السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفلاج عمان تجري في مياهها حكمة الأجداد وكفاحهم

29 مايو 2009 23:36
كل قرية عمانية مدينة للأجداد بما بقي فيها من حياة، فلولاهم لما وصلت المياه إلى تلك الأمكنة لتجعل منها حواضر سكنية وواحات خضراء، تجري بين حدائقها أقنية مائية تدعى الأفلاج، في معمار مائي معروف في عمان منذ قرون لا يعرف مداها إلا الخالق عز وجل. والأفلاج شبكة مائية متكاملة تعمل على مد المياه من منابعها داخل الجبال ومن مسافات بعيدة أحيانا لتصل إلى القرى المستفيدة منها، يأخذ السكان حاجتهم من المياه بشكل مباشر من السواقي الممتدة داخل القرية، فيما يتم توزيعها على المزارع وفق آلية فريدة تعتمد على التقسيم الزمني وتحت إشراف شخص تختاره القرية يسمى وكيل الفلج، وغالبا ما يخصص جزء من عائدات بيع بعض الحصص، ومن المحاصيل الزراعية كوقف للفلج، بغية الصرف على صيانة قنواته وسواقيه، في تطبيق لمبدأ الشورى بين الأهالي من أصحاب المصالح في ذلك الفلج، أما من ليس لهم مزارع نخيل يسقيها فلا كلمة لهم فيه. إعجاز هندسي يتوارث السكان عادات وتقاليد مرتبطة بهذا النظام المائي لا يمكن الخروج عنها، ورغم أن بعض المسالك المائية تعبر بالقرب من قرى معينة إلا أنها تسير إلى قرى أخرى مجاورة، ويتم توزيع المياه الجارية في سواقيها حسب أعراف يورّثها الكبار لأبنائهم. وتشير الدراسات العمانية حول الأفلاج بأنها قديمة جدا، وتذكر أن أفلاج في ولايتي «منح» و»سمائل» بنيت قبل 1500 عام، ويظهر الإعجاز الهندسي في كيفية محافظتها على تدفق الماء داخل السواقي وامتدادها لعدة كيلومترات تحت الأرض لتصل إلى المقصد النهائي. هذه الهندسة راعت العيون التي تشكل النبع للفلج وأيضا العيون الأخرى المساعدة للجريان على امتداد الفلج تحت باطن الأرض مرورا بأودية ترفد الفلج بالمياه بشكل متوازن يحقق وجود الجريان سنوات وفق معدل شبه ثابت، يتناقص تدريجيا إذا تباعدت أوقات سقوط المطر (وجريان السيول في الأودية) وتزيد تدريجيا بعد مواسم الخصب. اسم ومعنى اشتق اسم الفلج من معنى «فلق» أو «شق»، أي إحداث فلق في الصخور لتكون العين التي يخرج منها الماء، ثم شق القناة الموصلة لشريان الحياة إلى حيث البشر والشجر. وتنقسم الأفلاج إلى ثلاثة أنواع، الأول هو الداؤدي (ويشكل ما يقارب نصف أفلاج عمان) ويمتد في قناة طويلة محفورة لعدة كيلومترات تحت الأرض وبعمق يصل أحيانا إلى عشرة أمتار، ويمتاز بتواصل جريانه وعدم تأثره المباشر بمواسم الخصب والقحط. والنوع الثاني هو العيني، واسمه دال عليه، فهو يعتمد على عيون المياه وهي أقل الأنواع عددا في السلطنة. أما النوع الثالث فهو الغيلي، ويستمد جريانه من مياه سطحية وشبه سطحية، وتعتمد كثيرا على جريان الأودية، تفيض سريعا بعد موسم الأمطار، وتضعف بشدة إذا تباعدت أوقات الأمطار، وأكثر من نصف الأفلاج بالسلطنة من هذا النوع. أعراف متوارثة خلال عملية توزيع الماء، وتسمى الدوران، تتفاوت بين أربعة أيام و21 يوما، وقد يقسم اليوم إلى سبع فترات هي الفجر والشروق، ومنتصف النهار، ووقت صلاة العصر والغروب، والعشاء، ومنتصف الليل، ومع دخول عصر الساعات فإن الوقت أصبح أكثر دقة من الاعتماد على الاجتهاد الذي قد يختلف بين إنسان وآخر، وتقاس الفترات أحيانا بالساعة الزمنية حيث ينتصب في ساحة عامة بالحارة عمود خشبي (أو حديدي) يتم القياس على ظله، فيما تعتمد بعض القرى على طول قامة الإنسان الذي يقوم بقياس طوله بأقدامه، وحسب طول معين له حق تحويل وجهة الماء المنساب إلى نخيله. ومن الأعراف المتوارثة في هذا الشأن أيضا، اعتمادهم على الشمس في تحديد الأوقات حسب طول الظلال، وكانوا يترقبون النجوم في تحديد أوقات مواعيد الحصول على (الدور)، وتقول دراسة «ان عدد النجوم الرئيسية المستخدمة في عمان ما بين 20 إلى 25 نجما لكل فلج، ويتغير من فلج لآخر تبعا لظروف الأفلاج البيئية والتاريخية والاجتماعية». ويستخدم حوالي نصف عدد المجموعة كل ليلة ويتغير ذلك بحسب اختلاف اليوم في السنة. يكون أصعب وقت لتعيين الأثر في توقيت النجوم والمد التقليدي هو الوقت الفاصل بين بادّة الليل وبادّة النهار، وذلك لأن التوقيت في هذا النظام يعتمد على ملاحظة حركة الشمس والنجوم ويكون من الصعب تقدير بداية ونهاية كل بادّة أثناء شروق وغروب الشمس. وفي حالة إذا ما كان الجو غائما، خاصة عندما تكون الغيوم من جهة الشرق، يستخدم المزارعون نظاما آخر للنجوم في الغرب يتزامن غروب نجومه مع طلوع نجوم الري
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©