الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هواتف الشباب العمانيين.. واحد للبيت وآخر في صندوق السيارة

هواتف الشباب العمانيين.. واحد للبيت وآخر في صندوق السيارة
28 مايو 2009 23:54
قبل عقد من السنوات كنا نحلم بوسيلة تمكننا من التواصل الهاتفي مع الآخرين، يأتي أحدنا إلى البيت، يقول له أحدهم «هناك قائمة من الأسماء حاولوا الاتصال به، فلان وفلان، وأخرى لم تذكر اسمها»، وقد ينتظر المرء ساعات في انتظار مكالمة تلك التي لم تقل اسمها لعلها تعاود الاتصال. وعندما ظهر «البيجر- البليب»، رأينا في الأمر ثورة تكنولوجية متقدمة على زماننا، يرتجف في جيبك هذا الجهاز الصغير، فتدرك أن شخصاً ما يريدك، وعليك أن تبحث عن هاتف لتحدثه وتسأله ما هذا الأمر الداعي الذي استوجب هذه الرنة؟ لكن الزمن مضى في دورته، وجاء الهاتف النقال ليزرع ثقافة جديدة في أرضنا القابلة لزراعة ثقافات لا تحصى، بدأ حلمنا بجهاز اتصالات متنقل معنا على قدر كبير من الحجم، لكنه عدّ إنجازاً بشرياً تلقفناه رغم غلاء سعره وارتفاع فاتورته. من يتذكر اليوم يعرف الفرق، وما جرى خلال السنوات العشر الماضية في عـــــالم هذه التقنية، ومن يعود قليلاً إلى الوراء سيتكشف أنه من غير المعقول أبداً أن نحمل هاتفين معاً، وكان منتهى الحلم أن نملك جهازاً واحداً يكاد يثقب الجيب لشدة ثقله. كم رقم هاتفك؟ في وقائع حياتنا اليومية نسأل بعضنا البعض: كم رقم هاتفك؟ وسابقاً كان القول لا يحتمل القسمة على اثنين، يعطيك رقماً يبدو كأن الحياة جاءت لتمنحه إياه، فيصير هو الرقم، والرقم هو. أما في وقتنا الراهن فستؤكد عليه أن يعطــــيك الرقم الذي يرد عليه غالباً، فلا حاجة للذكاء لإدراك أن الشخص لديه أكثر من هاتف، والطبيعي جداً ألا يكون لديه رقــم واحد، بل اثنان وثلاثة وربما أربعة. في سنوات خلت جرت العادة لدى الزوج أن يمتلك هاتفين، أحدهما مخصص لاتصالات عموم الناس، والثاني للأصوات الناعمة التي لا يسمح بدخولها المنزل، يضع بعضهم الهاتف في صندوق السيارة الخلفي، يخرجه عندما يرى المنزل في المرآة العاكسة وقد أصبح وراءه، ويعيده قبل أن يبلغ (لفّة) البيت وهو عائد، لكن عليه تجهيز العذر فيما لو قامت الزوجة (بكبسة) حسب التعبير الشرطي في بعض الدول، واكتشفت ممنوعات في صندوق السيارة. ولأن عصر تقنية الاتصالات لا يكف عن مفاجأتنا لم يعد صندوق السيارة مكاناً أميناً لدى البعض في حفظ الهاتف الثاني، بل هو موجود في غرفة النوم، وتراه الزوجة جهاراً نهاراً، لكنه محكم الإغلاق، حوله حراس وجنود من الأرقام والشيفرات والعلامات اللامرئية التي لا تعطي أي دلالة أن ثمة ملفاً يتضمن قائمة من الممنوعات خطيرة. ميزة إيجابية تتباهى شركات الاتصالات بأنها تنمو بنسب كبيرة، وأن مشتركيها في كل دولة أكبر من عدد السكان، فإن هذا بديهي، فأكثر الأرقام هي علامات نائمة، قد تستيقظ ساعات من النهار، وقد تم إيقاظها لمهمة محددة تموت مع موت الحب الجديد، لكن هناك من يجعل من تعدد الأرقام ميزة إيجابية ومشروعة. يقول عبدالعزيز البحري- موظف في مؤسسة صحفية: «أصبح رقم الهاتف الأول معروفاً لدى جميع الصحبة، أما الثاني فلا يزال بين مجموعة من الأصدقاء، وأعطيه للبعض متحكماً في الشريحة التي أحسبها على بند عدم الإزعاج، والسبب الثاني هو أنني أســـتخدم رقمين لشركتي الاتصالات الموجـــودتين في عمان، أي عندما ينقطع إرسال أحدهما في منطقة ما يكون لدي الاحتياط». وينفي البحري بشدة أن يكون ذلك خط دفاع أمام اتهام الزوجة له بأنه كان خارج التغطية لسبب ما. فيما يقول يونس السليمي- موظف مصرفي: «ثمة هاتف لاستخدامات المكتب واتصالات العملاء، وينتهي وقت هؤلاء مع نهاية يوم العمل، أما الآخر فهو شخصي يمكن التواصل به مع أشخاص لا تربطني بهم صلة عمل، ولن يسألوني في منتصف الليل عن مشكلة ما في حسابهم». خاص وعام من جهته يقول سيف الحوسني- موظف في شركة سفريات: «إن الرقم الأول عام للأهل والأصدقاء والثاني خاص للحبايب والمهمات الخاصة». ولا يجد الحوسني حرجاً في الإقرار بأنه يشير إلى الفترة العمرية التي قضاها بين 16و22 سنة، أما الآن فإن هاتفاً واحداً يكفـــي، فقـط لأن هناك من دخلت حياته. وثمة من تعدي امتلاك رقمين إلى ثلاثة، إذ يقول هلال البادي- كاتب وإعلامي: «أمتلك ثلاثة أرقام، تلقيت أحدها هدية وهو مخصص للطوارئ فقط، والآخران: أحدهما للاستخدام الشخصي والثاني للربط بالانترنت فقط». ويضيف: «هذا كل ما في الأمر». خشية وجود اتهامات لا يستطيع إزاءها امرؤ سوى النفي، والنفي بشدة». وتجري التحولات بطريقة غريبة، كنا نحلم بهاتف واحد، أصبحا جهازين، وأوجدنا الأسباب الداعية إلى ذلك، صار اسمنا مقروناً بأكثر من رقم، قد تتغير غداً وبكل سهولة، فالأرقام مجانية، لأن البطاقة التي تدفع فيها بضعة ريالات محملة برصيد يساوي قيمتها. لكن ماذا عن الغد، هل ستتسع جيوبنا لثلاثة أو أربعة هواتف؟ قد نفعلها لأن الأجهزة في طريقها للتصاغر، وربما أننا سنتجاوز هذه الصدمات وسنكتفي بجهاز واحد، له شريحة واحدة، ولكن بأرقام كثيرة، رقم لكل صديق، ومن لا نرغب في سماع صوته يقول له الهاتف إن المشترك خارج التغطية (العاطفية) ومن لا نريد اتصاله في ذلك الوقت نحيله إلى خدمة أخرى «كلمني بعدين»
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©