الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب العراق.. أو كردستان آخر؟

21 فبراير 2015 21:34
لقد أصبحت القنوات المائية التاريخية التي جعلت هذه المدينة تكتسب اسم «فينيسيا الشرق الأوسط» مسدودة تماماً بالقمامة. وفي بعض الأحياء، تتكدس النفايات في أكوام حتى تكاد تغلق الشوارع. ويقول السكان إن هذه الأحوال الناتجة عن تردي الخدمات العامة هي أوضح مؤشر على عقود من إهمال الحكومة لمدينة البصرة. والآن، يقول بعض السكان إنهم يضغطون من أجل الحصول على حكم ذاتي لهذه المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط التي يقطنها 3 ملايين نسمة. ويتصور بعض الساسة المحليين الذين يدعمون هذه المطالبة أنه يمكن الحصول على وضع ولاية تتمتع بحكم شبه ذاتي -وليس طبعاً دولة مستقلة. بيد أن حملتهم ومطالبهم تمثل تحدياً جديداً آخر لرئيس الوزراء حيدر العبادي، أثناء محاولاته منع العراق من الانقسام في أعقاب احتلال تنظيم «داعش» الصيف الماضي مناطق في شمال البلاد. ويأمل المؤيدون لهذا المشروع أن تحصل البصرة على سلطات محلية واسعة تشبه تلك التي يتمتع بها إقليم كردستان العراق، وهو منطقة حكم ذاتي في شمال البلاد. بل إن بعض المتحمسين لتوسيع الحكم المحلي لمحافظة البصرة بادروا حتى بتصميم العلم الخاص بهم، الذي يصور يدين تحتضنان قطرة من النفط، ما يؤكد شعوراً بمظلمة سائدة بينهم، حيث يزعمون أن البصرة لا تنتفع سوى بالقليل من عائدات ملايين براميل النفط التي تضخها الحقول الواقعة في جنوب العراق. وفي هذا السياق، قال أسعد العيداني، وهو أحد منظمي الحملة، خلال اجتماع مع السكان المحليين مؤخراً، إن «البصرة لا تحصل سوى على الإهمال والظلم، وهم في نفس الوقت يستنزفون مواردنا»! وأضاف في إشارة للحكومة المركزية «إن البصرة اليوم بمثابة البقرة التي يستنزفون حليبها، ويتركونها تتضور جوعاً. إن هذا هو حال نفطنا». ويحدد الدستور العراقي مساراً واضحاً كي تحصل أي محافظة على حكم شبه ذاتي. وهذا يتطلب إجراء استفتاء في حال حصول عريضة على تأييد ثلث أعضاء المجلس المحلي، أو توقيعات 10% من الناخبين المسجلين، أي حوالي 160 ألفاً في حالة البصرة مثلاً. وقد تم جمع أكثر من 100 ألف توقيع منذ الخريف الماضي لمشروع توسيع السلطة المحلية في محافظة البصرة، بحسب ما ذكر محمد الطائي، عضو البرلمان عن البصرة. ويشير الطائي إلى أن الحصول على مزيد من الحكم الذاتي سيمكن محافظة البصرة من تقديم خدمات أفضل للمواطنين. أما حالياً، فحتى المشاريع التنموية الصغيرة تتطلب إذناً من الحكومة المركزية، ما يؤخر تنفيذها، وقد فتح أيضاً الباب لرشاوى بعض المسؤولين البيروقراطيين. ويقول المنتقدون من أهالي المحافظة إن هناك مشاريع بملايين الدولارات ما زالت حتى الآن معطلة. ومثال على ذلك، مشروع مدينة النخيل «بالم سيتي» التجارية والصناعية الضخمة التي وُضِع لها حجر الأساس منذ عامين ولم تبدأ أعمال الإنشاء فيها حتى اليوم. وفي المقابل قال عماد الحسني، المتحدث باسم محافظ البصرة: «إننا نحاول محاربة الفساد». من ناحية أخرى، نفى ضواي كريم، رئيس مجلس الحكم المحلي، أن يكون الجميع متفقاً على أن توسيع الحكم الذاتي هو الحل لمشاكل المحافظة. وتساءل عما إذا كانت لامركزية السلطة ستغير أصلاً هذا الفساد المستشري لمجرد توسيع السلطة المحلية. وقال «هناك لصوص كثيرون. وطالما أن لدينا أحزاباً فاسدة، فإنه لا شيء سيتغير». وعن الفساد والتسيّب ذكر محافظ البصرة، في ديسمبر الماضي، لوسائل الإعلام المحلية أن عدد عمال البلدية المسجلين في الدفاتر 8000، لا يوجد فعلياً منهم سوى 2500، في حين أن الباقين هم «أشباح عمال» يتم دفع رواتبهم لأسماء وهمية، وهذا نمط شائع للفساد في العراق. وأكد كريم أن «البصرة يجب أن تكون أفضل محافظة في العراق، حيث إنها تمتلك الموانئ والنفط، ولكن ليس هناك نظام للصرف الصحي وليس بإمكاننا جمع القمامة». يذكر أن هذه ليست هي المرة الأولى التي طالبت فيها أطراف في البصرة بالحصول على حكم ذاتي، وقد باءت هذه المحاولات بالفشل في إجراء استفتاء في 2010. وقال مؤيدو الحملة إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو الذي عرقل هذه المحاولة. ويرون أن أمامهم الآن فرصة أكبر في ظل حكومة العبادي، الذي يؤيد منح المحافظات مزيداً من السلطة. وعلى رغم ذلك، إذا حصلت البصرة على مزيد من الحكم الذاتي فإن هذا سيضعف سيطرة الحكومة المركزية على مواردها، في الوقت الذي تحاول فيه إحداث توازن في موازنتها في ظل انخفاض أسعار النفط، حيث تعتمد موازنة الحكومة أساساً على صادرات النفط الخام الذي تنتج البصرة كميات كبيرة منه. لافداي موريس - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست بلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©