الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عرض للتجربة الإماراتية ضمن الملتقى الدولي للتراث والتعليم

عرض للتجربة الإماراتية ضمن الملتقى الدولي للتراث والتعليم
1 ابريل 2010 21:53
تواصلت فعاليات الملتقى الدولي الرابع للتراث تحت عنوان «التراث والتعليم: رؤية مستقبلية»، والذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث خلال الفترة (29 مارس – 1 إبريل/2010)، بمشاركة خبراء وباحثين وأكاديميين من 30 دولة عربية وأجنبية. وقد ألقى الضوء مجموعة من الباحثين الإماراتيين على تجربة الإمارات في تعليم التراث في اليوم الثالث للملتقى من خلال الجلسة التي ترأسها الدكتور ناصر بن علي الحميري مدير إدارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. في البداية تحدث سعيد بن كراز المهيري نائب مدير إدارة تطوير مشروع قصر الحصن بالهيئة، عن تجربته في تقديم برنامج المسابقات التراثية عبر الإذاعة منذ عام 2005، وقال «كان الهدف من البرنامج تعميق الهوية الوطنية عند الأجيال وتعريفهم بمفردات تراثهم عبر وسيلة إعلامية تتعامل مع شرائح متعددة من المتلقين المتباينين في جنسياتهم وأعمارهم وثقافاتهم، وكنا نرى أنه من المهم أن يكونوا على دراية بتقاليدنا وتراثنا». وأشار إلى استناده إلى مصادر ومراجع متعددة في التراث لإعداد البرنامج إلى جانب اعتماده على مصادر حية عبر علاقاته مع البدو وأهل البحر الذين ما يزالون يعيشون بالطريقة التقليدية. البرنامج يبث لمدة ساعتين في الأسبوع ويقدم مزيجا من الأسئلة المتعلقة بالأمثال الشعبية والعادات والقيم بالإضافة إلى عناصر التراث المادي والتاريخ المرتبط به. وقال « في البداية كانت تصلنا رسائل نصية تتراوح بين 100 و 150 رسالة استجابة للأسئلة البرنامج بالإضافة إلى اتصالات المستمعين عبر ثلاثة خطوط للهاتف، اليوم أصبحنا نستقبل 2500 رسالة نصية في الساعة وخطوط الهاتف أصبحت 18 خطا تستقبل ردود المستمعين من كل الجنسيات العربية، وهو أمر ساعد على وضع المفردة الإماراتية في متناول الجميع وبالتالي أصبحت مألوفة لهم». أما في التلفزيون فقد أعد المهيري برنامج «السردال» لقناة أبوظبي الإمارات في شهر رمضان الماضي حيث ضمنه العديد من الأسئلة التي تتعلق بالتراث الإماراتي بيئاته المختلفة ومن كل الإمارات بالإضافة إلى تضمينه للذاكرة الشعرية والثقافية في الإمارات. وفي تقديمه لرؤيته لإعلام التراث وتراث الإعلام، استعرض الدكتور حسن قايد الصبيحي المراحل التي مر بها الإعلام الحديث في دولة الإمارات والذي لم يكن لها أن تتطور قبل إقرار النظام السياسي للدولة ومؤسساتها والذي تجسد في قيام الاتحاد عام 1971، حيث تطورت وسائل الإعلام من مراحل الاطلاع والتأمل إلى مرحلة المشاركة ثم مرحلة محاولات الإصدار الأولى. ووجد الدكتور الصبيحي أن الإعلام في الإمارات وبعد أن اكتملت عناصره، منح مساحات واسعة وزمنا ممتدا لمعالجة قضايا التراث في مختلف الثقافات، تجلى ذلك في الكثير من معالجات الصحف وبرامج الإذاعة والتلفزيون ومنذ وقت مبكر. وقال «إن إعلام التراث بقدراته المتنامية إبان ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصال يشكل علامة فارقة تمنح التراث فرصة للعناية بمكوناته، فلم يعد يحمل الرسالة إلى جمهور محدود بحدود الدولة بل أصبح يمتلك إمكانيات وقدرات تمكنه من الوصول إلى كل مدى تصل إليه القنوات الفضائية». وأشار الدكتور الصبيحي إلى نمط البرامج الجماهيرية الشهيرة في أميركا التي يطلق عليها مسمى البلوك باستر Block Buster والتي تحظى بمتابعة الملايين من مختلف الثقافات والأثر الذهني والنفسي الذي تتركه لديهم. وقال « في أبوظبي على وجه الخصوص نجح الفريق القائم على الإعلام بتقديم نموذج البلوك باستر في برنامجين: الأول «شاعر المليون» الذي تتجاذبه الإيجابيات وعلى نحو أضحى فيه أقوى البرامج العربية على إطلاقها بما فيه من تنويعات الجودة والفكرة والرسالة والإنتاج والإخراج، وفوق ذلك المضمون الجاد والفني في آن. أما البرنامج الثاني وهو عمل يتقاطع إلى درجة كبيرة مع البرنامج السابق، وإن اختلف قليلا وهو برنامج «أمير الشعراء»، وهو نموذج من الجهد الإعلامي الثقافي الموجه للحفاظ على التراث الشعبي العربي باستخدامه الفصحى وبالتزامه بفنون وأعراف الشعر القديم». الدكتورة فاطمة العامري، أستاذة علم النفس الإرشادي بجامعة الإمارات والملحق الثقافي بسفارة دولة الإمارات بالقاهرة قدمت عرضا لخلاصة بحثها عن فاعلية برنامج إرشادي في تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى عينة من طالبات المرحلة الثانوية من خلال توظيف التراث. وقدمت تعريفات لمفاهيم الإرشاد النفسي ودورها في التربية والتعليم والمسؤولية الاجتماعية. ضمت عينة البحث 48 طالبة في الصف الأول الثانوي بمدرسة عائشة أم المؤمنين الثانوية بأبوظبي في العام الدراسي 1995-1996. وقالت الدكتورة فاطمة «أوضحت نتائج البحث أن برنامج تنمية المسؤولية الاجتماعية أحدث نموا ايجابيا لدى طالبات المجموعة، مما يعد مؤشرا على صلاحية هذا البرنامج للاستخدام في تنمية أبعاد وعوامل المسؤولية الاجتماعية، مما أتاح لهن التفاعل والمشاركة فيما يدور حولهن بتلقائية وعلى نحو ضمن لهن الشعور بتحقيق إمكاناتهن الذاتية». من جهتها استهلت الدكتورة أمينة خميس الظاهري، من قسم الاتصال الجماهيري بجامعة الإمارات ورقتها المعنونة بـ «الإعلام والتراث: الدور الغائب» بمقدمة أدبية عن زمن الجدات الجميل والمتواري خلف الحياة العصرية متسائلة عن البديل لذاكرة مثقوبة، وقالت «قد تكون الإجابة للبعض أن البديل في عصرنا هو الإعلام، ولكن البديل المعول عليه حفظ التراث لا يعرف بالتحديد ما معنى التراث، فقد اقتصر التراث لديه على أغان ورقصات شعبية طورت ففقدت طعمها وعبقها، وانحصر الأمر لديه في برنامج مسابقات أو جلسات شعبية هنا أو هناك، وقال للأبناء هذا تراثكم». واعتبرت الدكتورة أمينة أن وسائل الإعلام تستطيع إحداث تغيير اجتماعي وتشكيل الفكر الإنساني خاصة لدى الأجيال الشابة من خلال تقديم أنماط سلوكية وقيم معينة. وأكدت أن الإعلام في الإمارات يفتقر إلى الاهتمام بالتراث الشعبي إلا فيما ندر وبنسبة ضئيلة، وقالت «إن إعلامنا يتعامل مع التراث باعتباره وسيلة لجذب السياح وينسى أنه الثقافة التي ترفد هوية هذا المجتمع وتميزه عن غيره من المجتمعات الإنسانية». وقدمت المعلمة لبنى علي الطنيجي من مجلس أبوظبي للتعليم عرضا لتجربتها في تعليم التراث لمادتي التربية الوطنية والدراسات الاجتماعية، وقالت «إني انطلق من رؤية إعداد جيل واع مطلع على ماضي أجداده ويسعى إلى الالتزام به والحفاظ عليه وإبرازه أمام المجتمعات الأخرى؟، فتدريس التراث يرسخ لدى الطالب الانتماء لدولته وأمته وعائلته ويشعره بالأمان ومن ثم العمل على الحفاظ عليه وتفعيل وجوده». واستعرضت استراتيجيات التعلم من خلال إعداد خطة سنوية للتدريس وأخرى فصلية وبعدها خطة أكثر تفصيلا للدرس اليومي، حيث يتم تنفيذ هذه الخطط من خلال أدوات التحفيز المتمثلة في المواقف التمثيلية بين الطلبة وعرض الأفلام الوثائقية وطرح الألغاز الشعبية إلى جانب الاستعانة بأمهات الطالبات لسرد الحكايات الشعبية في المدرسة والتفاعل المباشر مع الطالبات. كما نوهت إلى دور الأنشطة الصفية وغير الصفية والزيارات الميدانية في تعزيز قيم التراث لدى الطلبة. طلاب جابر بن حيان حضر جلسة تجربة دولة الإمارات في المؤتمر مجموعة من طلبة مدرسة جابر بن حيان في أبوظبي، حيث قاموا بتوزيع الكتيبات التعريفية، والنشرة الإخبارية التي تعدها المدرسة كجزء من جهودها لتكريس قيم التراث لدى الطلبة. وقالت المعلمة مريم جاسم الزعابي معلمة مادة الدراسات الاجتماعية بالمدرسة «إن اهتمام إدارة المدرسة بتعميق الجانب التراثي لدى الطلبة يأتي من رؤية مستقبلية لتمرير قيمنا الأصيلة إلى الأجيال القادمة، من خلال مختلف مواد المنهج وورش العمل الجانبية، كما يتم استثمار المناسبات المختلفة لخلق أجواء تراثية حيوية للطلبة يتعايشون من خلالها مع التراث بقيمه المادية والمعنوية». ورأت المعلمة مريم أن طلبة المدرسة من الصف الأول وحتى الخامس يجدون في مادة التراث غرابة كونهم لم يعيشوا تفاصيله، فتأتي استجابتهم تفاعلية ومليئة بالدهشة والفضول، فعرض فيلم وثائقي في الصف أو القيام بزيارة إلى مواقع تراثية يفتح الباب لأسئلة كثيرة تنشد التعرف على هذا العالم. وقالت «تبذل مديرة المدرسة مجهودا كبيرا في هذا المجال، وفي الجانب الآخر هناك تجاوب وتفاعل من جهة أولياء الأمور الذين يقدمون دعمهم المعنوي والمادي لإنجاح هذه الجهود». من جهته ترأس جلسة استراتيجيات حديثة في تعليم التراث - الإعداد والتدريب المستمر لمعلمي التراث محمد أحمد بالحمر مدير أكاديمية الإمارات – العين، وشارك فيها كل من أ. د. سيد حامد حريز من السودان (نحو استراتيجيات حديثة في تعليم التراث)، أ. د. أوغال أوغاز من تركيا (التعليم الرسمي حول التراث الثقافي المعنوي في تركيا)، أ. د. نصر عارف من الإمارات (تعليم التراث أو التعليم بالتراث)، د. شرين محمد عتريس (مضمون التراث واستراتيجيات تدريسه في مناهج التعليم العالي). وقال البروفيسور الدكتور اوكال أوغوز إن اتفاقية صون التراث الثقافي المعنوي تؤكد على إشكالية نقل التراث المعنوي من جيل إلى جيل في النظام التعليمي الرسمي. فالبند 14 من الاتفاقية يلفت الانتباه إلى أهمية التعليم في المدرسة. وذكر أن نسبة السكان في الريف في انخفاض يومي بالمقارنة بالسكان في المدينة، وبالتالي فهم يفقدون كنوزهم الثقافية المعنوية حيث أن النظام التعليمي الرسمي يستعمل المصادر الحديثة والعلمية المتعلقة بالثقافة. وقد أصبح نقل التراث الشفوي صعبا في المجال التربوي الرسمي، فجيل الشباب لم يعد يتعلم العادات والفنون التقليدية في المدرسة. وبعد هذا الاستنتاج، أعدت تركيا برنامجا حول التعليم الرسمي للتراث الثقافي المعنوي في المدارس الابتدائية، وقد تحدث أوغوز عن التجربة التركية في هذا المجال. كما ترأس جلسة دور المتاحف والفضاءات الثقافية في تعليم التراث د. ميثاء الهاملي مستشار التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وشارك بها كل من د. هاني الهياجنة من الأردن (دور المتاحف في صون التراث الثقافي غير المادي وأهميتها في التعليم غير الرسمي)، الأستاذة ميري رحمة من المغرب (المتحف الاثنوجرافي ودوره في التعليم)، أ‌.مايلز جوردون من الولايات المتحدة الأميركية (دور المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي في إدخال مفاهيم جديدة في المدارس)، سلوى مقداد ومارجوري شوارزر من فرنسا (المتاحف ودورها في التعليم). ودارت ورقة أ.د.هاني هياجنة من كلية الآثار والأنثروبولوجيا – جامعة اليرموك – الأردن، في محورين، الأول تضمن إمكانية صون التراث، وخاصة غير المادي منه في المتاحف، وبين مدى أهمية المتاحف التقليدية في صون ما تبقى من رموز التراث الثقافي غير المادي الذي لم يعد فاعلا ومُعاشاً في المجتمعات، وناقش إمكانية مساهمة هذا النوع من المتاحف في تطوير رسالتها للتعامل أيضا مع التراث الحي والفاعل إلى يومنا هذا، وعرض أيضا لسيناريوهات بديلة، تمثلت في إمكانية إنشاء متاحف بيئية لصون التراث الثقافي غير المادي، والتي تنوح منحا تكامليا تندمج فيها نواح مختلفة تبرز فيها حياة الناس المادية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتفاعلات البيئية وسياقاتها المختلفة. أما المحور الثاني فتناول أهمية المتاحف في التعليم غير الرسمي، وكيفية تفعيل هذه العملية بالطرائق التربوية والتعليمية واستغلال المصادر المتحفية المختلفة، ولعله يمكننا الوصول إلى نتيجة فعالة بين الشبيبة، وهم الفئة المستهدفة في حمل راية التراث، عند بدئنا بتصميم مناهج مدرسية تشتمل على أطياف مختلفة من التراث الوطني، وتكون في نفس الوقت رابطا بين النشاطات المدرسية والحصة الصفية من جهة والمتحف من جهة أخرى، سواء كان تقليديا أم بيئيا، بحيث يمكن للمتحف أيضا المشاركة في تصميم ذلك المنهج المدرسي، فلعل ذلك سيسهم في بث الوعي بالتراث وأهميته، وتجعل المستهدفين قادرين على حمله للأجيال القادمة بكل فعالية واقتدار.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©