تصبح أكثر أهمية''· وبينما يتحدى ''كاونجي'' الحكومة الكونغولية حتى تحسن حياة مواطنيه، يسعى مدونون أفارقة آخرون إلى حشد الدعم من أجل الإطاحة بحكوماتهم، فعلى سبيل المثال، تستعمل منظمة ''حركة النيجيريين من أجل العدالة'' المنتمية إلى الطوارق في النيجر مدونتها الخاصة، لتسليط الضوء على أحدث هجمات مقاتليها ضد الحكومة، وعندما تَقدم المتمردون في تشاد نحو العاصمة انجامينا في وقت سابق من هذا العام، كانـــت مدونتهم بمثابة المتحدث باسم حركتهم، وتضمنت دعوات لتنحية الرئيس ''إدريس ديبي''، كما كانت إحدى المدونات في زيمبابوي، تقوم بدور الراصد لنتائج الانتخابات هناك، للحيلولة دون قيام الرئيس ''روبرت موجابي'' بالغش وحكم البلاد لفترة رئاسية جديدة· من شقته المقفرة والصغيرة في العاصمة السنغالية ''دكار'' يتلقى المدون التشادي المنفي ''مكايلا نجويبلا'' مكالمات هاتفية ورسائل نصية ترصد تحركات المتمردين التشاديين الذين كانوا يهاجمون القوات الحكومية في الآونة الأخيرة، وينشر معلومات حول الهجمات الجديدة إلى جانب مقالات الرأي التي تؤيد حركة التمرد، وينام ''نجويبلا'' بالقرب من حاسوبه، وحول هذا الأمر يقول: ''بهذه الطريقة أستطيع أن أتلقى وأتابع ما يحدث في تشاد أولا بأول حيث أتوصل برسائل ومكالمات هاتفية على مدار اليوم''، ويدرك الرجل إن الحكومة واعية بوجود مدونته وغير راضية عنها، مضيفا: ''إنهم يتصلون بنا أحيانا ويقولون لنا إن علينا أن نسحب مقالات معينة ويهددوننا، ولكننا نجيبهم بأن لدينا الحق في القيام بما نقوم به، إنني أرى أن أي شيء يساهم في زعزعة استقرار النظام هو مادة صالحة للنشر''· ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية ''ليونارد فينسنت'' -من منظمة ''صحفيين بلا حدود''، مقرها في باريس- أنه إذا كان توسيع حرية التعبير في القارة الأفرقيية أمرا مهما، فإن بعض مدونات المعارضة والمتمردين تتمادى وتتعدى الحدود، يقول ''فينسنت'': ''هناك المدونون الشخصيون والمدونون السياسيون، أولئك المنتمون إلى الأحزاب السياسية التي تنشر ما تريده من كلام يحفل بالقذف والتشهير والعنف، بل ويشمل الصور أحيانا''، مضيفا: ''أعتقد أن الأشخاص الذين لديهم مدونات شخصية هم أكثر وعيا بالمسؤولية التي تقع على عاتقهم، والأرجح أن يتحلوا بضبط النفس والاعتدال في النشر مقارنة مع الأشخاص الذين يستعملون الإنترنت ومواقعهم الإلكترونية كوسائل حرب أو وسائل دعاية''· في الوقت الراهن، يقول ''فينسنت'' لا تبدو الحكومات الأفريقية قلقة كثيرا من المدونين، ذلك أن حكومات قليلة فقط حاولت عرقلة أو إغلاق المدونات أو تعقب من يكتبها، وإن كان ذلك قد يعزى -كما يقول ''فينسنت''- إلى انعدام التكنولوجيا، وليس إلى انعدام الإرادة، وإلى ذلـــك يضاف انتشار الإنترنت الذي مازال محدودا جدا، حيث مازال عدد كبير من المدونين يستعملون مقاهي الإنترنت في الغالب، حيث يمكن للسلطات أن تراقب أنشطتهم بسهولة، ويقول فينسنت: ''عندمــا تصبح الإنترنت ديمقراطية في أفريقيا، فإنها ستصبح خطرا، وسيزداد القمع والاضطهاد''· كاري باربر- داكار ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©