الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيال الظل

خيال الظل
28 مايو 2009 01:31
معظم الإشارات المتوفرة لدينا عن خيال الظل تركّز على ظاهرة الفناء والبقاء، أو الحياة والموت، وهي الحكمة المستفادة لديهم عند النظر إلى خيال الظل، فمثلما تظهر الصورة في الخيال تارة، وتارة أخرى تغيب، يكون حال الإنسان بين الحضور والغياب، فالحياة المجازية التي تنشأ في خيال الظل تكون مشابهة للحياة الحقيقية، وهي مفارقة تسحب المجازي على الحقيقي، لتصل إلى العبرة. يقول الشاعر المجهول في ذلك: رأيت خيال الظل أعظم عـبرة لمن كان في علم الحقائق راقي شخوصا وأصواتا يخالف بعضها لبعض وأشكالا بغير وفاق تجيء وتمضي بابة بعد بابة وتفنى جميعا والمحرك باقي فالشاعر في الأبيات السابقة يلتقط ثنائية الفناء والبقاء، هذه الثنائية المستخلصة من لعبة المخايل بالشخوص، فمثلما تفنى الشخوص بعدما كانت تجئ وتمضي، يفنى الإنسان بعدما كان يجيء ويمضي، فيبقى محرّك الشخوص الذي هو المخايل بعد أن ينتهي عرض خيال الظل، كما يبقى الله عز وجل خالق المخايل الذي هو الإنسان والآمر أيضا بفنائه، ولعل المتمعن في هذه الأبيات يستخلص أيضا أن قائلها يعتقد بالجبرية، فمثلما الشخوص مرغمة على الحركة استجابة للمخايل الذي يحركها يفعل الإنسان الذي لا يملك إرادة إزاء المحرّك الباقي الذي يقدّر الأقدار. ويتأكد المعنى نفسه في أبيات أخرى ينسبها صاحب سلك الدرر إلى البيروني: ما خيال الظل إلا عبرة لمن اعتبر فاعتبر قولي إياه ذا تجده معتبر ثم تمضي وتولي مثل لمح بالبصر فقد التمس الشاعر في الأبيات السابقة من عرض خيال الظل العبرة، التي تتأكد بمشابهة حالة الشخوص في خيال الظل بحالة الإنسان، فالدنيا عرض ظلّي سرعان ما تفنى وتنتهي، بعدما كانت مليئة بالحركة، ولقد أكد هذا المعنى ابن حزم، إذ يرى أن خيال الظل أشبه بالدنيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©