الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعراء من الإمارات يغردون على صفحات شهاب غانم

24 ابريل 2008 02:45
الدكتور شهاب غانم، شاعر إماراتي كبير، له العديد من الدواوين الشعرية التي جعلته يحتل مكانة متميزة على الساحة الشعرية في الإمارت ومنطقة الخليج العربي، لكنه، في كتابه ''شعراء من الإمارات'' الصادر عن ''هيئة أبوظبي للثقافة والتراث''، يبتعد عن قصائده ودواوينه الخاصة، ويذهب بنا في جولة بين أروقة الشعر في دولة الإمارات، من خلال استعراضه لعدد من الأعمال الشعرية لمجموعة من شعراء الإمارات الذين أبدعوا قصائدهم الشعرية بالفصحى، فضلاً عن اسهاماتهم في الشعر النبطي، حيث كان لهؤلاء الشعراء دور كبير في اثراء الحركة الشعرية في الإمارات· لعل الدكتور أحمد أمين المدني (1931 ـ 1995) واحد من أبرز هؤلاء الشعراء، وهو أول مواطن اماراتي حصل على درجة الدكتوراه، وكانت من جامعة كامبريدج في بريطانيا، وموضوعها ''فكرة التوحيد في الإسلام''، وتم ذلك عام ·1967 وقد تميزت أشعار ''أحمد المدني'' بدرجة عالية من العذوبة والرومانسية، وهو ما نلحظه في إحدى قصائده المعنونة بـ''عبر الطريق'' حيث يقول في بعض أبياتها: التقينا·· عبر المساء العميقِ··· في غمار الهوى·· وخفق البريقِ·· صُدفةً·· هكذا المحبة·· تأتي··· كارتعاش الهواء·· عبر الطريق ومضينا نشوى·· نجر خطانا·· في هدوء·· على السكون الرقيق· ونجده في قصيدة أخرى بعنوان ''صباح دبوي'' يقول: أنت ما أنت؟··· ألحن مبتكر أم صباح دبوي··· في حقول من زَهَر؟ لم يكن قبلك حب··· في فؤادي قد خطر· وقد كُتب الكثير عن الشاعر ''أحمد المدني''، وعدّه العديد من النقاد رائداً للشعر التفعيلي في دولة الإمارات، وواحداً من أهم المجددين فيه· العويس عاشق الشعر كما يحدثنا شهاب غانم أيضاً عن الشاعر الكبير سلطان بن على العويس (1925 ـ 2000) الذي وُلد لأسرة عُرفت بحبها للثقافة والشعر والأدب، وقد كان العويس عاشقاً كبيراً للشعر، وتأثر كثيراً بالشعر العربي قديمه وحديثه، وهو ما انعكس على أعماله الشعرية، ونلاحظ أن ''العويس'' أولى اهتماماً كبيراً للحب ووصف المرأة في العديد من قصائده، حتى إنه لُقب بشاعر الحب، ومن جميل ما يقوله الشاعر في هذا الصدد: جسد بض وطرف ناعس وابتسام يتوارى في القبل وحبيب كلما عانقته قلت أهلاً يا غرامي فاشتعل· كما أن للشاعر العديد من القصائد الوطنية، التي تجمع بين الفخر والمديح، حيث يقول في إحدى تلك القصائد: الاتحاد قصيدة وحروفها أبناؤها وقوامها الأمراء وأبو الجميع قيادة وريادة هو زايد تجلى به الظلماء· وقد كُتبت عن سلطان العويس عشرات الدراسات والأبحاث التي تُبرز مكانته الشعرية بين أبناء الإمارات، ومع ذلك فهو ليس شاعراً فحسب، بل هو علامة بارزة في المشهد الثقافي العربي، فهو صاحب الجائزة الشهيرة التي بدأت عام 1988 والتي تمنح للمتميزين من المفكرين والأدباء العرب تحت اشراف مؤسسة ''سلطان بن علي العويس الثقافية''، وقد مُنحت هذه الجائزة حتى الآن لنحو ستين شخصاً وهيئة عربية، وهو ما أعطى زخماً كبيراً للحياة الثقافية في العالم العربي· أما الشاعر أحمد بن سلطان بن سليم (1900 ـ 1986) الذي ألجأته المؤامرات والدسائس السياسية للهجرة إلى الهند في مطلع هذا القرن، فنجده يعبر عن تجربة الفراق والتشرد هذه، فيقول في قصيدة اختارها المؤلف: هذي الأماني والآمال وافدة من أمة سادها بغي وعدوان جارت بها فئة قد كان رائدها الفوضى وديدنها بطش وطغيان ظلت على المكر صبغاً من ضلالتها كيمـا تغر بذلك الصنع عميـان· وقد تميزت أعمال ''بن سليم'' الشعرية بالزخرفة اللفظية وحسن انتقاء الألفاظ، مما أبرز موهبته وجعله يحتل مكانة مرموقة بين شعراء الإمارات، وكان الشاعر ''بن سليم'' قد عمل في الهند أعواماً طويلة كمذيع في إذاعتها، وهو يتحدث الإنجليزية، والأوردو، والفارسية، وبعد عودته إلى البلاد تقلد العديد من المناصب في الدولة، إلى أن أصبح وزيراً في عدة وزارات، وذلك بعد قيام الاتحاد عام ·1971 بن خلفان: وفرة الشعر مع قلة العمر وحق الهوى لو نلت من فيك رشفة لكان بها سعدي وكان شفائيا ولو مسحت كفاك قلباً فقدته لعاد طروباً للحياة مناجياً ولو نلت من ريحك ريحاً أشمها لأمسى بها الجثمان أخضر نامياً· تلك الأبيات الغزلية، انتقاها غانم من قصيدة للشاعر خلفان بن مصبح بن خلفان (1923 ـ 1946) الذي وافاه الأجل في سن مبكرة، نتيجة مرض ألمّ به، وهو من الشعراء المتميزين في كتابة الشعر العمودي، ورغم قصر عمره إلا أنه ترك من الشعر ما يشي بالموهبة الفذة التي كان يتمتع بها، والتي تظهر مدى تأثره بالشعراء الأقدمين، وخصوصاً شعراء العصر العباسي والأموي، ومع أنه تلقى قدراً قليلاً من العلم، إلا أنه كان واسع الاطلاع على الكتب الأدبية والثقافية مما أثقل شخصيته الإبداعية، فلا يملك قارئ شعره إلا أن يعترف بموهبته الشعرية الرفيعة، وقدرته على الوصف والتشخيص، وهو ما نجده واضحاً في إحدى قصائده التي يصف فيها حادثة علاجه بالكي أثناء رحلته المرضية، حيث يقول: يا ويح جسمي حين ذاق سعيره واقر فيه بشدة وقرار فعرفت من وادي السعير مقامه وسقطت أهذي كتلة من قار· صقر القاسمي حامل الهم القومي أما الشاعر الشيخ صقر بن سلطان القاسمي (1924 ـ 1993) الذي كان يعد من أبرز شعراء الإمارات في جيله، فقد كان مهتماً كثيراً بقضايا الوطن العربي ومشكلاته، وله العديد من القصائد التي تدعو إلى وحدة العرب ونبذ فرقتهم، فضلاً عن اهتمامه بقضية فلسطين باعتبارها الهم العربي الأول، وقد صدرت له خمسة دواوين شعرية هي: وحي الحسن، الفوغي، في جنة الحب، صحوة المارد، لهب الحنين· وقد حرص القاسمي على المحافظة على الشكل العمودي في كل أشعاره، فضلاً عن أنه هجا حالة الإفساد التي طرأت على كل من اللغة والشعر ويعبر عن ذلك بقوله في قصيدة تضمنها الكتاب: يا حيرة الشعر كم يلهو برونقـه قوم هم الآفة الكبرى على الأدب في كل يوم نرى في الصحف أمثلةً من المهازل بين اللهو واللعب سدّوا الفراغ بأوزان ملفقة من السخافة كادت تخجل العربي مقلدين فمن لاهِ براقصة أو مسرح هدام الآداب أو طرب أئمة اللغة الفصحى وقادتهـا ألا بداراً فإن الوقت من ذهب ردوا إلى لغة القرآن رونقها هيا إلى نصرها في جحفل لجب· ومن الشعراء الذين تحدث عنهم الدكتور شهاب غانم بين دفتي كتابه: مبارك بن حمد العقيلي، وسالم بن علي العويس، ومبارك بن سيف المناخي، ومحمد شريف الشيباني، وحمد أبو شهاب، وقد كان لهم جميعاً حضور متميز في المجتمع الشعري الإماراتي، واسهاماتهم الواضحة في الحياة الثقافية والأدبية التي كانت ولا تزال تزخر بها دولة الإمارات·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©