الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نوع من السموم

نوع من السموم
1 يونيو 2009 01:33
لأننا بشر فإن حياتنا نصفها عقل ونصفها عواطف ومشاعر وأحاسيس. ولأننا بشر فكل منا يجد نفسه تلقائياً منحازاً إلى أي شيء أو منحازاً ضد أي شيء. إننا قد نقع في حب أي فئة من البشر وقد نقع في كراهية أي فئة أخرى، قد نتعصب لرأي معين ضد رأي آخر. كلنا نملك مثل هذا النوع من المشاعر وأساسها غالباً خبرة قديمة مرت بالواحد منا. إن البعض قد يخسر الكثير من الفرص لمجرد الوقوع في فخ التعصب أو الانحياز. فإنني أحاول أن أتخيل مدى الإرهاق النفسي الذي يقع فيه الابن عندما يسمع من أبيه كلمات مثل «أنت إنسان غير ناجح، أنت ولد بلا أخلاق، أنت لا تستحق أن تكون إبناً لنا، إنني أكرهك، إنني لا أستطيع أن أحبك». صحيح أن أي أب لا ينطق كل تلك الكلمات دفعة واحدة، لكنه يقولها في مواقف مختلفة، دون أن يعي أن الابن يعاني من إرهاق نفسي نتيجة عدم احترام أبيه له. إننا نحن الكبار ننسى أن كلمات التعصب لا تعدو كونها نوعاً من السموم التي نقتل بها ثقة الطفل بنفسه، وأننا بذلك نفقده القدرة على التفكير المتزن. إننا نملأ نفوس الأطفال بالقلق ضد فئة معينة من الناس بسبب اللون أو الدين أو لأي سبب آخر، ونظن أن ذلك يقوي من شخصية الطفل، لكننا في الحقيقة لا نصنع بذلك إلا الشقاء. إن بذرة كراهية واحدة نضعها في نفس الطفل جديرة في بعض الأحيان بأن تجعله يكره المجتمع كله والمستقبل كله دون سبب واضح. فالشخص المتعصب لا يمنح نفسه إلا فرصة واحدة هي كراهية الآخرين.فهناك طفل ينمو وينمو معه الاستعداد لأن يكره كل إنسان. وهناك طفل آخر ينشأ في أسرة مترابطة بالحب فنجد أنه لا يستطيع أن يكره أي إنسان. وكثيراً ما نصادف أناسا مصابين بمرض»البرانويا»، وهم عادة يتخيلون أنفسهم عظماء وعباقرة، ويشعرون دائماً أن كل الناس من حولهم تضطهدهم وتحقد عليهم. وإن تتبعنا حياة هؤلاء الناس سنجد أن هناك من أوهمهم بأنهم ضحايا الاضطهاد. وكثير من هؤلاء المرضى ضحايا»وهم» يخيل لهم أنهم منقذو البشرية من متاعبها ومصائبها، لكنهم تعساء الحظ، لأنهم لم يجدوا من يفهمهم أو يستوعب عبقريتهم، لذا كانت النتيجة أن المجتمع قابلهم بالرفض والإهانة ، فتكون مستسشفي الأمراض العقلية مصير عدد كبير منهم. المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©