الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الانسحاب الأميركي في 30 يونيو «غير قابل للتفاوض»

29 مايو 2009 01:43
تحوم فوق المشهد العراقي غيوم كثيرة مع اقتراب موعد بدء انسحاب القوات الأميركية أواخر يونيو المقبل، وانتخابات تشريعية يتوقع أن تحدث مفاجأة أخرى على وقع ما حدث في انتخابات مجالس المحافظات قبل أشهر. وبين هذين الموعدين، وربما قبلهما تسقط على طاولة المشهد ملفات كثيرة مازالت تشكل عبئا ثقيلا على العراقيين وحكومتهم معا، فمن ملفات المحاصصة، إلى الفساد، والتحالفات السياسية، إلى ملفات الأمن وتدخل دول الجوار واللاجئين. حول هذه الملفات كان الحوار التالي الذي أجرته «الاتحاد» مع نائب رئيس الوزراء العراقي الدكتور رافع العيساوي. وفيما يلي نص الحوار: ? إلى أي مدى يمكن أن تحظى دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي لإلغاء المحاصصة والتوافقية بالقبول لدى الأطياف السياسية العراقية ولماذا عارضها البعض ؟ ?? بداية ينبغي التمييز بوضوح بين التوافقية والمحاصصة، فقد تختلطان والمساحة بينهما قد لاتكون كبيرة. فهناك فرق كبير جدا بين التوافقية وحاجة العراق لها كعملية سياسية، وبين المحاصصة. لقد قامت العملية السياسية على مبدأ التوافق بين مكونات المجتمع العراقي، إذا كنا نتكلم عن الديمقراطية مجردة، إذ يتوجب أن يكون فيها احزاب تحكم وفيها معارضة، وهو مبدأ مفهوم في حالة الديمقراطية المستقرة. في العراق تتمحور المشكلة حول أن كل الأحزاب في الفترة الماضية كان تمثيلها نسبي جزئيا، أي أنها تمثل جهة معينة ارتبطت بفئة أو جهة أو توجه أو مذهب، وعلى ذلك لم تكن ممثلة لكل العراقيين، من هنا يأتي القلق عندما يلغى مبدأ التوافقية، وهو أمر صعب الآن. وبالتالي فالمحاصصة مشكلة والتوافقية حل. إن رفض مبدأ المحاصصة لم يكن وليد هذه الدعوة اليوم، فقد كانت منذ البداية مرفوضة، ولو توافقت الأطراف السياسية على حل سياسي معين يناسب جميع مكونات الشعب العراقي، ليس حلا سياسيا يعني المحاصصة داخل التوافق، لكان الأمر اختلف. بمعنى أن التوافق على حل شيئ، وأن يشغل الوظيفة العامة أفراد من أحزاب معينة شيء آخر، والنموذج الثاني هو المحاصصة. بالإمكان للكيانات أن تتوافق على شكل الدولة العراقية مركزيا، ما هي حدودها الفيدرالية، طبيعة العلاقة بين السلطات، القوانين التي تحتاجها التجربة السياسية وضرورة حمايتها، التداول السلمي للسلطة، كل هذا في داخل هذا السياج الكبير للتوافق، بمعنى إعطاء تمثيل لكل العراقيين لاينبني على الأساس الحزبي. يمكن أن تتفق الكيانات على حل يجمع في ظله كل العراقيين، والجميع ممثلون في الوزارة. في الفترة الماضية كانت وزارات تقفل على أحزاب معينة وأحيانا على جزء من حزب وهذه مرفوضة قطعا في ظل التوافق وفي غيابه. ? لكن التشكيلة الوزارية جاءت أصلا على أساس محاصصة؟ ?? العراق ليس أول من عمل بمبدأ الحكومات الائتلافية، فالحكومة مبنية على وضع العراق السياسي، لأن العراق لايمكن أن يدار من جهة أو مجموعة فيها أو توجهها مذهبي. إن جزءا من أخلاقيات والتزامات العملية السياسية الجديدة أن تدار هذه العملية بالتوافق بين مكونات الشعب العراقي، وهو ضمان لنجاحها. اليوم لانريد أن تهدد العملية السياسية بهذه القضية، لكن الجميع بالتأكيد مع رفض المحاصصة رفضا قاطعا، حتى مع وجود التوافقية. هناك حلول كثيرة للعراق الجديد لكن في ظلها يجب أن يمثل جميع العراقيين بغض النظر عن خلفيتهم الدينية او المذهبية أو العرقية وبهذا نميز بين التوافقية والمحاصصة. ? في ضوء الانتخابات المحلية التي حققت نتائج فاجأت البعض، كيف ترى مستقبل التحالفات، خصوصا أنها دفعت عددا من الأحزاب أو الكتل إلى إعادة النظر في تكوينها أو توجهها؟ ?? ماحصل في انتخابات مجالس المحافظات ممارسة ديمقراطية ، والشارع العراقي له مزاج سياسي يراقب فيه الأحداث وبالتالي يستطيع اختيار ما يريده مازال داخل الممارسة الديمقراطية المحترمة دستوريا. وعلى هذا الأساس أفرزت العملية الانتخابية توجهات الشعب العراقي الجديدة، لكنها لم تكن في مكان دون آخر. لقد بدأ المزاج السياسي للعراقيين بعد هذه السنين ينضج كثيرا. ومن المبكر الحديث عن التحالفات الآن، فلم يتبق على الانتخابات التشريعية إلا بضعة أشهر . وأقول إن جميع الكتل السياسية العراقية في المشهد العراقي في حالة مراجعة، لبرامجها وأوضاعها، لتحالفاتها ومشاريعها أيضا. واعتقد أن نبض الشارع العراقي مع المشروع الوطني، ويجب أن يكون كل العراقيين ممثلين ليكون هناك برنامج وطني. وأعتقد إذا أطلقنا أيدينا لاختيار الكفاءات العراقية من مختلف مكونات المجتمع العراقي بغض النظر عن مذاهبهم وأحزابهم، يمكننا القول عند ذاك أن المشروع الوطني قد تعافى. ? هناك أنباء عن تعديلات وزارية تطال 10 وزراء، ما مدلولات هذه التعديلات في إطار ملفات الفساد الإداري والمراجعة التي يقوم بها البرلمان وهيئات النزاهة، هل تدخل في إطار مراجعة سلبيات المرحلة؟ ?? التعديل الوزاري ممارسة وحق للحكومة تمارسه في أي وقت، بل ربما جاء متأخرا الآن، وطبعا لاسباب. فقد كانت الحكومة منشغلة في الملف الأمني من جهة، أو كانت هناك مشاكل تعيق هذا الامر. ورغم ورودها متأخرة لكنها مهمة جدا، فهي تعطي الانطباع بإمكانية الإصلاح. اعتقد الآن أن الحكومة تتحدث عن ملء شواغر الوزارات والتي هي التجارة، الزراعة، والمرأة، ومن المبكر القول ماهي الوزارات التي قد تخضع للتغيير، فهناك تقييم لمشاكل من جهة ولأداء بعض الوزارات من جهة أخرى قد ينبني على أساسه التغيير، لكن لم يحدد نوع الوزارات المستهدفة بهذا التغيير. ? هل هناك انسجام بين أداء الحكومة وبين مجلس النواب؟ ?? هذه الاستجوابات في مصلحة العملية السياسية بالتأكيد بغض النظر عما يقال من التصعيد الإعلامي، نحن نفهم أن هذه ممارسة دستورية نحترمها أولا. ثانيا هذا هو دور البرلمان، رقابي وتشريعي، وعندما يسأل فهذا جزء من صلب عمله، وينبغي أن لايكون هناك أي تحسس داخل الحكومة التي أنا جزء منها، عندما يمارس البرلمان دوره الرقابي لأن ذلك يحمي الحكومة. ? لماذا ما زالت الميليشيات مسيطرة على المشهد العراقي، ولماذا تسمح الحكومة للأحزاب أن تشكل ميليشيات ، مثل بدر والمهدي والبيشمركة على حد سواء؟ ?? لقد تغير المشهد الأمني والعسكري في العراق كثيرا، وتحسن كثيرا، وكذلك المؤسسة الأمنية العراقية (الدفاع والداخلية). وعلى سبيل المثال وزارة الداخلية نظفت وطردت أكثر من ستين ألف منتسب من داخلها، وهذا رقم هائل بمثابة جيش، وبالتالي فهناك مراجعة ومراقبة وتكثيف للجهد الاستخباري داخل عملها لكي تمنع اي عمل له أي صبغة غير مهنية. لاأريد أن أرسم صورة وردية، فالمؤسسات فيها مشاكل وستبقى لفترة طويلة، وتحتاج إلى جهود لتغييرها وتنظيفها من العوامل المسيئة لكن الفرق كبير جدا عن السنين الماضية. ? هناك تأكيدات حكومية حول استقرار أمني واستعداد عراقي لتسلم الملفات الأمنية من القوات الأميركية في حال انسحابها، إلى أي مدى يبلغ الاستعداد العراقي، وهل سينسحب الأميركون فعلا، مازالت هناك تفجيرات تحدث؟ ?? لايقصد بالاستتباب الأمني ألا يوجد تفجيرات أبدا، لايمكن أن تقاس الأمور بهذه الطريقة. فالاستتباب الأمني واضح إذا ما قورن بالأوضاع الأمنية السابقة. إن بناء قدرات الجيش العراقي كمؤسسة تتعافى، وقلت إن هناك مشاكل تحتاج إلى وقت للإصلاح، لكن عامة هناك تقدم في بناء قدرات القوات الأمنية العراقية وخاصة الدفاع، وبالتالي عندما تقدم الوزارة تقريرها إلى مجلس الوزراء بأن لديها القدرة على مسك الأرض بعد انسحاب الأميركيين، فنحن نثق في ذلك. وعلى هذا الأساس تأخذ الحكومة قرارها بتثبيت موعد الانسحاب واعتباره موعدا نهائيا. ستبدأ القوات الأميركية الانسحاب في 30 يونيو وهو موعد غير قابل للتفاوض. هناك نص في الاتفاقية الأمنية أن تخرج القوات الأميركية من المدن، لكنني أتحدث عن الخروج النهائي وهو مثبت في الإتفاقية الأمنية (صوفا) في نهاية 2011. ? لنتكلم عن الفساد الإداري ماذا بعد وزيري التجارة والنفط؟ ?? قبل التحدث عن وزراء محددين ، لنتحدث عن ظاهرة دون ربط الظاهرة بالأسماء لأننا حينها سنحتاج لقرار قاض، لتتحول من قرار اتهام إلى إدانة . نحن لانتكلم عن اتهام محدد، بل عن ظاهرة موجودة ومستشرية في المؤسسات وفي الوزارت، لا أقول إنها قفزت في غفلة في المؤسسات، بل قفزت إلى المشهد بسبب الحرب، ودائما تبرز مثل هذه الظواهر في زمن الحروب ، والعراق في حروب لم يتعاف منها. هذا العام فقط بدأ يتعافى من المشاكل الأمنية، خلال هذه الفترة قطعا تولدت مشاكل فساد مالي ووزاري في كثير من الوزارات، وهنا يأتي دور ديوان الرقابة المالية ومفوضية النزاهة إضافة إلى لجنة النزاهة بالبرلمان. ما أريد قوله يجب ألا يتم تسييس قضايا الاستجواب، لأنها وضعت أصلا لحماية الوزارة وحماية الحكومة والمال العام، وعندما تتحول إلى ابتزاز سياسي، تصبح مشكلة. لكن إذا أخذت بمهنية كأن تطلب التقارير والعقود وسير العمل في الوزارة وسلوك الوزارة المهني والإداري والمالي وتدقق بمهنية عالية دون تسييس للملف ستكون هذه الممارسة محترمة ومشروعة ومحفوظة دستوريا. وبالتالي فمن حق البرلمان أن يستدعي أي شخص في العملية السياسية ويسأله أو يناقشه أو يستجوبه أو يحجب الثقة عنه، هذا دوره. ? ما مدى التغلغل الإيراني الفعلي في الجسد السياسي العراقي؟ ?? أرجو أن يكون واضحا أن موضوع العلاقات مع دول الجوار جميعا وحجم المشاكل التي تتولد على المستوى الثنائي بين العراق وأي دولة من دول الجوار ، له طرق للحل. واعتقد أن الدبلوماسية العراقية تقدمت كثيرا في تشخيص المشاكل ووضعتها على طاولة المفاوضات، ونأمل أن يكون هذا الطريق هو الأمثل لمنع تدخل أي أحد من دول الجوار في شؤون العراق الداخلية. بالمقابل فالدستور العراقي يحرم ولايجيز أن يكون العراق منطلقا أو ممرا أو معبرا لتهديد دول الجوار. لدينا مشاكل حقيقية مع بعض دول الجوار، والقنوات الدبلوماسية هي الطريقة الأمثل لإيجاد الوسائل الصحيحة لحلها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©