الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكويت على مفترق طرق

23 ابريل 2008 00:21
تعكس استقالة بعض أعضاء الحكومة الكويتية مؤخراً، وحل مجلس الأمة الذي تلا ذلك، تباينات هيكلية شديدة ونزاعاً مستمراً بين حكومة تفتقر إلى الاستراتيجية ومجلس أمة يفتقر إلى الرؤية، كما تواجه الحكومة الكويتية اليوم تحديا يتمثل في الاستفادة من انتخابات مايو 2008 لتحويل الاستراتيجية والإعداد للخصخصة وحكومة أصغر حجماً واقتصاد حديث متنوع، وليتسنى لها النجاح يتوجب على الحكومة أن تجد طريقة لدعم حكم الاستحقاق، وفتح الطريق لاستثمارات عالمية وإقليمية وتخفيف القيود الثقافية المتعلقة بالتعليم المختلط والسياحة وحقوق المرأة في المجالات الاجتماعية والشخصية والتسلية والرقابة· منذ ارتفاع أسعار النفط عام ،2003 كرّس أعضاء مجلس الأمة الكويتي وقتهم لإنفاق العائدات على فوائد وعائدات لصالح موظفي القطاع العام الذين تبلغ نسبة الكويتيين بينهم 90 بالمائة، ونجحوا في تقديم مرتبات مالية أكبر للطلبة الذين يدرسون في الجامعات الحكومية مجاناً، وقد اعتبرت مقترحات ناجحة كفيلة بإعادة انتخابهم، وأصبح أعضاء مجلس الأمة أشبه بصورة متزايدة بأعضاء النقابات العمالية، حيث قاموا بالضغط على الحكومة من أجل تحقيق المزيد من الامتيازات للموظفين، وتبني موقف معارض لمؤسسات الأعمال، يطالب بالمزيد من القيود والأنظمة على القطاع التجاري، وهي المواقف التي تركت الحكومة منهكة، غير محققة لرؤيتها في تحويل الدولة إلى مركز مالي وتجاري· يضاف إلى ذلك القلق الذي خلفته التوترات بين الجالية الشيعية، والتي تشكل 30 بالمائة من السكان، والغالبية السنية، عندما شارك اثنان من أعضاء البرلمان الشيعيين في مهرجان لتكريم ''عماد مغنية''، وكانت الحكومة قد أساءت التعامل مع رد فعل الجمهور التي نتج عنها هجمات كلامية ضد عضوي مجلس الأمة الشيعيين، بما في ذلك تهديدات من قبل زملائهم من أعضاء المجلس بتجريدهما من جنسيتهما· إضافة إلى ذلك، أن أجندة اجتماعية محافظة بدأت تحصل على دعم وشعبية في مجلس الأمة، فقد سعى التجمع الإسلامي إلى تطبيق قانون بالفصل بين الجنسين، ومنع المرأة من العمل بعد الثامنة مساءً في معظم الوظائف، وهي قوانين تعمل على عزل القطاعات الليبرالية من المجتمع ومؤسسات الأعمال· ورغم هذه التحديات، ما فتئ الكويتيون يمارسون حقهم في التعبير عن أفكارهم، فمنعت الحكومة في العام 2007 على سبيل المثال برامج الحوار في محطات التلفزة الحكومية، بما فيها البرنامج الأسبوعي الذي يقدمه كاتب هذا المقال، إلا أن برامج مماثلة وحوارات مثيرة ما زالت تُبَث على محطات خاصة وقنوات فضائية في المنطقة· ويوجد في الدولة 12 صحيفة يومية، كما أن أصحاب المدونات الكويتية ينشطون في الكتابة بشكل واسع، الأمر الذي يثبت أن تنظيم عملية التعبير العام عن الرأي بشكل كامل قد أصبحت مهمة مستحيلة بالنسبة للدولة· سوف تعرض انتخابات مجلس الأمة المزمع عقدها في مايو 2008 الفرصة للكويتيين لاختيار ممثليهم من خمس دوائر انتخابية واسعة بدلاً من ،25 كما كان الوضع في السابق، وكان سابقاً يجري انتخاب العديد من أعضاء مجلس الأمة عبر عملية شراء للأصوات، سوف يصبح من الصعب تطبيقها الآن بوجود حوالي 000،70 ناخب في كل دائرة انتخابية، كما ستضم الانتخابات كذلك عدداً أكبر من المرشحين المتقدمين على قوائم سياسية مثل الإسلامية والليبرالية والشيعية والوطنية والقبلية، وسيكون للمرشحين المستقلين دور أقل في هذه الانتخابات المقبلة· شهدت الكويت خلال السنتين الماضيتين انشقاقاً داخلياً، فمن ناحية، قام أفراد الشعب بمساندة أعضاء مجلس الأمة الذين يستطيعون تحقيق الشفافية في الحكومة وفي الوقت نفسه إفادة مناطقهم الانتخابية، ومن ناحية أخرى، أرادوا حكومة قادرة على إجراء تغييرات حاسمة في مجالات مثل التنمية وحكم القانون والتعليم والخصخصة· ويرى معظم الكويتيين دولتهم متباطئة وراء الدول المجاورة في مجالات مثل التنمية والإدارة والتعليم والخدمات، ولكن متقدمة أكثر في مجالات كالحريات الديمقراطية والشفافية والحقوق، ولذا فيتوجب على الكويت في نهاية المطاف أن تخلق نموذجاً للمجتمع وحكومة قادرة على الدمج بين الديمقراطية والتنمية بنجاح، ووضع أولوياتهما في الوقت نفسه· شفيق الغبرا أستاذ في العلوم السياسية بجامعة الكويت ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©