الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سايكس ـ بيكو» جديدة للمنطقة العربية

«سايكس ـ بيكو» جديدة للمنطقة العربية
23 فبراير 2011 19:41
يشير الفاتح كامل في كتابه “مؤامرة تقسيم السودان” الصادر عن دار اليقظة والدار العربية للعلوم الى دارفور في إطار الصراع الداخلي والخارجي. ويفصّل ذلك بأنه توجد الآن فترة استعمارية جديدة تدور في منطقة آسيا الوسطى وحول نفط بحر قزوين تحديداً بالرغم من احتلال أفغانستان والتواجد الدولي الكثيف هناك للمحافظة على مصالح الدول الغربية، الأميركية على وجه الخصوص، وقبل هذا للمحافظة على النواحي الجيواستراتيجية والمتمثلة في كون المنطقة عازل مهم للتمدد الروسي المحتمل مستقبلاً ولوقف التوسع الصيني كما هو يعرض أيضاً. وهناك لعبة أكبر دارت حول نفط الشرق الأوسط وتمت في العراق منتهية باحتلاله. كما انه يعرض من بين يديه عددا من التقارير حول المنطقة قد يكون أهمها واحد يقرر بأن الأمم المتحدة تستعد لتفويض حلف (الناتو) بمهام في العراق ودارفور. كما أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان طلب مشاركة أميركية في قوات دولية إلى دارفور. وهناك خبر تناقلته عدد من وسائل الإعلام الغربية عن توقيع اتفاقية مجتزئة بين الحكومة وحركة تحرير السودان. ألعاب خطيرة ولخطورة هذه التقارير، وبما أن هذه التدخلات الدولية كانت تتستر دوماً وراء عناوين أخرى، يورد المؤلف تحليلا لبروفيسور اللغويات الأميركي الشهير نعوم تشومسكي الذي فضح فيه مغالطة هذه التدخلات وإن إختلفت مسمياتها وأسبابها، وأمكنتها وأزمانها. ويخلص إلى إن ما يهمهم في المشكلة الدرافورية هو عدم الانجرار لما يعرف بالتدخل لأسباب إنسانية أو قوات سلام لحفظ الأمن، فتلك مجرد ذرائعية أضحت مكشوفة للكافة في الوقت الحاضر، ويعتبرها المؤلف لعبة مصالح تتدخل فيها الصراعات النفطية بالدرجة الأولى بين عدد من الدول أهمها فرنسا والولايات المتحدة. ومن هنا تتضح وجاهة رفض الحكومة السودانية التدخل الدولي في تلك المنطقة الحساسة، ليس للسودان فحسب بل لمجمل المنطقة. ويذكّرنا المؤلف بأن السودان وتشاد كلاهما بلد اسلامي ونفطي، وهو أمر يذكر وإن من طرف خفي بالحرب العراقية ـ الإيرانية، على الرغم من أن الصراع في منطقة غرب السودان الذي طال لسنوات هو ذو بعد داخلي، ومنها الصراعات القبلية على الماء. ويلقي المؤلف على ما يسميه الدور العربي الخجول والذي يوحي بأن تلك الدول لم تستوعب بعد درس تخاذلها العراقي. وهو دور لا يمكن التعويل عليه كثيراً في كل الأحوال وسط حالة الانكفاء التي استشرت عقب احتلال الكويت وما تبعها على جميع الدول العربية بلا استثناء. كذلك يقول، أنه لا يمكن التعويل على موقف الصين أو روسيا الرافضتين لفرض عقوبات من مجلس الأمن على أربعة مسؤولين سودانيين كبار كبداية لهذا المسلسل غير المعروفة نهايته، في وسط الحديث عن صفقات كبرى بين الدول العظمى وخصوصاً روسيا والصين والولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني وهي المعضلة الأميركية الكبرى. وقد يكون التعويل على ترابط الجبهة الداخلية هو الملجأ الأول والأخير، والتعويل الأكبر قد يكون من خلال حث الحكومة السودانية لاختراق في المباحثات التي تجريها في أبوجا مع الأجنحة المتحاربة معها والمعروف أن الحكومة السودانية وافقت في المحادثات الأخيرة على كل بنود الاتفاق التي وضعها الاتحاد الإفريقي تقريباً ونجحت في النهاية في توقيع اتفاق مع اكبر القوى المعارضة لها بدارفور لوقف النزيف للتدخل الدولي المفترض. ويعيد المؤلف الأمور إلى جذورها، فيشير الى أن الصراع في منطقة المثلث النفطي الموجود بين السودان وتشاد وربما ليبيا أيضاً، هو بطبيعته صراع فرنسي أميركي على النفوذ والمصالح في المنطقة التي لها أهمية استراتيجية واضحة، وهي منطقة نفوذ فرنسي تاريخياً، وبالتالي فإن الصراع الجاري الان ليس أميركياً صينياً كما يراه بعض المحلليين. ويدلل على ذلك بالقول إنه في ظل التدافع الذي قامت به الولايات المتحدة مستهدفة الدولة العراقية، كان هناك طموح أميركي، برسم خرائط جديدة، للمنطقة الشرق أوسطية ويهدف هذا المخطط لإحلال واقع جديد في بعض الدول العربية والإسلامية ذات الموارد الاقتصادية الكبيرة والأعداد التي لا يستهان بها من السكان ويحدوها في ذلك الأمل في تفتيت هذه الدول الكبيرة مثل الجزائر والسودان والعراق ومصر والسعودية إلى كيانات صغيرة يسهل السيطرة عليها وقيادة شعوبها المتفرقة، المتضعضعة بسهولة تاركة بذلك وراء ظهرها كل إرث اتفاقية سايكس ـ بيكو، والموروثة من الحقبة الإنجليزية ـ الفرنسية. مرحلة جديدة يشهدها تاريخ العالم العربي الإسلامي المعاصر. مرحلة تتمحور حول جغرافية المكان الشرق أوسطي الجديد، الذي تحلم به أميركا وإسرائيل في آن واحد. عالم عربي إسلامي نشهد فيه بزوغ دول جديدة بينما دول عربية عدة مرشحة للتجزؤ والتشظي، والإنفراط، هو وضع جيوبوليتيكي جديد، يستهدف الوجود نفسه هذه المرة، وضع يحتدم فيه الصراع بين الولايات المتحدة ـ الساعية للاحتفاظ وللأبد بمقعد الدولة العظمى ـ واوروبا وروسيا المتحفزتين. وما سينتج عن هذا المخطط هو تطور خطير ومثير للاهتمام في ظل غياب إستراتيجية عربية إسلامية متفهمة وواضحة لمواجهة هذا المخطط، وأخطر ما في الأمر هو الصمت الحكومي الرسمي مع وجود صرخات كانت تصدر من العراق، الغارق في مواجهات مستمرة ما قبل احتلاله، وسوريا التي تحاول الإمساك بأي طوق للنجاة ولا سميع ولا مجيب. مستقبل مظلم هذا المخطط الجديد، القديم لإعادة رسم خريطة المنطقة الشرق أوسطية، يهدف إلى تفتيت وانفصال الكيان الإسلامي الممتد عبر العالم. فالولايات المتحدة ومعها حلفاء وقوى أخرى يسعون لتكريس هذا المستقبل المظلم للشعوب العربية. أليسوا هم أنفسهم الذين يقلبون صور الحقائق بتزييفهم لها؟ أليسوا هم الذين شوشوا الرؤية على العالم بمعاييرهم المزدوجة التي لا ندري إلى أين تقود العالم؟ أليسوا هم من يمارس الآن عمليات غسيل الأدمغة التي تتم لجزء هام من شعوبنا ليل، نهار؟ ويسأل المؤلف: الى متى الصمت حيال مخطط قضم العالم الإسلامي بتفتيته من أطرافه هذا المخطط الذي يتم على محورين: المحور الإسلامي الذي بدأ بإندونيسيا أكبر بلد إسلامي والذي بموجبه تم فصل تيمور الشرقية وهناك على الأقل إقليم مسيحي آخر مرشح للإنفصال. وفصل دول آسيا عن محيطها الإسلامي وخصوصاً الجوار التركي الإيراني. وكذلك محاربة الوجود الإسلامي في الفلبين تحت شعار القضاء على الإرهاب. وإطلاق يد روسيا في الشيشان مقابل ضمان السكوت الروسي حيال ما يجري في دول آسيا الوسطى. اما في المحور العربي، فهناك كما يقول المؤلف، المخطط الساعي لتفتيت العراق إلى ثلاثة أقاليم: كردي وشيعي وسني، على أساس ديني وطائفي بحث وعبر التلميحات بضم الأجزاء المتاخمة لتركيا، كركوك والموصل إليها وهو من الأجزاء الغنية بالنفط، وهذا يدخل ضمن إطار إلهاء تركيا عن دورها في محيطها الإسلامي وأيضاً في إطار إلهائها عن خسائرها الكبيرة في تجارتها الخارجية مع العراق نتيجة استفراد الشركات الأميركية باقتصاده بعد الإحتلال، وعن المستقبل الخطير الذي ينتظرها هي نفسها بدور قادم للأكراد فيها، فإذا ما عرفنا النفسية الأميركية جيداً فالولايات المتحدة لم تنس قط أن تركيا كانت ذات يوم مقر الخلافة الإسلامية وأن سقوط الدولة البيزنطية المسيحية تم بأيد تركية صرفة وأن فتح القسطنطينية تم على يد قائد تركي اسمه محمد الفاتح، حلم ذات يوم بأن تمتد الخلافة الإسلامية في كل أوروبا وطرقت جيوشه أبواب البلقان والنمسا. أما في ما يخص السودان فمخطط التقسيم يجري الآن على قدم وساق ويجري تنفيذه في غرف هادئة. وهناك الجزائر على قمة القائمة الجزائر المتهمة بالتحيز ضد البربر ومنطقة إقليم القبائل وتحت دعم فرنسي واضح للتظاهر هناك ضد الوجود العربي ويدخل ضمن هذا الإطار الإستهداف الأسباني للمغرب وذلك بإحتلال جزيرة ليلى ومدنها المحتلة في سبته ومليلة. أيضاً لا يخرج من هذا المخطط الفضفاض للتجزئة في الدول العربية مصر والسعودية، فواهم من يظن إن هذين البلدين الصديقين للولايات المتحدة بعيدين عن هذا المخطط، فإنفصال الجنوب السوداني الهدف النهائي منه هو ضرب مصر في صميم أمنها القومي وذلك بالتحكم في منابع النيل وعلى المدى الطويل قد يشجع ذلك الطوائف القبطية في مصر على الإنفصال، هذه الطوائف التي يتم شحنها من الغرب وعلى نار هادئة كلما ثار خلاف بين المسلمين والأقباط هناك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©