الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أولياء الأمور: المدارس الخاصة ترفع شعار «الدفع .. أو الفصل»

أولياء الأمور: المدارس الخاصة ترفع شعار «الدفع .. أو الفصل»
31 مايو 2009 01:49
«الدفع .. أو الفصل!». إجابة استفزازية مقتضبة على غرار القاعدة القانونية الشهيرة لتحصيل الغرامات المالية «الدفع .. أو الحبس!»، جاءت في شكوى كثير من الآباء وأولياء الأمور من بعض المدارس الخاصة، عندما رغبوا في تجديد تسجيلهم للعام الدراسي 2009-2010، غاضبين ومتبرمين ومندهشين من لغة التعامل التي تجسد بشكل غير مسبوق كثيراً من «التعسف والاستغلال والابتزاز»،- على حد زعمهم- فيما يتعلق بتحصيل أقساط رسوم العام الدراسي الجديد، وقد تفاجأوا برفع قيمة هذه الرسوم بشكل مبالغ فيه، وهم الذين أجبروا على سداد القسط الدراسي الأول للعام 2009-2010 قبل انقضاء العام الدراسي الحالي 2008-2009، وإن لم يرضخوا لهذا التعسف، فمن الطبيعي ألا يجد الطالب لنفسه مكاناً في نفس المدرسة، أو أي مدرسة أخرى لانتهاء المدة المقررة للتسجيل أو النقل - إن توفر له مكان - ليجد نفسه «في الشارع»، ويصبح مستقبله في مهب الريح! ومن ثم يكتشف ولي الأمر أنه «مغلوب على أمره». .. أولياء الأمور يصرخون: «ماذا نفعل؟ من المسؤول عن هذا الانفلات؟ ففي الوقت الذي يؤكد فيه مجلس أبوظبي للتعليم عدم سماحه بانفلات قيمة الرسوم في المدارس الخاصة، إلا أن كثيرا من المدارس تضرب بالتعليمات واللوائح المنظمة عرض الحائط، وتتمادى في ابتزازنا». ماهي تفاصيل الحكاية؟ وما هو أصل المشكلة؟ هل أصبحت العملية التربوية تجارة و«بيزنس» لا هم لها إلا تحقيق أعلى معدل من الربحية حتى ولو جاءت على حساب القانون واللوائح والتعليمات المنظمة؟ على أي أساس تحدد رسوم المدارس الخاصة؟ هل هناك معايير قانونية معتمدة؟ أم هي عملية «سائبة» تخضع لهوى أصحاب هذه المدارس؟ هل أصبح كل هم أصحاب هذه المدارس تحقيق المزيد من الضغط والإرهاق واستنزاف الناس في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على حياة الناس، والسعي والتسابق نحو المساهمة في إضافة أعباء جديدة تثقل كاهلهم؟. في الوقت الذي تؤكد فيه المؤسسة التعليمية بكل أطرافها، اهتمامها وحرصها على تحقيق الاستقرار في ميدان التعليم ولا سيما التعليم الخاص، وتحديد المعايير التي تحكم العلاقة بين أولياء الأمور والمدارس الخاصة، فبأي حق تتجاوز بعض المدارس وتجبر أولياء الأمور على دفع الرسوم الدراسية للعام 2009-2010 مقدماً، في حين أن المبلغ القانوني لحجز المقعد الدراسي لا يتجاوز 500 درهم فقط؟ من المسؤول عن هذه الحالة «غير الطبيعية»؟ يقول عبدالله محمد السويدي: «لا أعرف ما هي الضوابط والمعايير التي تحكم المدارس الخاصة بشأن تحديد الرسوم الدراسية على وجه الدقة؟ وكيف تقرر هذه المدارس الزيادة السنوية؟ إن كثيرا من المدارس تتجه نحو استغلال أولياء الأمور دون مبررات، وترفع الرسوم دون مبررات ويفترض أن يعرف الناس مستويات المدارس التي يقدمون لأبنائهم فيها من قبل، وتصنف هذه المدارس وفق معايير محددة، إن ما يفرض في كثير من المدارس يعادل إن لم يفوق الرسوم المقررة في الجامعات الخاصة». ويضيف ناصر عبدالله عبيد «موظف»: «إنني أعمل بجهة مشمولة بالحسم المقرر على الرسوم الدراسية وقدره 50 %، وفوجئت مع بداية شهر يناير الماضي بأنه أصبح 20 % فقط، لماذا؟ ومن المسؤول؟ وعند الدفع طلبت إدارة المدرسة أن أدفع الرسوم على مرحلتين، وفي شهر مارس اكتشفت أن الحسم انخفض إلى 20% فقط، ودفعت رسوم ابني بأثر رجعي، وهناك من دفع المبلغ بالكامل دون التمتع بالحسم، ولا تجد من يجيبك على تساؤلاتك، لو حاولت أن تفهم مبررات ما يحدث، وعندما تمسكت بحقي دفعت حوالي 4000 درهم فقط بينما دفع كثير من أولياء الأمور حوالي 7800 درهم، أي لا نظام ولا ثوابت ولا معايير!». ويرى غسان الهاشمي «مهندس»: أن كثيراً من المدارس الخاصة تبالغ كثيراً في تحديد الرسوم الدراسية، أو زيادتها بشكل غير منطقي، فلدي طفل في إحدى المدارس كنت أدفع حوالي عشرة آلاف درهم سنوياً، وأصبح 18 ألف درهم، ونقلته إلى مدرسة أخرى، وهذه الزيادات لا تتفق مع التكلفة الفعلية، ويفترض أن تتناسب ومستوى المدرسة ومستوى الخدمات التعليمية أو الإضافية المقدمة للطالب، ودون إغفال مستوى الدخل العام. ويقول راشد مبارك: «إن المعاناة مع بعض المدارس الخاصة بدأت مبكرة وفي مقدمتها الرسوم الدراسية المبالغ فيها مقارنة بالمستويات التعليمية المتواضعة في تلك المدارس. وبالرغم من أن منطقة أبوظبي التعليمية ترفض السماح بزيادة الرسوم الدراسية لعدد من المدارس الخاصة إلا أن معظمها رفعت رسومها الدراسية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ووضعت الطالب وولي أمره أمام الخيار الصعب وهو إما الدفع أو سحب الأوراق إلى مدرسة أخرى حيث لا يوجد فيها مكان للطالب، فإن لم يسدد هذا القسط لن يكون له مكان في المدرسة خلال العام المقبل». مغالاة دون ضوابط كما يقول علي حميد «مصرفي»: «إن مغالاة بعض المدارس الخاصة في تحديد الرسوم المدرسية وزيادتها دون ضوابط أمر مبالغ فيه، ويرهق ميزانية الأسرة، ويفترض أن تلتزم هذه المدارس بالقانون والتعليمات واللوائح التي تنظم هذا الشأن، كي لا يتحول الأمر إلى انفلات وفوضى، وأنا لا أعفي أولياء الأمور من المسؤولية، فهم يبحثون عن نوعية معينة من المدارس تتناسب مخرجاتها مع سوق العمل، لكنهم يجارون وينساقون مع إدارات هذه المدارس التي تغالي في رسومها وطلباتها، وإن تعللت هذه المدارس بتطبيق التعليم الحديث، واعتماد اللغة الأجنبية فيها، سنكتشف أن إيفاد الطالب للتعليم في الخارج أقل كلفة بكثير مما تفرضه بعض المدارس، وهناك كثيرون من يهمهم اعتبارات الوجاهة الاجتماعية فقط دون الاهتمام بالمستوى التعليمي لهذه المدرسة أو تلك، وهذا الاستغلال الذي نراه من البعض ليس له ما يبرره، وهناك كثيرون لا تسمح مدخولاتهم بهذه الزيادات السنوية العشوائية، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، ونطالب بالالتزام بالقوانين، ومراقبة هذه المدارس، وفي نفس الوقت أن نرفع من مستويات المدارس الحكومية حتى تصبح قادرة على منافسة المدارس الخاصة، والاستفادة من تجاربها ووضع خطط وبرامج للنهوض بواقعها التعليمي من جميع الجوانب». غياب القانون يعلل الدكتور إسماعيل الحوسني مستشار مركز الإمارات الأميركي لعلوم البيئة أن الحالة التي نراها الآن من تسيب وانفلات واستغلال بعض المدارس الخاصة، وفرض سياساتها الغريبة على أولياء الأمور في ظل غياب القانون، وتطال الكثير من المدارس منهم دفع القسط الأول من السنة الجديدة قبل انتهاء السنة الدراسية، وتفرض زيادات دون ضوابط، وولي الأمر يضطر لمسايرة الوضع مع تعدد المرجعيات. وقد ينتهي العام دون أن يصل إلى حل، وتنفيذ القانون يحتاج من المناطق التعليمية آليات لمراقبته، وإن اشتكى أحد أولياء الأمور فإنه يحتاج إلى وقت طويل وقد لا يصل إلى نتيجة، والمشكلة الأهم في وجود القوانين واللوائح المنظمة، لكن نجد أن كثيرا من المدارس لا يلتزم بها، ويصبح الطالب وأولياء الأمور هم المتضررون بطبيعة الحال». ابتزاز صريح يشير الإعلامي بهاء الدين يوسف إلى صورة بارزة وصريحة من صور الابتزاز الصريح لأولياء الأمور من قبل إدارة إحدى المدارس الخاصة الشهيرة، ويقول: «في الوقت الذي يشكو فيه العالم، والناس من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وانعكاساتها السلبية على أحوالهم المعيشية، إلا أن هناك كثيرين ممن لا يشغلهم حال الناس، وأصبح كل همهم التربح فقط، ولا ينشغلون إلا بتحقيق مصالح ضيقة، فلديَّ ثلاث فتيات ينتسبن إلى هذه المدارس، وقبل نهاية السنة الدراسية اشترطت إدارة المدرسة علي تحصيل الدفعة الأولى للسنة الدراسية الجديدة كاملة، ورفض الاكتفاء بمبلغ محدد حسب القانون للحجز، وإلا فقدن مقاعدهن الدراسية، وبالتالي رفض تسجيلهن للعام الدراسي 2009-2010 إلا بعد دفع 20300 درهم لكل منهن، وإذا اخترت نقلهن إلى مدرسة أخرى، سأجد أن باب التسجيل قد أغلق، في الوقت الذي لا يحق لي المطالبة باسترداد المبلغ المدفوع للحجز حيث يصادر ويعتبر غرامة، والملفت للأمر هنا أنني لم أبلغ وكذلك غيري من أولياء الأمور - بالزيادة التي بلغت 30 في المئة إلا بعد انتهاء موعد القبول بالمدارس الأخرى، وبشكل مفاجئ، واكتشفت أنني أمام الأمر الواقع «إما الدفع.. أو الفصل».. هل هذا يجوز؟ وأين إدارة المدرسة من القانون؟ ومن يراقب أو يحاسب هذه المدارس؟ مدارس ملتزمة من جانب آخر، إن الحالة لا تحجب الإشارة إلى وجود كثير من المدارس الملتزمة بتطبيق القانون، وتؤكد عائشة محمد سيف مديرة مدرسة أزهار فلسطين الخاصة المختلطة أن المدرسة غير ربحية، وجعلت لخدمة أبناء الجاليات العربية الموجودة في الدولة، ولا سيما ذوي الدخل المحدود، وإدارة المدرسة تلتزم التزاماً كاملاً بالرسوم المقررة «2500» درهم لمرحلة الروضة، و«2900» درهم للمرحلة التأسيسية، فيما عدا رسوم النقل، ومنذ عام 1988 لم نقرر أي زيادة على الرسوم وهي عبارة عن التكلفة الفعلية للتعليم التي يتحملها ولي الأمر. كما تشير حكمت إبراهيم «محاسبة مدرسة صلاح الدين الخاصة» إلى الالتزام الكامل لإدارة المدرسة بصدد تحصيل الرسوم الدراسية، والعام الدراسي القادم ستكون الرسوم نفسها كما في عام 2007-2008 إلى حين الموافقة على الزيادة المطلوبة في ضوء القانون، ومن جانبنا لا يمكن فرض أي زيادة بشكل عشوائي إلا بعد التصديق على الزيادة المقررة بشكل نهائي. أما حفيظة الآغا مديرة مدارس الإيمان الخاصة فتقول: «إدارة المدرسة تلتزم التزاماً كاملاً بالرسوم المعلنة سلفاً لأولياء الأمور، ونقوم بنشرها على شبكة الإنترنت، ولا يمكن فرض أي زيادة من جانبنا دون موافقة المنطقة التعليمية على الزيادة، فالتسجيل يتم خلال شهري مارس وأبريل، وعند الحجز تحصل على 150 درهماً فقط، وتخصم من القسط، وهنا أود أن أؤكد لأولياء الأمور ألاّ يستجيبوا لأي زيادة تفرض على الرسوم دون التأكد من إجازتها قانونياً أو دفع مبلغ حجز أكثر من المبلغ المقرر قانوناً. تجاوزات يقول غسان الهاشمي: بعض المدارس الخاصة رفعت شعار الربحية والسعي وراء المادة وأهملت بشكل كامل رفع مستوى دروسها التعليمية والتربوية والخدمية المتعلقة بفصولها ومكتباتها المدرسية وصولاً إلى مرافقها الصحية غير المطابقة للمواصفات الصحية. كما أن بعض إدارات تلك المدارس لم تكتف بالرسوم الدراسية الخيالية التي تقوم برفعها بشكل سنوي بعيداً عن النظم واللوائح الوزارية المحددة بل فرضت رسوماً أخرى إضافية غير مرئية، كالدروس الخصوصية، وأجور المواصلات درجة أولى وثانية وحتى ثالثة، ورسوم طباعة أوراق ورحلات مدرسية وما شابه، مشيراً إلى أنه اضطر في ظل الهبوط المستمر لمستوى أبنائه إلى نقلهم لمدرسة خاصة أخرى للمحافظة على مستوياتهم الدراسية المتقدمة. وهذه المدارس أصبحت لا تهتم بالمستوى التعليمي والخدمي المقدم لطلبتها، وكل همها اللهث وراء الأرباح المادية فقط، وتحولت مقاصفها إلى أسواق سياحية تباع فيها الوجبات والمشروبات الغذائية بأسعار سياحية، واتخذت طرقاً ملتوية غير مباشرة لجباية المزيد من الأموال من خلال دروس ودورات التقوية التي تنظمها. التكلفة وفق جودة الأداء اعتمدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي تصنيفاً للمدارس الخاصة فيها للعام الدراسي المقبل 2009/ 2010 تستند فيه إلى المعطيات الاقتصادية والاجتماعية وفقاً لجودة الأداء التعليمي التي يشرف على تنفيذها جهاز الرقابة المدرسية، ويتضمن أربع فئات للمدارس الخاصة هي :غير مقبول- مقبول- جيد- متميزة، وذلك وفقا لنتائج الرقابة المدرسية مع مراعاة التكلفة التشغيلية السنوية وتتراوح بين 5 بالمائة و 15 بالمائة. وتم تحديد النسب المئوية المسموح بها كالتالي: المدارس الخاصة في فئة» غير مقبول» : صفر – 7%، وفي فئة «مقبول»: صفر- 9%، وفئة «جيد»: صفر- 12%، وفئة «متميزة»: صفر – 15%. العلاقة بين ولي الأمر والمدرسة في تصريح سابق «للاتحاد» أكد محمد سالم الظاهري مدير منطقة أبوظبي التعليمية أهمية الدور الذي يقوم به التعليم الخاص في قطاع التعليم وتقدير مجلس أبوظبي للتعليم لهذا الدور. ودعم معالي الدكتور مغير خميس الخييلي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم لتحقيق الاستقرار في ميدان التعليم الخاص وتوفير خدمة تعليمية جيدة للطلاب في تلك المدارس. وأوضح الظاهري أن قانون التعليم الخاص الذي أقرته الحكومة الرشيدة حدد المعايير التي تحكم العلاقة بين ولي الأمر والمدرسة وفي مقدمتها الرسوم الدراسية والعملية التعليمية وغيرها من الأمور. وأكد على أنه ليس من حق أي مدرسة خاصة تحصيل رسوم دراسية مقدماً عن العام الدراسي المقبل 2009/ 2010، وأن أولياء الأمور الذين يقعون تحت الضغط من قبل بعض تلك المدارس عليهم اللجوء إلى منطقة أبوظبي التعليمية مباشرة بالمستندات الدالة على ذلك. وأشار الظاهري إلى حرص إدارة المنطقة على التواصل مع أولياء الأمور وكذلك إدارات المدارس الخاصة، وأكد على أن المدارس الخاصة لديها الحق في التقدم بطلبات لزيادة الرسوم الدراسية وفق ما حددته اللائحة التفسيرية لقانون التعليم الخاص. وبالفعل تقدمت مجموعة من المدارس في منطقة أبوظبي التعليمية وتمت الموافقة على زيادة الرسوم الدراسية لعدد 11 مدرسة في حين اعتذرت المنطقة عن الموافقة على زيادة الرسوم لعدد 41 مدرسة أخرى.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©