الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دار رعاية تؤوي أطفال نزيلات سجن الشارقة

دار رعاية تؤوي أطفال نزيلات سجن الشارقة
1 يونيو 2009 01:27
تأتي لترضع ابنها، تحضنه تقبله، تتطلع إليه بعينين تفيضان بالحزن والأسى، يتأجج اللقاء بالمشاعر قبل أن تمر ساعة الزمن بسرعة البرق. تتآلف مع وليدها، تناجيه وتحدثه ترضعه، ثم يحل الفراق فتجر خيبتها وترحل عن الغالي على قلبها لتوصد عليها أبواب الزنزانة من جديد، وتظل ترقب عقارب الساعة تثبت ناظريها عليها إلى حين اللقاء القادم. هكذا تمر الأيام وتتوالى بين أم ووليدها، تشاء الأقدار أن يفترقا ولا يلتقيا إلا ساعات قليلة كل يوم، هم أبناء السجينات في سجن النساء بالشارقة، حيث يقيمون في دار لإيوائهم بعيدا عن جو السجن وبيئته ليتلقوا التربية الحسنة والمتوازنة، هي «دار الأمان» لإيواء أطفال السجينات. الفكرة لم يتجاوز افتتاح الدار سبعة أشهر لكنها أعطت ثمارها وقامت بالدور الذي أرادته مذ كانت نواة، تقول مريم إسماعيل- مديرة الدار: «نشأت فكرة إقامة دار الأمان من الرائد منى، وهي من شرطة الشارقة، والفكرة كانت تتمحور حول إنشاء حضانة لإيواء أبناء السجينات تابعة لـ«دائرة الخدمات الاجتماعية» في «المنشآت الإصلاحية والعقابية» في الشارقة، لإيواء أبناء السجينات الذين تقل أعمارهم عن سنتين، وهي فترة الرضاعة الطبيعية، ونستقبل حديثي الولادة، والدار منفصلة عن سجن النساء، وذلك لمنح الأم فرصة الانخراط في البرامج الإصلاحية والتأويلية، وفي ذلك الوقت يكون الطفل قريبا منها ليتسنى لها إرضاعه».وتضيف: «ثمة أمهات أطفال نزيلات في سجن الشارقة بعضهن أمهات عازبات يقضين مددا عقابية مختلفة حسب كل حالة، بحيث هناك قضايا تسول وسرقة وغيرها، ونستقبل فئتين من الأطفال شرعيين وغير شرعيين، ونعمل على استخراج شهادة الميلاد يكتب بها اسم الولد وأمه فقط وتاريخ الميلاد وينسب الطفل لأمه للقيام بإجراءات الإبعاد بعد انقضاء مدة السجن». رعاية شاملة تقدم الدار لأطفال السجينات رعاية تامة وجملة خدمات تشير إليها إسماعيل، وتقول: «لدينا برامج وخدمات يتم تقديمها للأطفال تتمثل في استقبال ودراسة الحالة الاجتماعية للطفل، وخدمات معيشية وصحية، كما توجد خدمات ترويحية وبرامج دينية تناسب مختلف الأعمار، وبرامج ثقافية كمشاهدة التلفاز وقراءة القصص، واجتماعية كالاحتفالات بأعياد الميلاد أو القيام ببعض الزيارات أو استقبال بعض الزوار، ونقدم برامج تأهيلية لتنمية مهارات النمو وتقدم حسب الفئة العمرية، وبرامج تعليمية تنمي التميز عند الأطفال الذين نستقبلهم في الدار، بحيث هناك أطفال نستقبلهم عن عمر 24 ساعة. إلى جانب رعاية صحية، حيث نتعامل مع مستشفى للحالات الطارئة والأمومة والطفولة لتطعيم الأطفال، والمختبر في حالة وجود حالات تستدعي إجراء بعض التحاليل، ونستقبل في الدار طبيبة لفحص الأطفال بشكل دوري». خدمات تشرف على هؤلاء الأطفال مجموعة مشرفات توليهم عناية كبيرة نظرا لكونهم يحتاجون إلى عناية نفسية وتربوية جيدة، تقول إسماعيل: «يوجد لدينا طاقم يتكون من 4 ممرضات يداومن بالتناوب ويقدمن الخدمات الصحية الضرورية للأطفال، وهناك 5 مربيات يسهرن على راحة الأطفال من تقديم الوجبات الغذائية والعناية بنظافتهم واستحمامهم، مع أم بديلة تعتبر أما للدار وتوجد بشكل دائم بها، ومسؤولة بشكل عام عن الأطفال توفر احتياجات الدار والأطفال، وهناك كذلك 4 مشرفات دوامهن كذلك بالتناوب يقدمن للأطفال برامج وخدمات اجتماعية ويوفرن الملابس والأغذية والألعاب، ويصطحبن الأطفال لبعض الأماكن كالمستشفيات، بحيث عندما تأخذ الممرضة الطفل للمستشفى تكون المشرفة مرافقة لها ومسؤولة عن الأطفال من حيث تقديم البرامج التي تعدها المشرفة الاجتماعية والقائمين على التنفيذ، إضافة إلى السكرتيرة والسائقين الذين يسهلون تنقل الطاقم لخدمة هؤلاء الأطفال». صعوبات تعترض الأمهات والأطفال على حد سواء بعض الصعوبات، تشير إليها مديرة الدار، تقول إسماعيل: «عندما نستقبل الطفل وعمره لا يتجاوز 24 ساعة يكون الوضع سهلا على الطفل وصعبا على الأم، أما عندما نستقبل الطفل وعمره يتجاوز 4 شهور مثلا ففي هذه الحالة يكون الوضع أكثر صعوبة، فالأم تكون مرتبطة بولدها ويكون هو شديد التعلق بأمه، وهكذا يصعب تفريقهما لمدد تجاوز 8 ساعات تقريبا، تعاني الأم والطفل بداية، لكن بمرور الوقت يتأقلم الجميع، ولتفادي تأثر الطفل نفسيا فإننا نسمح لأمه بزيارته مرتين أو ثلاثا في اليوم، ترضعه وتجلس معه، وتتحدد كل حصة في ساعة، وفي حالات أخرى يسمح للأم بزيارة وليدها فترتين في اليوم فترة صباحية وأخرى مسائية». وتسترسل قائلة: «ثمة صعوبات أخرى تتمثل في الفوارق بين من تعمل في روضة أطفال وبين من تعمل في «دار الأمان» لإيواء أبناء السجينات، هذه الفوارق نابعة من كون هؤلاء الأطفال لهم وضع خاص، وبالتالي يجب توفير عناية خاصة لهم، ونحن نعلّم هؤلاء الأطفال مفردات الحياة الأولى فإننا نعاني من تفاوت في مستوى الذكاء والاستجابة للتعلم، وهذا أمر عادي ويوجد حتى في المدارس العادية. وتتمثل المعاناة الحقيقية في الفراغ الذي يتركه عدم وجود آباء في حياة هؤلاء الأطفال، وهكذا يصبح الطفل ينادي أي رجل يتواجد أمامه«بابا». وتلفت إلى أن الدار تحاول وضع الأسس النفسية للشخصية السوية لدى الأطفال، بحيث كلما كانت الأم تواجه محنة السجن فإن ذلك ينعكس سلبا على طفلها، لذا تم استحداث الدار حتى لا يعيش الطفل في السجن بل في جو يسوده الأمان والطمأنينة خارج المؤسسة العقابية. أرقام ? تأسست الدار في يونيو من سنة 2008 وتم افتتاحها الرسمي بتاريخ 10 نوفمبر من ذات العام. ? تستقبل الأطفال حديثي الولادة وعندما يكمل عامين يتم تحويله لدار الرعاية الاجتماعية للأطفال، ويتم التنسيق بين الدار في هذا الشأن وبين الأمهات، لكي يكون الطفل بعيدا عن جو السجن. ? وصل عدد الأطفال التراكمي أي منذ إحداث الدار إلى اليوم إلى 91 طفلا تم تحويل 12 منهم إلى دار الرعاية الاجتماعية للأطفال. ? تم إنهاء 66 علاقة، لأن مدة إيواء الطفل مرتبطة بالمدة المحكوم بها على أمه وفترة العقوبة المخصصة لها. ? يوجد حاليا في الدار 13 طفلا، وتم استلام 4 أفراد منهم خلال شهر مايو 2009.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©