الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مذكرات مجنون

مذكرات مجنون
1 يونيو 2009 01:29
سيدتي، لن تكوني جارية «افتراضية» في مملكتي، أرفض ذلك رغم السخاء الظاهر للعرض، والإغراء السافر للمعنى، أرفضه لأنني لست ملكا، وليس لدي مملكة.. أرفضه لأنني لا أقبل أن تكون شريكة عمري «جارية» افتراضية أو حتى حقيقية، أرفض عرضك السخي لأن حدود مملكتي ــ إن جاز تسمية تفاصيل عالمي البسيط مملكة ــ لا تتجاوز حلما متواضعا، لا تتسع حدوده لتحايل الجواري.. بل للشركاء. ألمح دهشة تكسو تفاصيل وجهك الطفولي الساحر، أعرف أنك لم تلتق «مجنونا» مثلي يقاوم إغراء تكوينك البديع، ومنطقك المغرق في بلاغة اللفظ ووحشية المعنى، «مجنونا» مثلي يرفض أن تكوني عنوانا لبهجته، ولو إلى حين، يأبى أن يتوج ملكا على مملكة أنت فيها كل الرعية، لكني يا سيدتي تعلمت من الحياة أن الجنون في بعض المواقف «قمة العقل». اليوم يا سيدتي قررت أن أكون مجنونا عاقلا، قررت ألا أكون ملكا «تابعا» لجارية مسيطرة حاكمة، قررت أن أستعيد بعض ملامح شرقيتي، التي قاومت كثيرا منذ عرفتك حتى أبقي عليها ولا أفقدها، اليوم أضع كلمة النهاية في قصتي معك، وأسطر آخر أسطر ذكرياتنا معا. تعيدني «النهاية» إلى لحظات البداية الأولى، بهرتني موهبتك في تقمص «أمينة» حرم سي السيد «المصون» في ثلاثية أديب نوبل، أمينة؟.. هل هذا معقول؟.. في زمن التمرد والصراع المحتدم بين التذكير والتأنيث؟.. جارية في زمن التتويج وموسم الحصاد للصراع النسائي الطويل ضد سطوة الرجل وهيمنته؟. لكني ياسيدتي لم تلهني براعة التقمص عن رداءة المضمون .. اكتشفت أن المطلوب أن أكون ملكا في مملكتك بشروطك، ملكا بلا سلطات ولا قدرات، رمزيا «مرفوعا من الخدمة»، أن أكون سي السيد بلا كلمة مسموعة ولا مكانة محفوظة، سي السيد «مستأنس»، وهو دور لا أجيده ولا أرغبه. حياتي يا سيدتي لا مكان فيها لسادة وعبيد، لملوك وجوارٍ، لأمينة وسي السيد.. شريكتي هي من تقبل شراكتي، من ترضى بتقاسم المهام وتكامل الأدوار، هي من ترضى بمساواة في الحقوق وعدالة في «المسؤوليات».. هي بالتأكيد امرأة غيرك. «منقولة عن الأصل بتصرف». صلاح الحفناوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©