الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صوت الخليج الأصيل

صوت الخليج الأصيل
5 مايو 2016 03:33
أحمد الزرعوني النهام ذلك الصوت، صوت الأصالة النابع من أعماق الخليج، الشجن المصاحب لمحامل الدرّ في رحلات الملح والعرق، هو فنّ المخاطر والمشقة والبحث في المجهول عن الحياة. إن كانت النهمة حرفة يحترفها الفنان قديماً، ليكون مذياع النغم وشاحذاً للهمم ووقوداً للنشاط على متن المحامل، وكان صوت الحياة في مآزق الغوص والرئة الثالثة لأنفاس الغاصة وأحد ركائز المجتمع البحري مما تؤديه من مهام نفسية معنوية وإدارية تنظيمية في جدولة الأعمال وخلق الترفيه والأنس، فقد اختلفت الظروف، وزانت الأحوال بعد أن من الله علينا بالذهب الأسود، إلا أن النهام رحل وترك لنا إرثاً عريقاً وإنتاجاً فنياً عظيم نتفاخر به. فإن كان الشعر ديوان العرب، فالنهام ديوان الدان والمرجان، كيف لا وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً برحلات البحث عن اللؤلؤ ويحاكي في كل شطر من أهازيجه تفاصيل الرحلة ومراحلها ففي كل لقمة عيش فضل من نهماته وياماله وخطفاته وأهازيجه، وهو المركز الثقافي على متن الرحلة لما يتمتع به من ذاكرة الرحلات وحكاويها وموروثاً من الأمثال والحكم التي يموّلها والقصائد والغناوي التي سمر بها في عرض البحر وما يتمتّع به من ذكاء وردة فعل سريعة ليصدح تماشياً للموقف. لذا فكل فنّ خليجي اليوم (وأخص الفنون البحرية) هو امتداد وإكمال لمسيرة النهام أو اشتقاق منها كفن الدان واليامال والتقصيرة والهولو وير الماشوّة وير الليخ والخطيفة والتغرودة «البحرية»، وقد اشتقت من هذه الفنون أيضاً فنوناً أخرى ومن إيقاعه إيقاعاً بذات الوقع، فبمرور صوته العميق على مسامعنا تُعرض مشاهد الغوص وتشم رائحة البحر وتستشعر بدفء الخليج وبساطة الأنفس وصعوبة الحياة وما أن يداعب الإيقاع عُربه تستذكر تستذكر خلية العمل الدؤوب، حيث المطارق تطرق خواصر المحمل وهمهمات البحارة مع التجديف والصلاة على النبي، مع رفع الأشرعة ومن صوته تأخذ الفنون المعاصرة الإلهام، ومن نصوصه البسيطة وتعابيره الملامسة يبدأ الأدب وفنون الكتابة. وإن تلاشت بعض ملامح فنون النهام، إلا أنه سيظل مرشداً للماضي، وملهماً لما هو آتٍ، شامخاً كسواري الأشرعة وأطول من اليامال وأرهف من النهمة وأرسى من المرساة في نفوس الأبناء والأحفاد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©