الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديك الذي لا يصيح

الديك الذي لا يصيح
31 مايو 2009 01:48
سيرة ذاتية مثقلة بالشهادات، ومقابلة خاطفة يستعرض فيها قدراته، تضمنان للمرء الوظيفة. لكن شخصيته تظل كالبطيخة، لا أحد يعرف إن كانت لذيذة أو مجرد إسفنجة. الإنسان قبل كل شيء نفس بشرية، ولو استحم كثيراً لسال وسالت معه شهاداته وعاد طيناً كما بدأ، ولن يتبقَ منه سوى ميوله ونزعاته وأهوائه. لذلك فالكشف على صحته النفسية أهم من التأكد من مؤهلاته وقدراته. ولأن «فصفصة» شخصية المرء وتحليلها عمل شاق لا يقدر عليه حتى فرويد، فيكفي اختباره في الصفة الأولى المطلوبة في الوظيفة، فأهم صفة في التحري النباهة وليس حسن التنظيم، والتحري ذو الغفلة مثل الديك الذي لا يصيح. وشعر الرأس لا يقف إذا زوّرت الممرضة، ولا إذا قتل المحاسب، لكنه يقف تعجباً حين تقتل الممرضة ويزّور المحاسب، فالرحمة هي العمود الفقري للتمريض، والأمانة تاج رأس المحاسبة. بالطبع لا يمكن التعلل بهذا لرفض توظيف الناس، وليس المطلوب قطع أرزاقهم، وإنما إبعاد الممرضة عن المرضى لتكون مسؤولة ثلاجات الموتى، وتحويل المحاسب إلى البدالة. ويمكن التأكد من وجود العنصر الرئيسي بسهولة، فمفتش الصحة يقدم له كوب صدئ به ماء عكر، وملاحظة مدى التزامه بنظافته الشخصية، فإذا شرب من الكوب وكانت شعوباً من الجراثيم تقيم تحت أظافره الطويلة، فيكون مكانه المناسب هو قسم المجاري والنفايات وليس التفتيش الصحي، لأن عدم حساسيته في أمور النظافة ستجعله يغضّ الطرف غداً عن لعب الفئران الكرة في قدور المطاعم. وطبيب النساء المزواج أو ذو التاريخ الحافل مع بنات حواء، لابد من تحويله إلى قسم الأشعة ليحملق في الهياكل العظمية حتى تخرج عيناه. واختبار الرجل في نهمه النسائي هو أبسط اختبار في العالم. والعدوانية يمكن اختبارها عبر فبركة مشكلة معه فور خروجه من المقابلة، فإذا علا صوته ومدّ يده وارتفع الغبار ومن بعده السيراميك، ثم انجلى الأول وتساقط الثاني، وإذا به قابضاً على عنق القائم بالاختبار مصرّاً على خنقه، فهو لا يصلح إلا للعمل حارساً شخصياً أو سيّافاً. ولا يُكتفى بالاختبار ساعة التعيين، وإنما إجراؤه بشكل دوري، فقد يحدث طارئ يقلب الموظف رأساً على عقب وغترةً على نعال، وقد يشتد ويدور 360 درجة ليرجع إلى نقطة الصفر، ويصير مجنوناً عظيماً. أحمد أميري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©