الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: ديننا الحنيف ينهى عن عقوق الوالدين وإهمال حقوقهما

العلماء: ديننا الحنيف ينهى عن عقوق الوالدين وإهمال حقوقهما
21 فبراير 2013 21:45
حذر علماء الأزهر من خطورة تفشي بعض مظاهر جحود وعقوق الأبناء لآبائهم وأمهاتهم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، مؤكدين أن الإسلام الحنيف نهى عن عقوق الوالدين، وعدم طاعتهما، وإهمال حقهما، وفعل ما لا يرضيهما أو إيذائهما ولو بكلمة أُف أو بنظرة، وجعل عقوق الوالدين من كبائر الذنوب. وأكد العلماء أن الإسلام أوجب على الأبناء عدة حقوق تجاه آبائهم وأمهاتهم، مشيرين إلى أن حق الوالدين عظيم، وفضائلهما لا تعد ولا تحصى، وحب الوالدين هو أصدق الحب وأخلصه، ومن ثم فإن حقهما على الأبناء عظيم، وواجب الأبناء نحوهما كبير وجليل. (القاهرة) - يقول أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، د. مصطفى عمارة: لقد حذر الله تعالى المسلم من عقوق الوالدين، وعدم طاعتهما، وإهمال حقهما، وفعل ما لا يرضيهما أو إيذائهما ولو بكلمة أُف أو بنظرة، يقول تعالى: «فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما»، وقد قال الإمام علي رضى الله عنه: «من أحزن والديه فقد عقهما»، وعقوق الوالدين أنه من كبائر الذنوب بل من أكبر الكبائر، وقد جمع الإسلام بين عقوق الوالدين والشرك بالله فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين». كما أن الله تعالى يجعل عقوبة العاق لوالديه في الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم: «كل الذنوب يؤخر الله منه ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات». اختلال العلاقة ويضيف د. عمارة: هناك عدة أسباب أدت إلى اختلال العلاقة بين الوالدين وأبنائهما في الوقت الحالي، منها تغير طريقة التربية، حيث إن التربية التي ينتهجها الوالدان في السابق باتت حبيسة الأدراج بسبب النظريات الحديثة التي بتنا نلحظ آثارها السلبية وأبرزها جحود الأبناء، بالاضافة إلى ضعف الوازع الديني سواء في المنزل أو المدرسة، وانشغال الأب، وهو أمر يؤكد أهمية العلاقة النفسية التي تربط بين الآباء وأبنائهم وأهميتها منذ الصغر، وذلك بوسائل مختلفة ومن ضمنها عدم ترك رعاية الأطفال لغير الوالدين، فتوطيد العلاقة بين الآباء وأبنائهم شيء مهم لتنمية الرابط النفسي للابن، ويضاف إلى ذلك عدم مشاهدة الأبناء للتطبيق العملي، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من فوق الجبل فسدّت عليهم الغار فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فقال رجلٌ منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر يوماً فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً فلبثت والقدح في يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي فاستيقظا فشربا غبوقهما». رعاية الآباء والأمهات ويشير د. عمارة إلى أن الله تعالى قرن حق الوالدين بحقه فقال جل شأنه: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا» وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟. فقال: الصلاة لوقتها. وقيل له: ثم أي؟. قال: بر الوالدين، وقيل له: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. وأكدا د. عمارة، أن الإسلام أولى رعاية الآباء والأمهات عناية كبيرة، فقد حث الأبناء على حسن رعايتهم والاهتمام بهم، وأن تكون معاملة الوالدين بالإحسان وليس بالمثل، فالإحسان هو إعطاء الحق وزيادة، ويكون الصفح في مواجهة الإساءة، بل حذر الأبناء من مجرد إظهار الضيق أو التضجر من الآباء والأمهات، ولو كانت بكلمة «أُف». ولأن الإسلام أمرنا بهذا فإن إيداع الآباء والأمهات بعد أن يكبروا في السن دور رعاية المسنين أو غيرها من المؤسسات الاجتماعية، يكون هروبا من تبعات الأبناء تجاه الآباء والأمهات، فهم لا يقومون بحق الإسلام فيهم، ولو أنهم عقلوا أنهم سوف يكونون في يوم من الأيام في مثل سنهم وحالتهم ما فعلوا ذلك معهم، وإذا كانت هناك ضرورة لإيداعهم بدور الرعاية فلا بد من التواصل معهم وزيارتهم، والقيام على خدمتهم، فلا يجوز أن يتركوا في دور الرعاية وكأننا لا نعرف عنهم شيئا ولا تربطنا بهم علاقة فهذا أمر محرم في الشرع، وهذا يعد في الإسلام عقوقا للوالدين. العقوق مأساة ويقول د. طه أبو كريشة، نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: العقوق مأساة انتشرت في الكثير من البيوت، وأصبحت وبالاً على الآباء والأمهات، وفي الصحيح عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: أتى رجل أبا الدرداء رضي الله عنه فقال له: إني تزوجت ابنة عمي وهي أحب الناس إليَّ، أنا أحبها وأمي تكرهها وأمرتني بفراقها وطلاقها، فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: لا آمرك بفراقها ولا آمرك بإمساكها، إنما أخبرك ما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، لقد سمعته يقول: «الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فضيع ذلك الباب وإن شئت فاحفظه عليك»، فكم من شاب إذن ضيع أوسط أبواب الجنة بعقوقه! فمن ضيعه فليعد وليبادر قبل غلق الباب، فإن حق الوالدين عظيم، وفضائلهما لا تعد ولا تحد، وحبهما لولدهما هو أصدق الحب وأخلصه، فإنك أيها الإنسان قد تحظى بحب زوجتك وأولادك وأصدقائك، ولكن حب هؤلاء مهما بلغ، فإنه يتضاءل أمام حب الوالدين لك، وإخلاصهما معك، وصدقهما في نصحك ومودتك وإرادة الخير بك، ولذلك كان حقهما عليك عظيمًا، وواجبك نحوهما كبير جليل، فقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقال: يا أمير المؤمنين، أمي عجوز كبيرة، أنا مطيتها أجعلها على ظهري، وأُنحي عليها بيدي، وألي منها مثل ما كانت تلي مني، أوَ أديت شكرها؟ قال: لا. قال: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: إنك تفعل ذلك بها وأنت تدعو الله عز وجل أن يميتها، وكانت تفعل ذلك بك وهي تدعو الله عز وجل أن يطيل عمرك. النهي عن التأفف ويضيف د. أبوكريشة: لقد أولى الإسلام رعاية كبيرة للوالدين، وحث على المعاملة الطيبة معهما من خلال وصايا القرآن الكريم والسنة النبوية، وإذا وقفنا عند قوله تعالى: «إما يبلغنك عندك الكبر أحدهما أو كلا هما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا» فإننا نرى بيانا للمنهج الذي يحدد طريقة التعامل مع الوالدين، ونرى فيه دلالات يجب ألا تغيب عنا، فالنهي عن التأفف والنهر من شأنه أن يشعر الإنسان بأنه مرغوب فيه وليس مكروها ممن حوله، وكلمة «عندك» لها دلالتها فالأسلوب يستقيم بدونها، ولكن وجودها دلالة على أن هذا الكبير لا ينبغي أن يكون بعيدا عن الرعاية والاهتمام في المكان نفسه، ثم «وقل لهما قولا كريما» بمعنى أن الحديث إليهما لا ينبغي أن يكون حديثا موجزا، إنما يجب أن يكون ممتدا ويشمل طيب الكلام وحلوه، وكل هذا يجب أن يكون من خلال وجوه بشوشه غير عابسة، ثم «واخفض لهما جناح الذل من الرحمة» لتشير إلى أن كل هذا لا يكفي معهم، بل يجب أن يكون كل ذلك موصولا بسائر أدعية الرحمة لهما لتكتمل المنظومة المطلوبة مع الآباء والأمهات. حق الوالدين عظيم ويرصد الداعية الإسلامي د. منصور مندور ـ من علماء الأزهر ـ الحقوق التي أوجبها الإسلام على الأبناء تجاه آبائهم وأمهاتهم موضحاً أن من حق الوالدين على ولدهما أن ينفق عليهما إذا احتاجا إلى النفقة وهو قادر غني، إضافة إلى طاعة الوالدين، فبر الوالدين يقتضي طاعتهما بالمعروف، فإذا أمر الوالد ولده بأن يقضي له حاجة، أو يحقق له مصلحة، أو أن يفعل شيئا أو يتركه، وجب عليه المبادرة إلى ذلك من غير تلكؤ ولا تردد، ولا تبرم ولا تأفف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©