الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علم البيان «5»

5 مايو 2016 00:08
يعد البلاغيون كتاب «مجاز القرآن» أقدم ما كتب في البلاغة الذي ألفه أبو عبيدة معمر بن المثنى، له كتب كثيرة في القرآن والحديث واللغة، وُلد سنة اثنتي عشرة ومائة، ومات سنة تسع ومائتين. وقد عالج أبو عبيدة في «مجاز القرآن» كيفية التوصل إلى فهم المعاني القرآنية، وذلك باحتذاء أساليب العرب في الكلام، وسنتهم في وسائل الإبانة عن المعاني بعد بعدهم عن مواطنها الأولى، ومواطن المعبرين عنها، ولهذا فاض كتاب أبي عبيدة بمأثور القول من منثور الكلام العربي ومنظومه، للتوصل إلى تفهم المعاني، وهنا يظهر خصب المحصول اللغوي والأدبي عنده، ومن ذلك قوله في مجاز قوله تعالى «وأسأل القرية التي كنا فيها» أي أهلها والعرب تفعل ذلك، فتذكر المكان، والمراد من فيه، كما حميد بن ثور: قصائد تستحلي الرواة نشيدها ويلهو بها لاعب الحيّ سامر يعض عليها الشيخ إبهام كفه وتخزى بها أحياؤكم والمقابر أي أهل المقابر، والعرب تقول: أكلت قدراً طيبة أي: أكلت ما فيها. ويقول في قوله تعالى: «اعملوا ما شئتم» وقوله «ومن شاء فليكفر» أن هذا ظاهره الأمر وباطنه الزجر، وهو من سنن العرب تقول إذا لم تستح فافعل ما شئت! وكلمة (المجاز) في مجاز القرآن لم يقصد بها ذلك المعنى البلاغي الذي عرفه علماء البلاغة فيما بعد، وهو استعمال اللفظ أو التركيب في غير المعنى الذي وضعته له العرب لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي في المجاز اللغوي، أو إسناد الشيء إلى ما ليس حقه أن يسند إليه في المجاز العقلي أو الإسنادي. بل إن أبا عبيدة أطلق لفظ المجاز، وأراد به معناه الواسع الذي عرفه من الوضع اللغوي، وهو المعبر والممر والطريق، فكأن معنى «مجاز القرآن» طريق الوصول إلى فهم المعاني القرآنية، يستوي عنده أن يكون طريق ذلك تفسير الكلمات اللغوية التي تحتاج إلى تفسير بالجملة الشارحة، أو بالمرادف المفسر من المفردات، وما كان عن طريق الحقيقة بمعناها، أو طريق المجاز بمعناه عند البلاغيين. ومن أمثلة ما سماه أبو عبيدة مجازاً، وهو لا يزيد عن التفسير اللغوي والاستدلال الأدبي، قوله في مجاز قوله تعالى: «وأن خفتم عيلة»: وهي مصدر عال فلان أي: افتقر، فهو يعيل، قال الشاعر: وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©