الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماذا تريد إسرائيل الآن من غزة؟!

ماذا تريد إسرائيل الآن من غزة؟!
23 ابريل 2008 00:20
منذ مطلع هذا العام قتل 24 جندياً إسرائيليا، وهو رقم مرتفع جداً إذا ما قورن بعدد الجنود الذين سقطوا خلال العام الماضي والذي لم يتجاوز 13 جندياً، علماً بأننا ما زلنا في الربع الأول من العام، ربما لا يجد القارئ ربطاً مباشراً بين هذه المقدمة الإحصائية والعنوان التساؤلي، وحتى تتضح الأمور، فالقصد هنا أن إسرائيل التي تهدد دوماً باجتياح قطاع غزة أو حتى بعملية برية واسعة منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، أي قبل عشرة شهور، لن تجرؤ على ذلك مطلقا· إن إسرائيل تعرف جيداً كم هو مؤلم أن تقدم ضحايا بشرية أمام شعبها، وهي تعلم أن الأداة الوحيدة التي تضمن لجنودها سلامتهم هي اقتصار عملياتها العسكرية على القصف الجوي سواء بالطائرات أو الدبابات أو البوارج، لأن أي محاولة توغل بري حتى لو كانت سرقة في جوف الليل معناها سقوط ضحايا، وليست عملية ''جحر الديك'' عنا ببعيد، الأمر الذي لا يحقق نجاعه حقيقية لضرب المقاومة· إن قواعد اللعبة تحول دون أي اجتياح، وتحول دون أي حل بدون حماس، وها هي التطورات الجارية والقناعات المتواترة والتي دفعت ''جيمي كارتر'' للتدخل تؤكد على ما سبق، فالمعادلة تنضج، أميركيا يجب أن تكون هناك تسوية قبل رحيل ''بوش'' و''أبو مازن'' و''أولمرت''، وهذا لن يتحقق وإسرائيل ترتكب يومياً المجازر في قطاع غزة و''شاليط'' في الأسر، والبلدات الإسرائيلية تكتوي بصواريخ المقاومة، وهذا سيستمر إذا ما استمر الحصار، وهنا نعود للمربع الأول، يجب فك الحصار لتحدث تهدئة تمهد لتسوية، فزيارة الرئيس الأميركي الأسبق الشخصية، هي رغبة شخصية غير معلنه للرئيس الأميركي الحالي وربما رغبة رسمية للإدارة الأميركية لتحقيق تلك التسوية· مصرياً، تعرف مصر أن الانفجار الذي تلوح به حركة حماس، ما هو إلا هجمات عسكرية متواصلة على التجمعات الإسرائيلية على حدود القطاع، وربما ستكون في غالبها معابر ''كرم أبو سالم'' و''ناحال عوز'' و''كيسوفيم'' و''ايرز''، وقد تم مهاجمة بعضها فعلا وربما يهاجم البعض الآخر لاحقاً، بالإضافة إلى قصف البلدات الاسرائيلية، وربما عمليات فدائية داخل إسرائيل والضفة الغربية، وهذا سيدفع إسرائيل إلى تشديد الحصار أكثر وربما إقفال كل المعابر، وبطبيعة الحال هذا لا يحل المشكلة ربما سيقود إلى الانفجار الأكبر، وهنا ستكون مصر المتنفس الوحيد لشعب ينفجر، وهذا الأمر لن يكون في مصلحة مصر، إذن فالتهدئة وفك الحصار أمران يصبان أيضا في المصلحة المصرية بامتياز· فلسطينياً، وهنا نقصد الرئيس ''أبو مازن''، فالطرف الفلسطيني المفاوض يجد غضاضة في استمرار مفاوضات مع عدو يقتل أطفاله ويجوع شعبه ويحكم حصاره على قطاع غزة، عدا عن ذلك فهو لن يقبل أن يمارس الجيش الإسرائيلي عمليات أوسع في عمق القطـــاع، وإلا سيضطر إلى وقف المفاوضات كما حدث إبان اجتياح جباليا الأخير، ومن هنـــا فإن مصلحـــة هـــذا الطرف مــع التسوية· أما حركة حماس، فتعتبر أن تحقيق تهدئة يفضي لفك الحصار وعودة الحياة الطبيعية سيمكنها من إثبات عدة أشياء، أهمها أنها لم تنكسر أمام الحصار، وكذلك يعطيها فرصة لتثبت نفسها أمام ناخبيها بأنه بامكانها أن تنجز لهم شيئا، وإن ما لحق بهم من مصائب جاء لأنها لم تفرط بالثوابت والمبادئ التي أعلنت عنها، وخلاصة القول فإن التهدئة وفك الحصار سيحققان أيضا مصالح حماس· الآن اتفقنا أن فك الحصار والتهدئة مصلحة أميركية مصرية فتحاوية حمساوية، وهذا أيضاً يتطلب عودة الحوار بين الأشقاء الفلسطينيين كي يتمكن الرئيس ''أبو مازن'' من تمرير أي تسوية مستقبلية مع إسرائيل، وهذا لا يمكن بدون حوار حماس ومصالحتها، وهنا السؤال الأكبر: هل تلتقي مصلحة إسرائيل مع مصالح هذه الأطراف؟ الجواب السريع: نعم، فكما قال ''شيمون بيرس'' بعد توقيع اتفاق اوسلو ''لا يضمن أمن دولة إسرائيل إلا دولة فلسطينية مجاورة''، وهذا صحيح، لأن نظرية الأمن الصهيونية تغيرت مع تمكن صواريخ المقاومة الاسلامية في لبنان من إصابة ''حيفا'' وما بعدها، وصواريخ المقاومة الفلسطينية من الوصول إلى ''المجدل'' و''عسقلان'' و''عزاتا''، ونقل المعركة إلى داخل البيت الاسرائيلي، فلا عمق جغرافيا يحفظ أمنها، وليس أمامها سوى العيش بحسن جوار مع جيرانها، وهذا لا يتم إلا بدولة فلسطينية تعهد ''بوش'' باقامتها قبل رحيله، وهذا يتطلب تسوية مع الفلسطينيين ولا تسوية بدون تهدئة، ولا تهدئة مع الحصار، ولن تمرر تلك التسوية بدون رضا حماس، ومن هنا فالمعادلة تكون الآن أكثر نضجا ووضوحا· ويعود السؤال الملح: ماذا تريد إسرائيل من قطاع غزة؟ فلا احتلال له استمر، ولا اجتياح له من جديد يثمر، ولا حصار عليه انتصر، فلا غير تفوق جوي تكنولوجي لا يحقق كل الأهداف، وليس سوى حرب استنزاف تكوي الجميع، ولا سيما هذا الشعب المغلوب على أمره، ولا يظهر في الأفق استكانة للمقاومة في قطاع ''غزة'' أو تباشير بانهزامها أو نجاح عملية كي وعيها، أعتقد أن إسرائيل ستكون غبية إذا ما فوتت فرصة مبادرة ''كارتر'' فهي فعلاً لا تعرف ماذا تريد من قطاع غزة؟ وأتحدى ''أولمرت'' و''باراك'' و''بيرس'' إن كانوا يملكون الجواب كما كان ''رابين'' يملكه، وقاله بصراحه لا تخلو من الوقاحة: أتمنى أن تغرق غزة في البحر! علاء المشهراوي - غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©