الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيري شلبي بدأ بالبراري وانتهى بالأبيض والأسود

خيري شلبي بدأ بالبراري وانتهى بالأبيض والأسود
24 ابريل 2008 02:35
الروائي الكبير خيري شلبي لا يتذكر اسم مؤلف أول كتاب قرأه في حياته، لكنه يتذكر جيداً أنه ''بلدياته'' من محافظة كفر الشيخ المصرية· وقال: ما دفعني إليه أساساً هو إحساسي بالفخر بأن مؤلفه من قرية تبعد خطوات عن قريتي، وهو ديوان شعر عنوانه ''شاعر البراري''، ولا أدري إن كان هذا العنوان وصفاً لقصائد الديوان أو وصفاً للشاعر نفسه، وأكثر ما فتنني فيه البساطة، وقرأته في المدرسة الابتدائية بقريتنا التابعة لمحافظة كفر الشيخ، وهذا الديوان جعلني أحب الشعر والقراءة، وسحرتني لغته البسيطة السهلة بالنسبة لكتب التراث التي كنت أداوم على قراءتها من دون أن أفهم مفرداتها· وأضاف: أول كتاب أقرأه وأنا أمتلك القدرة على استيعابه كاملاً هو كتاب ''المكافحون'' للكاتب والممثل الراحل عبدالرحمن الخميسي، وأسلوب هذا الكتاب كان له الفضل الأكبر في اشتعال ذائقتي اللغوية، يمكنك أن تقول إنه اقترب بالكبريت المشتعل من وجداني، وبمجرد قراءته بدأت أحس بتفتح مدارك الوعي، وهو الذي جعلني أحب القراءة وخصوصاً السير الشعبية· في ذلك الوقت، أربعينات القرن الماضي، كانت السير الشعبية الزاد الفني الوحيد للناس وكانت تروى في أيام وشهور وحلقات طويلة، ولها وقفات درامية مشوقة مثل المسلسلات بالضبط، وكان يرويها في قريتنا شخص موهوب، له صوت عذب وأداء تمثيلي جذاب، ولكنه كان طوال الوقت مشغولاً بمصالحه، ولا يروي إلا في أوقات الفراغ، وكان يترك أحداثاً مهمة ومعارك من دون أن يكملها، وحينما اتقنت القراءة والفهم مع كتاب ''المكافحون'' لعبدالرحمن الخميسي بدأ الناس يستبدلونه بي، وكانوا ينتظرونني وأنا عائد من المدرسة ويحثونني حتى ''أخلص أبوزيد من الاسر'' أي أقرأ لهم باقي القصة التي توقف عندها الراوي· وآخر كتاب قرأه خيري شلبي مختلف نسبياً وهو رواية ''الأبيض على الأسود'' للكاتب الروسي من أصل فنزويلي لوبين مارجو، وهي رواية تغوص في عوالم الإعاقة والمعاقين، وأكثر ما أدهشه فيها قصة كاتبها الواقعية· وقال: لوبين مارجو عاش حياة غنية زاخرة تخرج روائياً عظيماً بحجم ديستيوفسكي، أمه ابنة السكرتير العام للحزب الشيوعي الاسباني، وسافرت إلى موسكو للدراسة، وهناك أحبت طالباً مغترباً مثلها من فنزويلا، وتزوجا وأنجبت طفلاً معاقاً، مصاباً بشلل دماغي وجسده ضئيل وأطرافه ملتفة على بعضها، وأدخلته المصحة، ونظراً لخطأ إداري في المصحة أُبلغت انه مات، ونظراً لان هذا كان متوقعاً بين لحظة وأخرى منذ ولادته صدقت وعادت إلى بلادها ونسيته، وواصل مسيرته معاقاً وحيداً، وانتقل من مصحة إلى مصحة ومن مدرسة إلى مدرسة حتى تخرج في كليتي الحقوق والآداب، وعاش حياته، وتزوج مرتين وصار كاتباً مشهوراً، ولكن لم يفارقه ظل أمه، وفي يوم ما قرر البحث عنها، وهام وراءها من مدينة إلى مدينة ومن دولة إلى دولة حتى عثر عليها في إحدى الجمهوريات السوفييتية وقرر أن يعيش معها حتى نهاية العمر· والرواية تصور عالم المعاقين، وترصد برهافة وذكاء أين يبدأ وينتهي ''الأبيض والأسود'' في حياتهم·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©