السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من يمتلك وجوهكم؟

27 مارس 2017 00:44
الاحتمال الأرجح، هو أن كلاً منكم يتذكر جيداً اليوم الذي حصل فيه على رخصة القيادة. عندما توجه لقسم السائقين بإدارة المرور، وخضع لاختبار في قيادة السيارات، ثم وقف لالتقاط صورة شخصية، قبل أن يستلم الرخصة في نهاية المطاف. لكن ماذا لو كان قد طُلب منكم في ذلك الحين- ومن معظم المراهقين في الولايات المتحدة- تقديم بصمات أصابعكم، لإجراء تحريات جنائية عليها من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي)، أو شرطة الولاية التي تعيشون فيها؟ يبدو ذلك أمراً سخيفاً، بل و«أورويلياً» (نسبة للكاتب الشهير جورج أورويل الذي كتب رواية شهيرة تدور حول الرقابة). لكن الذي حدث في الواقع، هو أن 29 ولاية أميركية، قامت واحدة تلو الأخرى، على مدى خمسة عشر عاماً الماضية، بعمل شيء مماثل بوجوهنا، حيث سمحت للشرطة ولرجال (إف.بي.آي)، باستخدام تقنية التعرف على الوجوه لإجراء مسح ضوئي، وبحث عن وجوه السائقين لاستخدامها في أغراض التحقيق والتحريات، على نحو يشبه ما تفعله تلك الجهات مع بصمات أصابع المجرمين. حدود تقنية بصمات الأصابع واضحة: فهي عملية تتم لهدف معين، وتتم مرة واحدة، ويمكن من خلالها التعرف على شخص واحد، سواء من خلال التفاعل مع شخص بعينه، أو تفاعل في موقع معين. أما التقنية المتطورة للتعرف على الوجوه، فتختلف عن تقنية بصمات الأصابع، من حيث كونها تتيح الفرصة للشرطة للتعرف على الأشخاص من على بعد، ودون التفاعل معهم. تخيلوا معي وجود كاميرات مراقبة في الشوارع، تقوم بعملية مسح ضوئي لوجوه جميع الأشخاص الذين يمرون من أمامها. والآن تخيلوا عالماً يتم فيه تزويد الكاميرات المثبتة في ملابس رجال الشرطة، ببرنامج كمبيوتر للتعرف على الوجوه، في الزمن الحقيقي. هذه التقنية حقيقية، وقد تكون معروضة للبيع، ومستخدمة حالية أو ستظهر عما قريب. والسؤال هنا للأميركيين: هل سيقرر أي منكم المشاركة في مسيرة احتجاجية، إذا ما عرف أن الحكومة تستطيع -سراً- إجراء مسح ضوئي لوجهه، والتعرف عليه، كما فعلت شرطة بالتيمور خلال المسيرات التي نُظمت احتجاجاً على مصرع الشاب الأسود «فريدي جراي»؟ وهل من حق أحدكم أن يسير في شارع ما دون أن يتعرض وجهه للمسح الضوئي؟ وإذا لم يكن ذلك من حقكم، فهل ستستمرون في ممارسة حياتكم بنفس الطريقة؟ أم هل ستذهبون إلى طبيب نفسي؟ وفي المستقبل، هل ستستدعون الشرطة، إذا ما قامت كاميرا مثبتة بملابس ضابط شرطة، بعد ثوانٍ، بالتقاط صورتكم، بمسح ضوئي لوجوهكم، لمضاهاتها بقواعد البيانات الحكومية المختلفة؟ ماذا يحدث لو كان لدى أي منكم سجل إجرامي؟ ماذا يحدث إذا ما كنتم قد تجاوزتم مدة التأشيرة الممنوحة لكم في الولايات المتحدة؟ وتقنية التعرف على الوجه، تجري مسحاً ضوئياً لوجوه نحو 125 مليون بالغ أميركي. هذا شيء لم يحدث من قبل، لا مع بصمة الحمض النووي، ولا مع بصمات الأصبع، والتي يُحتفظ بها في شباك وطنية أصغر حجماً مكونة في أغلبها من المجرمين المعروفين أو المشتبه بهم. وأنظمة التعرف على الوجوه التابعة لجهات إنفاذ القانون، لا تخضع سوى لإشراف محدود من جانب وكالة الأمن القومي. علماً بأنه ليس هناك قانون فيدرالي يحكم عملية التعرف على الوجوه، كما لم يصدر قرار من أي محكمة بالحد منها. وفي صباح الأربعاء المقبل، ستعقد جلسة استماع أمام اللجنة المختصة بالإشراف والإصلاح الحكومي التابعة لمجلس النواب الأميركي ستكون هي الثانية، على الإطلاق، التي يعقدها الكونجرس بخصوص هذا الموضوع. وخلال فترة أربعة أعوام ونصف، فحص مكتب «إف بي آي» وجوه السائقين أكثر من 36 ألف مرة، من دون إذن أو مراجعات أو اختبارات دقة. وهناك ولايتان هما ماريلاند وأوهايو، قامتا بإدراج جميع وجوه السائقين بها في شبكة جنائية للتعرف على الوجوه، دون أن تخبرهم. ليس هذا فحسب، بل نجد أن ضباط الشرطة يجري تشجيعهم على استخدام تقنية التعرف على الوجوه متى ما كانت هناك حاجة لذلك. هذه البيئة الخالية من القواعد، ازدادت سوءاً بسبب حقيقة أن تقنية التعرف على الوجوه لا تخلو من الأخطاء، بل إن نسبة الأخطاء فيها تفوق مثيلتها في تقنية بصمات الأصابع، وهي أخطاء قد تقود إلى التحقيق مع أناس أبرياء، خصوصاً من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية أو النساء أو صغار السن. قد ترفضون الغزوات الحديثة للخصوصية، وربما لا يكون لديكم ما تخفونه، لكنكم هل تشبهون الأشخاص الذين لديهم ما يخفونه بالفعل؟ *المدير التنفيذي لمركز الخصوصية والتقنية التابع لجامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©