الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيارات بوتين تجاه أوكرانيا الجديدة

خيارات بوتين تجاه أوكرانيا الجديدة
28 فبراير 2014 23:06
ربما كان لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مخطط لأوكرانيا، ولكن الوضع في تلك الدولة دخل مرحلة جديدة في يوم الجمعة الماضي. فانتقل إلى المخطط البديل (أو المخطط ب): انتقال تدريجي للسلطة، ولكن الوضع تغير أيضاً مرة أخرى في يوم السبت. فهل يمكن الحديث عن انتكاسات لموقف الكرملين في أوكرانيا؟ نعم من وجهة نظري، وخاصة بالنظر إلى الطريقة التي أثرت بها على مكسب العلاقات العامة المتوخى من ألعاب سوتشي الشتوية. ولكن هل يمكن الحديث أيضاً عن خسارة للموقف الروسي؟ ليس بالضرورة، إذا استطاع بوتين تفادي ذلك. والواقع أن الثورة في شوارع كييف شيء غير محبب لدى الرئيس الروسي، لأسباب عديدة قد لا يكون أقلها النموذج الذي قد تؤسس له. ولكن إذا كان بعض الروس قد أساؤوا باستمرار قراءة تمسك الأوكرانيين بسيادتهم، فإن روسيا ما زال لديها أيضاً الكثير من التأثير في أوكرانيا ومصلحة كبيرة في استعمال هذا التأثير وأوراق الضغط المتاحة لها هناك. والآن وقد أعيد خلط الأوراق، فإن بوتين يستطيع هو أيضاً اللعب بالأوراق المتوافرة في يده حالياً، ومن المستبعد أن يضيع الوقت أو الطاقة في الندم على تلك التي فقدها. وليس من مصلحة روسيا الآن الإبقاء على أوكرانيا في حالة عدم استقرار وانفلات، كما يقول محللون. ذلك أن بقاء أوكرانيا في حالة اضطراب مستمر سيجعل من تدخل روسي صعب ولا يمكن التنبؤ بنتائجه أمراً لا مفر منه تقريباً، كما أنه سيقلِّص أيضاً من احتمال أن يستطيع البلد تسديد فواتير الغاز الروسي الضخمة. وفي هذا السياق، كتب الصحافي المتخصص في السياسة الخارجية فيودور لوكيانوف في مقال نشر يوم الجمعة: «إن بوتين يخشى الفوضى»، مضيفاً «إن المحرك الرئيسي وراء سياسته تجاه أوكرانيا لن يكون سعياً للتوسع، وإنما الرغبة في تقليص خطر امتداد الفوضى إلى روسيا». والواقع أن تطور الأحداث المتسارع في أوكرانيا باغت الكرملين، كما تقول ليليا شيفتسوفا من مركز «كارنيجي» موسكو، ولكنه ليس أيضاً هزيمة تامة لموقفها -حتى الآن على الأقل. وتضيف قائلة: «إن أوكرانيا هي أهم موضوع على أجندة السياسة الخارجية الروسية»، غير أنه يمكن لروسيا أن تتوقع أن «الغرب، وخاصة الاتحاد الأوروبي، سيكون بطيئاً جداً ومتردداً جداً» في اغتنام الفرصة. ومن المعروف أن بوتين دعم الرئيسَ فيكتور يانوكوفيتش سياسياً واقتصادياً ولكنه لم يكن يحبه شخصياً، حيث يقال إن بوتين كان يجد يانوكوفيتش «شخصا لا يمكن الاعتماد عليه وغير جدير بالثقة»، كما كتب لوكيانوف. واليوم، خرجت يوليا تيموشينكو، وهي رئيسة وزراء سابقة، من مستشفى السجن وعادت إلى المشهد من جديد. وقد كانت من زعماء الثورة البرتقالية في سنة 2004، التي اعتبرها بوتين موجهة بصورة شخصية ضده وقتئذ، ولكن بعد وصولها إلى السلطة، كان الاثنان يتفاهمان أيضاً على نحو جيد عموماً. فهي تتمتع بإرادة قوية وغنية، ويقول محللون إن بوتين يحترم ذلك. وبعد أكثر من عامين في السجن، قد تكون تيموشينكو اليوم أضعف صحياً وربما متأخرة جداً عن الأحداث حتى تعود إلى موقع مسؤولية، ولكنها قد تستطيع على الأقل لعب دور قناة الاتصال بين موسكو وكييف. وعليه، يمكن الانتقال الآن إلى المخطط البديل. وهدف بوتين الرئيسي كان إدماج أوكرانيا ضمن اتحاده الجمركي الجديد لمنطقة أوراسيا. ومثلما يدرك بوتين، فإن أوكرانيا أساسية لنجاحه. ذك أن خروج كييف من الاتحاد السوفييتي السابق في خريف 1991 شكَّل الضربة القاتلة للاتحاد قبل انهياره، وإذا بقيت أوكرانيا خارج اتحاد أوراسيا، فإن هذا التكتل لن يصبح أبداً تلك القوة الاقتصادية التي يطمح إليها بوتين. وما زالت روسيا تمتلك أيضاً وسيلة ضغط قوية: فهي تزود أوكرانيا بكل الغاز الطبيعي الذي تستهلكه، والعاصمة كييف مثقلة بالديون. وهنا يمكن للكرملين أن يقرر المضي قدماً بخصوص برنامج قروضه المعلقة لأوكرانيا بقيمة 15 مليار دولار، الذي وُقع قبل شهرين مع يانوكوفيتش. ولئن كان مخطط بوتين لجلب أوكرانيا إلى حظيرة هذا الاتحاد قد بات معلقاً في الوقت الراهن، فإنه من المستبعد أيضاً أن يهب الاتحاد الأوروبي وسط خضم الثورة الأوكرانية لعرقلة الكرملين. ولذلك، بوسع موسكو أن تنتظر. وفي هذا السياق، قال ميروسلاف مارينوفيتش، نائب رئيس الجامعة الكاثوليكية الأوكرانية، في مدينة «لفيف» الواقعة غرب البلاد: «إن أوروبا ستكون خائفة منا في حالتنا الحالية»، مضيفاً «علينا أن نعود دولة عادية من جديد، وحينها يمكننا أن نتحدث عن المستقبل». وكانت الاضطرابات قد اندلعت إلى حد كبير بسبب لعبة شد الحبل بين روسيا والاتحاد الأوروبي التي كانت أوكرانيا عالقة فيها. فيانوكوفيتش كان قد أعلن أنه سيوقع اتفاقية تجارية مع أوروبا في نوفمبر ثم تراجع عن ذلك فجأة بتشجيع من الكريملن. وقد تحدث سياسيون وكتاب افتتاحيات روس طيلة عطلة نهاية الأسبوع الماضي عن إمكانية تفكك أوكرانيا وانقسامها إلى شرق يتحدث اللغة الروسية وغرب يتحدث اللغة الأوكرانية. ولكن لا أحد في أوكرانيا (لا في الشرق ولا في الغرب) يكرر تلك الفكرة. ولا حتى في الكرملين. غير أنه إذا جعل الوضعُ الجديد سكانَ الجزأين الشرقي والجنوبي من البلاد -أولئك الذين يشعرون بروابط قوية مع روسيا والذين منحوا دعمهم لحزب يانوكوفيتش، «حزب المناطق»- يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية في أوكرانيا الجديدة، فقد تقرر موسكو أن عليها القيام بعمل معين. وقد تكون إقامة علاقات اقتصادية حصرية مع تلك المناطق، وتقليل أو وقف المبادلات التجارية مع بقية أوكرانيا، أحد تلك الأعمال. بيد أن التدخل العسكري سيمثل خطوة نارية وتصعيدية يقول محللون روس وأميركيون إنها ستأتي بتكلفة باهظة جداً بالنسبة لموسكو، وستتحول معها شبه جزيرة القرم إلى بؤرة توتر، وخاصة في حال قرر برلمانها المحلي طلب الحماية الروسية، مثلما يخشى البعض أن يحدث. وفي هذا السياق، قالت المعلقة يوليا لاتينينا في حوار على إذاعة «إيكو موسكفي» إن إرسال الجيش أو البحرية -يذكر هنا أن لدى روسيا قاعدة بحرية في القرم- سيكون مشابهاً لغزو العراق لدولة الكويت، الذي أدى إلى حرب الخليج. و«ذلك سيمثل خطأ فادحاً»، مثلما قالت سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي الأميركي، في يوم الأحد على برنامج «واجه الصحافة» الذي تبثه قناة «إن بي سي». وحين سئلت حول ما إن كانت تعتقد أن بوتين ينظر إلى الأزمة الأوكرانية من خلال عدسات الحرب الباردة، عندما كانت موسكو تستعمل جيشها للحفاظ على الحكم في الدول التابعة لها، أجابت رايس: «ربما، ولكن إذا كان ذلك صحيحاً، فتلك رؤية قديمة للأشياء عفا عليها الزمن!». ويل إنجلند كييف ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©