الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غسل الدماغ.. بالنكتة!

11 مارس 2018 23:40
ما إن تحل الساعات الأخيرة من الإجازة الأسبوعية أو الرسمية حتى تبدأ مواقع التواصل الاجتماعي تدخل في حالة من الانفعال وتسخن غرف المحادثة والمجموعات بتبادل رسائل العودة للعمل بطريقة تعكس مدى الأسى الذي ينتاب الموظفين والعمال تجاه العودة للعمل من باب المزاح والفكاهة.. ولكن نسي هؤلاء أو تناسوا بأن ما تَكَرَرَ تَقَرَر. وحتى نقنع أنفسنا بأن «النكتة» أسرع وسيلة لغسل الأدمغة وأكثرها دماراً للفكر الإنساني علينا أن نُرجِع أنفسنا للوراء إلى فترة أيام الاستعمار البريطاني لمصر عندما علموا بأن الصعايدة أهل الوجه القبلي ذوي نخوة وقوة وثبات، وأرادوا حينها كسرهم فبثوا نكتاً تسخر منهم وتصفهم بالغباء حتى رسخوا في أجيالهم هذه الصورة الذهنية، واليوم عندما يذكر لك صعيدي تتبادر لذهنك الصفات السلبية التي أطلقت عليهم في «النكات». إن الفرد الذي يرسل إلى أصحابه صورة حزينة مكتوب عليها بكرة ايش؟! بهذه الطريقة يغرس النظرة السلبية في أنفس الآخرين تجاه العمل من حيث لا يدري فقانون الجذب الذي لا يعلم عنه الكثيرون يقوم على فكرة أن مجريات حياتنا اليومية أو ما توصلنا إليه إلى الآن هو نتيجة لأفكارنا في الماضي وأن أفكارنا الحالية هي التي تصنع مستقبلنا. ولا يقتصر الأمر على الكبار فقط بل يتم غرس هذا الفكر «الدخيل» في قلوب الطلبة والطالبات بطريقة غير مباشرة حينما نظهر هذا الأمر أمام الأبناء فنورثهم هذه النظرة السلبية تجاه العمل، وتكتمل الصورة حين يرسل أحدهم صورة لطفل حزين أو طالب يبكي وهو يحمل حقيبة مكتوب تحتها «العودة للمدارس!!»، كذلك من باب المزاح فيراها الطفل، وتتحرك ثعابين الكره في قلبه ليحس منذ نعومة أظفاره بأن المدرسة معتقل كبير! الإسلام لا يحرم الابتسامة ولكن يجب أن تكون على قاعدة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يبتسم ويمازح أصحابه ولكن لا يقول إلا حقاً، أما نشر نكت «المحششين»، ونكت تنال من جنسية معينة أو نكت غير صحيحة عن البلد أو عن المواطنين فهذه كلها تندرج تحت الشائعات الكاذبة. تراثنا الإسلامي زاخرٌ بالقَصَص والمواقف الحقيقية التي تجعلنا نبتسم ونضحك، وكذلك عصرنا الحديث مليء بالأحداث المضحكة، فلماذا نلجأ للكذب لإضحاك الآخرين والله سبحانه وتعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ به القومَ فيكذِبُ ويلٌ لهُ ويلٌ لهُ». إن ما تكرره اليوم أمام عينك أو من خلال سمعك أو خيالك يتحول إلى عقيدة تتمسك بها وتنطلق إلى الحياة بهذا الفكر فالدماغ لا يفرق بين الحقيقة والخيال، فما نتحدث عنه اليوم حتى ولو كان من باب المزاح والضحك يتحول إلى عادة نمشي عليها، فهذه النكات العابرة تجعلنا متساهلين في القضايا مستهينين بوطنيتنا وانتمائنا ويجعلنا متواطئين مع أصحاب الجرائم في المجتمع بسبب ضحكنا لمجرد سماع النكت المنسوبة إليهم وكأنها تصرفات شخصية لا غبار عليها. لنقف جميعا صفاً واحداً ضد كل من يريد أن يجعلنا نشعر بالأسى تجاه العمل أو الوظيفة وضد كل من يريد أن يغرس فينا القلق قبيل بدء العام الدراسي وضد كل من ينوي النيل من ديننا ووطنيتنا وبلادنا وذلك بعدم تداول مثل هذه الرسائل والتعامل معها بحزم وجدية ولنكن سبباً في زيادة وعي المجتمع ورقيه ولنُقْدِم على أعمالنا ووظائفنا وطلبنا للعلم بشوق وإخلاص وابتسامة مشرقة صادقة لا تشوبها الأكاذيب. فيصل بن زاهر الكندي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©