الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيل العرم

سيل العرم
28 مايو 2009 23:57
حالات الوفاة من الإنفلونزا العادية تصل إلى 25 ألفاً سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية وحدها وذلك حسب رقم قرأته في تقرير إعلامي منشور على موقع الـ«سي إن إن»، وعلى الرغم من ضخامة الرقم إلا أنه لا يحظى بأي اهتمام إعلامي أو جماهيري مثل الاهتمام الذي يحظى به فيروس انفلونزا الخنازير على الرغم من أن درجة الضرر منه محدودة لغاية الآن بحمد الله. وأرقام الوفيات التي تنتج عن حوادث السير ومختلف الأمراض المعروفة - أبعد الله عنا وعنكم الشر- يصل إلى عشرات الآلاف في مختلف الدول وتحصل بشكل يومي، ومع ذلك تمر مرور الكرام من دون أن تثير اهتمام أحد إلا الذين ابتلوا بها، و لا تسمع أن شخصاً قرر مقاطعة السيارات وعدم استخدام الطرق في رحلة حله وترحاله اليومية، بينما نسمع في هذه الأثناء عن العديد من الأشخاص الذين يقومون بتغيير خططهم الصيفية ويلغون إجازاتهم السنوية مؤثرين السلامة وتحمل الحر والرطوبة على المغامرة وزيارة مكان شهد اكتشاف حالات من انفلونزا الخنازير وما أكثرها، لأن هدفهم من السفر البحث عن المتعة و«الونسة» وليس احتضان الفيروسات . إذا تعاملنا مع الأرقام بشكل مجرد فإن هناك العشرات من المسببات التي تفوق في تأثيرها المدمر انفلونزا الخنازير ومع ذلك لا تثير حالة الهلع التي يثيرها نجم شبك الفيروسات في 2009 هذه الأيام. هذه المفارقة تدفع إلى التساؤل: لماذا كل هذا الهلع من انفلونزا الخنازير على وجه التحديد على الرغم من أن خطرها لا يتوازى مع مخاطر أمراض أخرى نتائجها أشد فتكا ووقعها أكثر تدميراً ومع ذلك لا تحظي بأي اهتمام ويتم التعامل معها على أساس أنها من المسلمات ؟ ما أعرف شو الجواب على السؤال، هل هو الخوف الإنساني من كل ما هو غامض، أم أن السبب يتعلق بطبيعة العصر الذي نعيشه وشدة تركيز المعلومات وسرعة انتشارها، أم في وسائل الإعلام وتكرارها المستمر للقصة نفسها. الله وحده أعلم بالسبب الحقيقي لكن الذي أعرفه أننا في هذا الزمن أصبحنا محاصرين بالمعلومات، وهذا الحصار له تأثير على الناس والذين أضحوا يصبحون ويمسون على أخبار انفلونزا الخنازير لدرجة أن اكتشاف حالة واحدة فقط أصبح وكأنه يوازي اكتشاف 100 ألف حالة بسبب شدة التركيز وكثرة التكرار. و في النهاية الناس لا تلام، طرح القضية من حولهم يصور «انفلونزا الخنازير» وكأنها سيل العرم القادم لاقتلاع كل شيء وأي شيء، مع أن الواقع مختلف. سيف الشامسي Saif.alshamsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©