الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الركود الاقتصادي يغير شكل تجارة التجزئة في اليونان

الركود الاقتصادي يغير شكل تجارة التجزئة في اليونان
5 يناير 2013 22:07
خلا وسط العاصمة اليونانية أثينا من مظاهر الزخم التي تصحب الأعياد الموسمية، كما هو الحال في بقية عواصم الدول الأوروبية الأخرى. ونتج عن الأزمة المالية فتور في حماس اليونانيين المعروفين بشغف التسوق، حيث انخفض الاستهلاك الخاص بنحو الخمس منذ 2008. وما زاد الوضع تعقيداً، المظاهرات المتواصلة التي تؤدي إلى تعطيل حركة المواصلات العامة في شوارع العاصمة. ولم يكن انتشار الأزمة متساوياً، حيث أداء المراكز المالية أفضل نسبياً من المحال التجارية الأخرى، كما انهارت مبيعات الملبوسات الرجالية مقارنة بالنسائية والأطفال التي حققت مبيعات أكثر. وأدت الأزمة المالية إلى كساد العلامات التجارية العالمية، في حين ساعدت المحلية على الانتعاش، وفي وسط هذا المناخ، لجأت شركة «كارفور» الفرنسية لبيع حصتها في اليونان في يونيو الماضي، بينما كان أداء مؤسسة «ألفا بيتا» قوياً في شبكتها التي تغطي 11 بلداً أوروبياً. ومن الواضح أن التغييرات التي طرأت على نوع المشتريات ومحالها بالنسبة لأفراد الشعب اليوناني، ربما تستمر لبعض الوقت، لا سيما وأن تجارة التجزئة في اليونان من بين أكثر القطاعات التي تضررت في أوروبا. وتشكل المراكز التجارية 48% من مبيعات البقالة، في أدنى مستوى لها في القارة. ويواجه قطاع التجزئة في البلاد العديد من المصاعب مثل تراجع الطلب وخفض السلاسل التجارية الكبيرة للأسعار وشح السيولة. وتقدر رابطة تجار التجزئة «سيليب»، تراجع مبيعات المواد غير الغذائية في المحال التجارية الصغيرة بنسبة قدرها 30%، بيد أن الكبيرة منها التي انتعشت مبيعات بعضها، لم تواجه مثل هذه المعاناة. ولم تفلح إلا مؤسسات قليلة في تحقيق النجاح نفسه الذي أحرزته «ألفا بيتا»، التي زادت محالها بعددها البالغ 266 من حصتها في سوق البقالة خلال السنوات الخمس الماضية من 17% إلى أكثر من 21%. كما بدأت المؤسسة في طرح علامات تجارية عالمية للأثرياء، إلا أنها عملت على خفض أسعارها في تسعينات القرن الماضي لكسب المزيد من العملاء. كما سعت المؤسسة، إلى حث اليونانيين على عدم شراء العلامات التجارية العالمية التي كانت تروج لها الماضي. كما أن سلسلة منتجاتها التي تحمل العلامة المحلية، تتناسب مع المعايير اليونانية ومع طبيعة وميول شعب البلاد. وفي غضون ذلك، قاربت مبيعات «ألفا» التي تحمل مثل هذه العلامات، الضعف إلى 22% من مجموع مبيعاتها خلال السنوات الخمس الماضية. ويُعد ذلك بمثابة التغيير الكبير، حيث تتميز العلامات التجارية العالمية بوضع أفضل بين المستهلكين اليونانيين مقارنة بمعظم شعوب القارة الأخرى. وعلى مستوى المشروبات الغازية، تسيطر «كوكا كولا» على السوق اليونانية، على الرغم من أن الأزمة خلقت متسعاً لبعض المشروبات التي تقوم المراكز التجارية بتصنيعها والتي روجت لها من منطلق المنتج الوطني المحلي. وتحاول العلامات التجارية العالمية استعادة أراضيها المفقودة من خلال طريقتين، الأولى بجعل منتجاتها في متناول المستهلك عبر خفض أسعارها وتقليل تكلفتها. والثانية بمشاركة أفراد الشعب في الأهداف الوطنية، نظراً للمعاناة التي يواجهونها. لكن ليس من السهل للعلامات التجارية العالمية القيام بذلك. ومع أن «كوكاكولا»، تلاقي إقبالاً كبيراً في مختلف أرجاء العالم، إلا أنها ولمواكبة الذوق اليوناني، كان يترتب عليها الاستفادة من خبرتها في الأرجنتين خلال الأزمة التي اجتاحت البلاد في بداية الألفية الثانية، عندما نجحت الشركة في جذب العملاء. ومن الأفضل للعلامات التجارية أن تتبنى توجه الذوق اليوناني أكثر من منافساتها من الشركات المحلية. واتجهت «فانتا» التابعة لـ»كوكاكولا»، إلى استخدام البرتقال اليوناني في صناعة مشروبها. وأكسب ذلك تجارة البقالة الصبغة اليونانية أكثر من غيرها، لكن أعادت الأزمة المالية تشكيل قطاع تجارة التجزئة في اليونان ليصبح مشابهاً لنظرائه في الدول المجاورة. أظهر استطلاع للرأي الأسبوع الماضي أن أكثر من ثلثي اليونانيين يقولون إن حكومتهم تخفق في مكافحة التهرب الضريبي وهي قضية تنال قدرا كبيرا من السخط الشعبي إلى جانب إجراءات التقشف التي فرضت للحصول على مساعدات لإنقاذ الاقتصاد اليوناني. وقال نحو 68? من شملهم استطلاع (كابا ريسيرش/تو فيما) إن الائتلاف الحاكم بزعامة رئيس الوزراء انتونيس ساماراس لا يفعل ما يكفي لضبط المتهربين من الضرائب. وأظهر الاستطلاع تقدم حزب سيريزا المعارض على حزب الديمقراطية الجديدة الذي يتزعمه ساماراس بواقع 22,6? إلى 21,5? . وسجل حزب باسوك الاشتراكي 6,2? في نحو نصف ما حققه في الانتخابات في يونيو. وقال 59? انه يجب إعطاء الحكومة مزيدا من الوقت وقال نحو 46? ان ساماراس مناسب لتولي رئاسة الوزراء بشكل أكبر من زعيم المعارضة الكسيس تسيبراس زعيم حزب سيريزا اليساري المعارض لإجراءات التقشف. وشهدت اليونان الشهر الماضي، إضرابا عاما في عدد كبير من القطاعات، وتسبب إضراب لمدة 24 ساعة للعاملين في قطاع النقل العام في العاصمة اليونانية أثينا في تكدس المرور في شوارع المدينة. وجاء إضراب العاملين في مترو الأنفاق والقطارات والترام بعد إضراب لمدة 24 ساعة قام به قام آلاف من موظفي القطاع العام ، وبعد إضراب لمدة ثلاث ساعات لاتحاد القطاع الخاص بسبب إصلاحات اقتصادية اتخذتها الحكومة. والإضرابات والاحتجاجات تنظم بشكل مستمر تقريبا في اليونان منذ سبتمبر أيلول بسبب برنامج إصلاحات يقضي بتقليل الأجور والمعاشات والإعانات ويخفض الوظائف في القطاع العام. وقالت الحكومة إن هذه ستكون آخر قرارات خفض للدخول وهي الثالثة في غضون عامين وتعهدت بالتركيز على خطط لتوفير وظائف وتحقيق النمو لكن اليونانيين يشعرون بالقلق بعد وصول معدل البطالة إلى 26?. وكان البنك المركزي الأوروبي قد أكد منتصف الشهر الماضي أنه سيعاود قبول سندات الخزانة الحكومية اليونانية لدى البنوك اليونانية كضمان لإقراضها. وذكر البنك الموجود مقره في فرانكفورت أن هذه الخطوة تأتي في إطار «مجموعة واسعة من الإجراءات التي تطبقها الحكومة اليونانية حاليا في مجالات ضغط الإنفاق المالي والإصلاحات الهيكلية والخصخصة واستقرار القطاع المالي». كان البنك المركزي الأوروبي قد قرر في يوليو الماضي وقف قبول السندات الحكومية اليونانية كضمانات قروض بعد إعلان أثينا عن خطة لمبادلة الديون في بهدف خفض مستويات الدين العام. وسيساعد قرار البنك المركزي الأوروبي الأخير في تعزيز مستويات السيولة بالقطاع المصرفي اليوناني في الوقت الذي تكافح فيه أثينا للخروج من أزمتها المالية الطاحنة المستمرة منذ 3 سنوات. كما تأتي خطوة المركزي الأوروبي في أعقاب إعلان مؤسسة التصنيف الائتماني الدولية ستاندرد أند بورز أمس رفع التصنيف الائتماني للسندات اليونانية بعد نجاح برنامج إعادة شراء جزء من الديون اليونانية الأسبوع الماضي. نقلاً عن: «ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©