السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسرحَة الأرواح المتمردة لجبران خليل جبران

مسرحَة الأرواح المتمردة لجبران خليل جبران
24 ابريل 2008 02:46
يحتفل مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الاميركية في بيروت، بذكرى مرور مئة وخمسة وعشرين عاماً على ولادة جبران خليل جبران في بشري· ومن ضمن برنامج الاحتفالية الممتد على مدار هذه السنة، اطلق المركز مسرحية عن كتاب ''الارواح المتمردة'' الصادر باللغة العربية، وجرى عرضها في قاعة ''الأروين هول'' داخل الصرح الجامعي، حيث شارك فيها نخبة من المسرحيين اللبنانيين، وعدد من الطلاب الجامعيين· عنوان المسرحية ''صراخ الكافر في وردة العروس'' عكس خيار الشاعر هنري زغيب مدير مركز التراث اللبناني، في تقديم العنوان المناسب لها، خصوصا وان هذا العرض المسرحي هو كناية عن مقتطفات مشهدية من اربع قصص مأخوذة من كتاب ''الأرواح المتمردة'' وهي ''وردة الهاني'' و''مضجع العروس'' و''صراخ القبور'' و''خليل الكافر''· مشهديات مخرج العمل موريس معلوف مَسْرحَ هذه المشهديات التي خاطها زغيب، مستعيناً بالفنانين المخضرمين رفعت طربيه، جان قسيس، وتقلا شمعون، وبطلابه في الجامعة، ماريا عيسى، جلنار نادر، اندريا انطون، وبيار سركيس وقد عمد المخرج الى استحضار الراوي، واستحضار شخصية وردة في قصة ''وردة الهاني''، على ثلاث مراحل وأشكال، بدءاً من وردة الزوجة الناضجة النادمة على زواجها برشيد بك الاكبر منها سناً (تجسد دورها الفنانة تقلا شمعون) مرورا بوردة الشابة المغترة بثروة رشيد بك، وبلمعان الذهب وفخامة القصور (تجسد دورها الطالبة ماريا عيسى) انتهاء الى فضح وردة لكل قصص البلدة، لخيانات الازواج والنساء، ضمن وتيرة عالية من الاداء المسرحي الرفيع، الذي تجيده تقلا شمعون، فمن خلال هذا الاداء استطاعت ان تطيع النص الجبراني بلغته العربية الفصحى، وان تمزجه بانسياب ذكي في ايمائية الحركة، والوجه، والصوت، ليشكل قصة محكية ومرئية لا تخلو من المواقعة الطازجة اذا جاز الوصف، ولا تغرق في قعر الانهار الراكدة· السعادة ثمة إطلاقات في المبدأ، ساقتها وردة الهاني، لتبرر خيانتها لزوجها، منها الصبا الطائش، وبيع الجمال للمال، والخطأ في معرفة مفهوم السعادة، لأن البحث عن السعادة في المال، لا يشبه البحث عن السعادة في الحب··· من هنا فقد تألقت هذه المشهدية التي تواجهت فيها وردتا الصبا والنضوج، لتفسح المجال امام محاكمة ذاتية تطاول الآخرين، بغية القول ان المفاهيم الاجتماعية الخادعة هي التي تؤدي الى حالات الخيانة الموجعة، وان تعميم الخيانة اصبح امراً اجتماعياً مكشوفاً، يرفع نخبه في البشر· الراوي وسط هذا الانتقال المشهدي الذي شكل استرخاء مريحا للمتلقي عبر الديكور السهل التغير، جسد رفعت طربيه وماريا عيسى دوري العريس والعروس في قصة ''مضجع العروس'' وكان جان قسيس هو الراوي الذي عرفنا الى نمط آخر من انماط الخيانة والفجيعة· ها هي تناشد البطلة صديقتها لأخذ موعد من حبيبها سليم في الحديقة، لأنها أدركت انها لن تكون سعيدة بدونه، وعندما تذهب الى ملاقاة سليم، تتوسل اليه بأن يعود اليها، فيقول لها انه يكره الخائنات، يكره التي تخون حبيبها، ومن ثم تخون زوجها، ويوهمها بأنه تعلق بغيرها، فتطعنه بالخنجر من شدة غيرتها، فيعانقها في مشهدية جميلة ومعبرة، استطاع من خلالها موريس معلوف ان يصل بين الموت والحب في لقاء وداعي بامتياز، دون ان ننسى انتحار البطلة بعد سماع كلمات الحب من لسان حبيبها الذي فارق الحياة· يمكن القول ان هذه المشهديات المسرحية، ادت تحية فنية راقية لذكرى جبران خليل جبران، حيث تضافرت جهود الجميع، ليصار الى توقيع عمل مسرحي وامض، فيه بصمات الشاعر والمخرج والممثل الذي يرفع قبعته لرمز ادبي، ويلقي على الملأ تحية الالتزام بنبض الفن الراقي·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©