السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د. محمد لطفي اليوسفي

د. محمد لطفي اليوسفي
28 مايو 2009 01:30
كان جندياً في الجيش الأحمر وخاض غمار الحرب العالمية الثانية. وقبلها كان يحترف العلوم، ثم احترف التاريخ. دان بالولاء للغرب وانقلب عليه بسرعة. هكذا عاش الروائي الروسي ألكسندر سولجنيتسين. حيوات وتقلبات، ترددات ومراجعات. انثالت عليه التهم من كل صوب وألحقت به المعرات من كل حدب. لكنه ظل صامداً. اتّهم بمناصرة الشيوعية والانقلاب عليها. ثم اتّهم بموالاة الغرب. لكنه سرعان ما عاف الغرب ورأسماليته الهمجية فشهّر به. وعندها استبدلت تهمة معاداة الغرب بتهمة الشوفينية. وكان لا بدّ أن يقع اتهامه بمعاداة السامية واليهود كي تكتمل الدائرة. جاءت هذه التهمة بعد نشره كتاباً في التاريخ «قرنان معاً جنباً إلى جنب». وهو كتاب حلّل فيه العلاقة الوطيدة التي ربطت بين اليهود والروس منذ سنة 1795 حتى سنة 1995. كانت الحملة التي شنّت عليه حامية الوطيس في إنجلترا وأميركا. ووصل الأمر بالكاتب الفرنسي جون جاك ماري إلى حد نعت الكتاب بأنه إنجيل معاداة السامية. منذ طفولته كان سولجنيتسين يحيى على حافة الفاجعة. كانت حياته سلسلة من المصائب والانقطاعات. كانت أمه تايسيا شتيرشباك أوكرانية خالصة قصدت موسكو للدراسة وهناك التقت ضابطاً شاباً من ضباط الجيش الأحمر يدعى إيساكي سولجنستين فتزوجا. وعلى عجل حملت بألكسندر. وعلى عجل أيضاً مات الزوج في حادث صيد. ثم تلت تلك المحنة مصيبة موت الأم التي كانت تشد من أزره. لكنه ظل يحيى على حافة الهاوية في سن الشباب أيضاً إذ شارك في الحرب العالمية الثانية. وحال انتصار الحلفاء تجرّأ وكتب مشنّعاً على ستالين. فكان أنْ أرسل إلى معسكرات الاعتقال. لكن فترة الاعتقال لن تكون عذاباً محضاً. ففي المعتقل سيكتشف الأدب ويفتتن بالرواية ويكتب روايته الأولى التي تحمل عنوان «يوم من أيام ايفان دينسوفيتش» التي نشرها في الاتحاد السوفييتي سنة 1962. والثابت أن نشره لرواية «جناح المصابين بالسرطان» سيضعه في حضرة المتناقضات إذ سيُمنح جائزة نوبل ويتوّج في الغرب روائياً مبدعاً. أما في الاتحاد السوفييتي فسيخلع عليه لقب الكاتب المرتدّ. والراجح أن الرئيس الفرنسي ساركوزي القادم من اليمين لم ير من أمجاد سولجنتسين سوى ما قام به من فضح للسوفييت. لذلك حيّاه يوم موته قائلاً: «لقد رفض مغادرة بلاده حتى يتمكن من فضح ممارسات السلطة فضحاً كاملاً، لذلك نشر روايتيه «جناح مرضى السرطان» و»أرخبيل الغولاق» مقاومة منه للقمع». أما صديقه الفرنسي جورج نيفات الذي نقل أعماله إلى الفرنسية فلقد نشر هذه الأيام كتاباً حول سولجنيتسين اختار له عنوان «دانتي عصرنا» جاء فيه: «إن ألكسندر سولجنتسين هو دانتي هذا الزمان فلقد غير نظرة الإنسان للعالم إذ فتح عيون الناس أجمعين، في هذا الزمان الفظّ، على معنى الجحيم ومعنى الخلاص، معنى الخير ومعنى الشر. إن القرن العشرين قرن مروّع وهو قرن سولجنيتسين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©