الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من أيقونة «العريش» إلى فضاء الاستدامة

من أيقونة «العريش» إلى فضاء الاستدامة
20 فبراير 2015 23:02
نوف الموسى (أبوظبي) قدم مهرجان قصر الحصن، أيقونة (العريش)، كإحدى أهم المساكن الصيفية لأهل المنطقة المحلية، التي اهتمت باستثمار المواد المتوافرة في الطبيعة، والتي من شأنها الحفاظ على منظومة العطاء المتبادل بين الإنسان كونه مستهلكاً، لتلك الموارد، وبين الطبيعة، باعتبارها مصدر الثراء والزخم والضخ لملايين الأصناف المعيشية لمختلف الكائنات الحيّة على الأرض، معيداً بذلك مطالبات الباحثين، في أهمية قراءة العمارة التقليدية، طريقاً للوصول إلى فضاءات الاستدامة، والتي تضمن بدورها التكامل في مقومات الحفاظ على المناخ. اختيار (العريش)، كملف للنقاش، لا يلغي دور الأبنية الطينية، الهادف إلى تعزيز مبدأ الحفاظ على البيئة، وإنما جاء اختزالاً لرحلة البناء العريقة محلياً. وحول محاور التوازن البيئي، وإعادة النظر في استثمار المكونات الطبيعية للبناء المعاصر، أوضح الباحث في العمارة التقليدية المحلية بيتر جاكسون، المشارك في مهرجان قصر الحصن، في معرض «لئلا ننسى» التابع لمؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، كمتحدث عن نظام الأبنية القديمة، بقوله لـ «الاتحاد»: الدرس الأكبر الذي يمكننا استقاؤه من الأبنية التقليدية، سواء كان أساسها الطين، أو العريش، أو الحجر، هو أنها أكثر استدامة من المباني الموجودة اليوم. وهذا بحد ذاته أمر مثير للاهتمام، وهو مرتبط بما نفكر به حالياً عبر سؤال أنفسنا: «كيف يمكننا بناء صروح مستدامة، مصدرها من الطبيعة وتعود إليها»، لافتاً أنه اكتشف (العريش) عندما كان طالباً، تحديداً في سبعينات القرن الماضي، ووقتها كان مهتماً بطريقة وضع سعف النخيل وجمعها معاً، مبيناً أن الموارد المستخدمة في بنائه، على درجة عالية من التكيف، واستخدمت لعدة أغراض متعلقة بالمباني والصروح. وبناءً على خياطة السعف، وتراصه، يمكننا صناعة منازل لفصل للشتاء، وأخرى للصيف. سطوة العمارة السواحلية  يذكر بيتر، أن المباني التقليدية كانت ذات بنية ضعيفة للغاية، لذلك كان الناس يميلون لاستخدام أي مادة تقع بين أيديهم، ومن بينها منتجات النخيل، التي مثلت مادة غنية، لميزة تواؤمها مع المناخ الحار، كما أن عملها كأعمدة عازلة لم يمنعها من إتاحة دخول أي نسيم بارد قادم من البحر، مضيفاً الباحث أن أُناس المنطقة استخدموا تلك المواد أيضاً في بناء (الخيم) بسبب سماكتها الجيدة، للحصول على الدفء إبان دخول فصل الشتاء، مغادرين بذلك (العريش)، الذي يدخل ضمن دورة الكربون بالطبيعة، بعكس المباني الحالية التي لا يمكنها العودة والتمازج مع دورات الحياة المختلفة. وينظر الباحث بيتر أن السؤال الجدلي يتمثل الآن بـ: هل نستطع تخيل أنفسنا، جالسين في بيت العريش، ونستخدم حاسبنا الآلي أو أجهزة الهواتف الذكية؟ مجيباً: في اعتقادي لا.. لأن الأمر أكثر تعقيداً!، ويمكننا القول إن العريش مناسب للاستخدام المؤقت. وجد الباحث خلال دراسته للعمارة التقليدية، في المنطقة المحلية، أن طريقة صناعة (العريش) كانت متقنة ومبهرة، حيث كانت المواد المستخدمة لبناء جدار السعف متراصة بحرفية عالية، ولم تكن أي من الألياف تالفة، بل كل شيء في مكانه، لدرجة أنه يمكن طي العريش كسجادة وحملها. وعن سؤاله حول أوجه التشابه بين العريش، والبيوت السعفية في مختلف بلدان العالم، أجاب بيتر أن المجتمعات التقليدية أينما كانت، شيدت منازلها على ما هو متوافر، لذلك هنالك عدد من أوجه التشابه بين عمارتها، إلى جانب التأثير الثقافي، الذي جعل الباحثين في الميدان، يلحظون مفهوم سطوة العمارة السواحيلية.  حجم العائلة..   محمد علي الشحي، يمثل أحد المشاركين في مهرجان قصر الحصن، ضمن الفقرات التعليمية لكيفية بناء (العريش)، وهو أحد معاصري ذلك البناء التقليدي، مبيناً أنه بالرغم من انتشار العمارة الحديثة، إلا أن (العريش)، لا يزال، يمتلك شهرة تراثية عريقة، لدوره الكبير، في تعزيز مقومات العيش، في مواجهة متغيرات المناخ، في فصل الصيف، مستمراً في تقديم شروحات وتفاصيل حول بعض الأسماء الخاصة بالمواد المستخدمة في بناء (العريش)، ومنها (ماد) و (الدعن) و (الريعة) و (اليريد) و (الأحبال)، لافتاً أن كل الصناعات المرتبطة بموارد شجرة النخلة، تختلف في منظومة استخدامها من قبل أناس المنطقة، سارداً أن فعل البناء للمنطقة الخلفية (للعريش) مثلاً، تختلف عن الجهات الشمالية والجنوبية، وكذلك مقدمة البيت، التي كان يطلق عليها (الردة)، حيث يصنع بها نافذتين منخفضتين لتقليل مستوى الضغط في داخل (العريش)، منوهاً أن طول (العريش) المتعارف عليه يصل إلى 14 ذراعاً، بينما العرض يكون ما بين 6 إلى 7 أذرع، معتمداً على حجم العائلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©