الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راشد المزروعي يوثِّق طبيعة الحياة الاجتماعية لجزيرة أبوظبي في رحاب «الحصن»

راشد المزروعي يوثِّق طبيعة الحياة الاجتماعية لجزيرة أبوظبي في رحاب «الحصن»
1 مارس 2014 00:46
أشرف جمعة (أبوظبي) - عمليات تدوين التاريخ الشفاهي مرآة هوية الشعوب والمصدر العتيد لحفظ خبرات الأمم والوعاء الحاضن لعلاقات الأفراد والجماعات وما يرتبط بمنظومه قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم ولم تزل روح البحث الخلاقة تواصل رحلتها من أجل اكتشاف طبيعة الحياة التي كانت تحيط بقصر الحصن، أهم معالم التكوين العمراني في جزيرة أبوظبي، ومن هؤلاء الباحثين مدير مركز زايد للدراسات والبحوث بنادي تراث الإمارات الدكتور راشد المزروعي، الذي تعددت مؤلفاته وتنوعت كتاباته التي تؤرخ للعديد من الأحداث المهمة في الحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية في الإمارات، لكنه استطاع أن يكوِّن نظرة عامة عن طبيعة الحياة الاجتماعية في رحاب قصر الحصن، واعتمد في كثير منها على الروايات الشفهية للعديد من الأجداد، الذين يحتفظون بحكايات تحتفظ بنكهتها ولذة مادتها التاريخية. نقطة التقاء ولا يخفي الدكتور راشد المزروعي أنه استمد فكرة بحثه عن الحياة الاجتماعية في جزيرة أبوظبي وارتباطها بقصر الحصن من فعاليات مهرجان العام الماضي، إذ يطمح في نهاية الأمر إلى أن يكمل بحثه عن هذه الحياة بترابطها وتشابكها ونموها من خلال الأسر الحاكمة التي توالت على القصر في مراحل تاريخية مختلفة ويلفت إلى أن الاهتمام بالشعر كان له بالغ الأثر في أن تحفل مجالس القصر بالاستماع إلى الشعراء الذين كانوا يعرضون مشكلاتهم عبر القصيدة المنظومة على عادة الشعراء القدامى، وهو ما يؤكد أن الحاكم كان يجلس بين الناس ويتحدث معهم ويناقش قضاياهم الاجتماعية والحياتية مما جعل قصر الحصن نقطة التقاء أبناء جزيرة أبوظبي ومحور تجمعهم حول قادتهم. حياة اجتماعية مدير مركز زايد للدراسات والبحوث بنادي تراث الإمارات بين أن مجلس الحاكم كان متنوعاً على أوجه عدة، فهو كان مجلساً سياسياً وثقافياً واجتماعياً وشعرياً في الوقت نفسه، وأن مشكلات الناس قديماً كانت تتوافق مع طبيعة حياتهم البسيطة التي كانت تخلو من التعقيدات الحالية، إذ إن الفرد كان يعرض على الحاكم خصوصياته مثل تضرره من احتراق بيته أو أن قوماً أغاروا عليه أو أن مركبه سرق أو إبله أيضاً وفي ظل هذه الشكاوى التي كانت تبحث عن حل لإصلاح البيوت المتضررة أو طلب إعانة لمواصلة الحياة والتكيف مع شظفها فقد كانت القصيدة الشعرية هي التي تعبر بصورة غير مباشرة عن الآلام النفسية وتصور الوقائع التي دارت بين الأشخاص وبعضهم بعضاً، وهو ما كان يعطي لطبيعة هذه الحكايات رونقها وجمالها في النفوس، مع اكتمال النغم الشعري والقدرة على التعبير بأشكال الكلمة الشعرية كافة، فكان الشعر هو المتحدث الرسمي عن الحياة الاجتماعية للناس بين ثنايا البرزة في قصر الحصن. تأثير الكلمة ويذكر أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه كان من الشعراء المهمين، لذا أسهم حسه المتيقظ بالكلمة وتأثيرها في النفوس في أن تتوهج الحركة الشعرية، وإلى اليوم يظل الشعر محور الحياة في الدولة وامتد هذا الظل الوريف إلى أن احتضنت الدولة العديد من المسابقات الشعرية التي تحظي بإقبال شعبي عارم مثل برنامجي شاعر المليون أمير الشعراء. معلم أثري وحول الاهتمام بقصر الحصن يقول: الشيخ زايد رحمه الله أبدى اهتمامه البالغ بقصر الحصن وأجرى له عمليات صيانة، وكان الهدف من إلحاق مركز الوثائق والبحوث به هو توسيع دائرة البحث العلمي وتوثيق كل ما يتعلَّق بتاريخ قصر الحصن ودوره في بسط سيطرته على مجريات الحياة في جزيرة أبوظبي ولم يزل القصر حتى هذه اللحظة الشعاع النافذ الذي يحرك وجهة البحث التاريخي ويمد الباحثين بالروايات والحكايات التي ترددت صداها في جنباته فهو ليس مجرد بناء، لكنه معلم أثري يؤرخ لطبيعة الحياة في شتى مناحيها بإمارة أبوظبي ويرسم صورة دقيقة لحياة الناس في تعاملاتهم اليومية وأعمالهم الحرة ومناشطهم الاجتماعية وشؤونهم الخاصة والعامة. سوق صغير أوضح مدير مركز زايد للدراسات والبحوث بنادي تراث الإمارات أنه اعتمد في مادة بحثه عن الحياة الاجتماعية في قصر الحصن وخارجه على الوثائق التاريخية والرويات التي اقتنصها من بعض الرواة الثقات من كبار السن، خاصة أن عددهم قليل جداً، لكنه وُفِّق إلى حد بعيد في التعرف على مظاهر هذه الحياة وما كان يميزها من بساطة وحب وتآلف بين الحاكم والرعية وبين الناس وبعضهم بعضاً في محيط تجاورهم في المساكن والتحامهم في الحرف البسيطة والسوق الصغير الذي كان موجوداً في جزيرة أبوظبي، والذي يجمع الناس بمعروضاته المتنوعة، والذي كان يشكل محوراً لتجمع الناس والتفافهم حول عمليات البيع والشراء وتقاربهم وتعارفهم مع وجود مجالس لفض المنازعات الخفيفة التي كانت تنشب مع الناس وبعضهم بعضاً بما يسجل مرحلة خصبة في حياة جزيرة أبوظبي أرخ لها قصر الحصن بنائه الشامخ وحضوره الطاغي على مسرح الحياة وما من شك في أن مهرجان قصر الحصن يعيد تلك اللمحات التاريخية والإضاءات الإنسانية إلى الذاكرة الفردية والجامعية في هذا العصر ويمنح الجيل الجديد فرصة للتعرف على إرثه الثقافي العميق الذي يتوغل في الزمان والمكان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©