الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التصعيد الكوري الشمالي... وردود الفعل الصينية

20 فبراير 2013 23:26
جوزيف بوسكو أستاذ العلاقات الأميركية- الصينية بجامعة «جورج تاون» لقد فعلتها الصين وكوريا الشمالية مرة أخرى -دعونا أولاً نطلق على ما نقصده» رقصة الخطوتين لبيونج يانج- بكين». فكما اعتادت دائماً تحدت كوريا الشمالية المجتمع الدولي بإجراء تفجير نووي في الثاني عشر من فبراير الحالي. وهو التفجير الثالث من نوعه وجاء بعد أسابيع فقط من تجربة كوريا الشمالية الاستفزازية التي أجرت فيها اختباراً على صاروخ بعيد المدى. والعملان معاً مثلا كافة أعمال تلك الدولة السابقة خرقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، التي طالبتها مراراً بالتوقف عن تطوير أسلحة نووية. وحاولت بيونج يانج تبرير التجربتين النوويتين الأخيرتين بالقول إنها أجرت التجربة بطريقة آمنة، وأنها قامت بهما رداً على «العداء الصارخ»، الذي تتعرض له من جانب الولايات المتحدة، والذي يقوض بشدة الحقوق السيادية والسلمية لكوريا الشمالية. وقد لعبت الصين دورها المعتاد في الموضوع حيث أعربت عن «معارضتها الشديدة» للتجربة الكورية الشمالية ودعت في الوقت نفسه «جميع الأطراف» لممارسة أقصى درجات ضبط النفس مؤكدة أن كافة القضايا الخلافية قد تحل من خلال المفاوضات السداسية. ولكن ما حدث هذه المرة أن بكين على النقيض من المرات السابقة قد سارعت بـ«تحييد» إدانتها المعنوية لسلوك النظام الكوري الشمالي. ففي هذا السياق نشرت وكالة الأنباء الصينية الرسمية مقالة لقائد عسكري كوري شمالي كبير أكد فيها على»عزم بلاده على محاربة كافة السياسات المعادية التي تمارسها الولايات المتحدة واليابان بوسائل أقوى، مما تم اتخاذه حتى الآن».عموماً، سنرى ما الذي ستفعله الصين بشأن عقوبات الأمم المتحدة المقترحة، ولكنها إذا اتبعت ممارساتها السابقة فستحاول كما هي العادة، التخفيف من تلك العقوبات مع الاستمرار في إدانتها للنظام الكوري الشمالي إلى الحد الذي يكفي للمحافظة على مظهرها كقوة عظمى دولية مسؤولة. ولكننا نبقى متيقنين مع ذلك أن بكين لن تمارس نفوذها الفريد على كوريا الشمالية- باعتبارها المورد الرئيسي للوقود والغذاء لهذه الدولة- إلا أن التصريح، الذي أصدرته وزارة الخارجية في بكين بهذا المعنى وازن بين غضب الصين على تصرف كوريا الشمالية «الاستفزازي» من جهة، وترددها في فرض المزيد من العقوبات التي قد تزعزع استقرار النظام في بيونج يانج من جهة أخرى. فقد عبر التصريح عن موقف الصين الداعي إلى جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية، ومعارضتها لانتشار الأسلحة النووية، ودعمها للجهود الهادفة لتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت الصين كوريا الشمالية إلى الالتزام بالتعهد الذي سبق لها أن قطعته على نفسها بالتخلي عن السلاح النووي، وإلى «الامتناع عن اتخاذ المزيد من الخطوات التي قد تؤدي الى تدهور أكبر في الموقف.» ولكن التصريح لم يتطرق إلى الخطوات التي قد تتخذها الصين رداً على التجربة النووية الكورية الشمالية، ولكنه دعا الأطراف كافة إلى «ضبط النفس». والحجة الأساسية التي ترددها الصين دائماً في مثل هذه المواقف، والتي ترددها العديد من الدوائر في الغرب، أن مجرد ممارسة التهديد بالضغط على تلك الدولة، يمكن أن يؤدي إلى انهيار النظام فيها، ويرسل طوفاناً من اللاجئين عبر الحدود للصين مما قد يؤدي لمآس إنسانية لا حصر لها. وهذه الحجة تفيد أن الصين تهتم ببقاء النظام الكوري الشمالي، أكثر مما تهتم بمعارضة وانتقاد ما يقدم عليه من أفعال تهدد السلام والأمن الدوليين. يعني هذا أن بكين لن تطلب من بيونج يانج أبداً إظهار نواياها الحقيقة، كما أن الغرب أيضاً لن يفعل نفس الشيء مع بكين. في الواقع، أن الصين وبدلاً من أن تكون ضحية بائسة من ضحايا سلوك كوريا الشمالية الطائش، قررت الاستفادة منه وتسخيره لمصلحتها. فنظراً لأنها تمثل شريكاً لا غنى عنه في المحادثات السداسية وغيرها من المحادثات المتعددة الأطراف، والثنائية الخاصة بمناقشة الملف النووي الكوري الشمالي، فإن بكين تمكنت من تحقيق نفوذ وقوة ضغط معتبرة في مواجهاتها المتعددة مع الغرب، حول ملفات حقوق الإنسان، والتجارة، والانتشار النووي، وغيرها من الموضوعات التي توجد حولها خلافات بينها وبين الغرب. وهناك من يفسر سلوك كوريا الشمالية بأنه يأتي ضمن ردود فعل دفاعية ضد سياسة «الاحتواء» الغربية» التي تمارس ضدها منذ زمن طويل. على ضوء ذلـك كلـه كـان من الملائـم- وإن كان من المزعج في الوقت نفسه- أن توظف الحكومتان الشيوعيتان خطاباً يهدف في المقام الأول لخدمة مصالحهما، وهو خطاب يشبه لحد كبير خطاب الحقبة السوفييتية. ومن المعروف أن الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية كنظام بيونج يانج على سبيل المثال لا الحصر تستدعي دائماً التهديدات الخارجية لتأجيج مشاعر الوطنية، واستخدامها كبديل عن الشرعية السياسية. الصين بحاجة للعمل من أجل إقناع كوريا الشمالية أنها تسير في طريق خطر يصعب التنبؤ بعواقبه، على أن تفعل ذلك مباشرة بعد أن يقوم الغرب من جانبه بإقناعها بهذه الحقيقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©