الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا تفقدي حزمك في مرحلة نقاهة طفلك !

لا تفقدي حزمك في مرحلة نقاهة طفلك !
1 يونيو 2009 01:33
عندما تنتهي مرحلة الخطر في أي مرض، وعندما يبدأ الطبيب في الابتسام لأن الطفل قد وقف على عتبة الشفاء، على الأم أن تلاحظ جيداً أن الطفل يجب أن يظل في حالة من الراحة النفسية، وأن تبتعد أيضاً عن الإحساس بالضيق والضجر معاً. فالتحليل النفسي للأطفال الصغار يكشف لنا أن الطفل بعد إصابته بالمرض أو إجراء أي عملية جراحية له، ينظر إلى ما أصيب به على أنه نوع من العقاب على جريمة ارتكبها. أو لأنه أحياناً قد مرّت بخاطره بعض الأفكار العدوانية نحو أحد أفراد أسرته، وبالتالي يقع في الإحساس بالذنب، فأعراض المرض أيضاً تخيفه، وخطر المرض نفسه يجعله غارقاً في إحساس داخلي بالرعب، والخوف من خطر المرض ينتقل عادة إلى الطفل من الأم، فملامحها أثناء قراءتها قياس الحرارة تنبئ بالخطر، وصوتها المرتجف يجسد المزيد من القلق وهي تتحدث إلى الطبيب، مما يجعل الطفل يزداد خوفاً على نفسه. فضلاً عن أسلوب معاملتها للطفل أثناء المرض، هذا الأسلوب المليء والمبالغ فيه بالحنان والخوف الزائد، كل ذلك يجعل إحساس الطفل غير طبيعي. ثم يبدأ الطفل في الإحساس بأن حدة المرض قد بدأت في الزوال. ويبدأ هو في استرداد صحته. إن هذه الفترة يمكن أن تكون من الفترات الصعبة في حياة الطفل. لأنه يتعود على الحنان المبالغ فيه ولا تسهل قيادته. ذلك أنه من بين ردود فعل الإنسان بعد انتهاء مرحلة الخوف أن يبدأ في الإحساس بالثورة على الإنسان الذي يعتقد أنه كان السبب في ذلك الخوف. وهذا يبدو واضحاً في غضب الأم العنيف على طفلها الذي كاد أن يسقط من النافذة، أو ثورة الأم على طفلها الذي اندفع في الطريق وكاد أن يقع تحت عجلات سيارة بسبب عدم انتباهه واندفاعه. فالأم تقع في خطأ الاعتقاد بأن الابن أصيب بالمرض أو وقعت له الحادثة لأنها أهملت رعايته، ولا تتنازل عن هذا الوهم، لأنه جزء من طبيعتها الإنسانية الغريزية. لكن عندما يبدأ الطفل مرحلة الشفاء من المرض فإن راحة الضمير تبدأ في الاستقرار في أعماقه، لقد «قدّم الكفارة عن خطاياه»، سواء كانت تلك الخطايا حقيقة أو وهماً، ويرى أن صحته قد بدأت تمتلئ بالحيوية. لكن قد يكون هناك إحساس بالذنب في قلب الأم بأنها السبب في المرض، وهذا الإحساس لا يذهب بسرعة. إنها تعرف أن المرض لم يذهب نهائياً، وهي في هذه الحالة قد تعاني من عدم الاستقرار العاطفي والنفسي، ويستمر هذا الأمر بضعة أيام. وبقدر ما يظهر إحساس الأم بالذنب في سلوكها مع الابن، بقدر ما يشجع ذلك الابن في إلقاء اللوم عليها ومحاولة عقابها. على الأم أن تعرف أنه من أسهل الأمور هو إلقاء اللوم على نفسها بأنها السبب في مرض الطفل. لكن عليها أيضاً أن تمتنع عن الوقوع في خطأ الاستسلام التام لكل طلبات الطفل أثناء المرض، إن الأم يمكنها أن تسأل ابنها عن أعراض مرضه في صوت عادي وواقعي وعملي تماماً كما يسأل الطبيب الطفل. ولا يجب أن تقع في خطأ إظهار القلق الشديد على الطفل فتظل تكرر أسئلتها عليه كل خمس دقائق. ولا أقصد بذلك أن على الأم أن تظهر بمظهر قاس أو بمظهر عدم المبالاة، إنما أقصد أن تظهر الأم العطف وأن تشارك الابن مشاعره دون أن تحمل نفسها متاعب الضيق والإرهاق والتألم. وعندما تظهر على الطفل أعراض السيطرة وإلقاء الأوامر وبداية التصرف الديكتاتوري. فإن على الأم أن تضع حداً لذلك بأن تحزم أمرها معه وتقول له: «إنها لا تسمح له أن يتحدث معها بهذا الأسلوب، وأن وراءها أعمالاً كثيرة يجب أن تقوم بها». وإذا أبدى الطفل بوادر الرفض لمشروب طلبه بنفسه منذ قليل. فإن على الأم أن تقترح عليه أن يحاول تذوقه مرة أخرى حتى يمكن أن تتاح لها فرصة أخرى لتصنع له مشروباً آخر. أما إذا بدأ في مغادرة السرير ويكون هذا ضد أوامر الطبيب فهنا يجب أن تفرض الأم أوامرها على الطفل وتمارس سيطرتها عليه بحزم وبالطريقة نفسها التي تتبعها معه عندما يكون سليماً في كامل صحته، لأن التمسك بالصبر هنا يكون بلا فائدة، كما أن التحذيرات من احتمالات تدهور حالته الصحية تكون أيضاً بلا نتيجة عملية. إن التحذير يعطي الطفل الفرصة للاختيار بين تنفيذ أوامر الأم أو تحمل النتائج السيئة للمرض. وهو موقف لا يستطيع الطفل فيه أن يتخيل نتائج المرض. لذلك فالأوامر الحاسمة هي الحل الوحيد، وفي هذا المجال أيضاً يجب على الأم أن تحدد لنفسها مقدار الوقت الذي يمكن أن تقضيه مع الطفل. الأم أحياناً تجد مشاعرها تتأرجح عندما يطلب الطفل منها شيئاً أثناء فترة المرض أو أثناء فترة النقاهة، إنها أحياناً لا تريد الموافقة على طلب الطفل لأنه غير معقول أو غير مناسب، وأحياناً أخرى ترغب في أن تنفذ له طلبه مهما كان.. لأنها تحت ضغط الإحساس بالذنب قد تفكر في الاستجابة لطلب الطفل. ويظهر ذلك في نبرات صوت الأم المترددة أو الغاضبة وهي تقول «لا»، هذه النبرات يكتشف منها الطفل فوراً تردد الأم وعدم ثقتها في رفضها. فيبدأ فوراً في تطويق هذا الرفض عن طريق التوسل والرجاء أكثر من مرة. وقد يختلق أعراضاً مرضية جديدة. ويبدأ في الحديث بلهجة كلها تحسر على حالته بل وقد يلجأ للدموع التي يمكن وصفها بأنها دموع الدهاء، ولهذا فعلى الأم أن تكون حاسمة تماماً بلهجة تلقائية ومرحة. كيف نعلم الأبناء المفاهيم الصحيحة عن الحب والغرائز الفطرية؟ يعيش الصبي على أعتاب مرحلة المراهقة ألواناً متباينة من الصراع، لا مفر منها ويجب عليه أن يواجهها في مجالات عديدة. لكن هذه المقاومة تزداد حدة وعنفاً بصفة خاصة فيما يتعلق بالجنس. فالرغبة الجنسية قد جاءته فجأة وبصورة أكثر الحاحاً، لكن عندما يتقدم العمر بالشاب نحو المزيد من النضج فسيكون أكثر فهماً وادراكاً لنوع الشخص من الجنس الآخر الذي يناسبه فعلاً. ففي بداية المراهقة تهاجم الشاب فجأة دون أن تكون مرتبطة باهتمامات أو ميول أخرى، وتعلن عن نفسها بطريقة محرجة، وكأنها صفعات ظالمة تلطم الفتى الساذج عديم الخبرة والبنت الساذجة عديمة التجربة، وليس هناك شك في أنها رغبة لذيذة جزئياً، ومثيرة، لكنها في نفس الوقت يمكن أن تجلب معها اهتماماً خاصاً بالذات يخالطه فقدان الثقة والقلق والإحساس بالذنب. وأحياناً أخرى يتحدثون عن الجنس وكأنه عار كبير وذنب لا يغتفر. وهذه الاتجاهات المتناقضة توحي طبعاً إلى المراهق بأن الكبار غير صادقين، ثم إنها تجعل فهم المراهق للجنس أكثر صعوبة وتعقيداً، ونرى أن بعض المراهقين حاولوا حسم هذا الصراع في أعماقهم بنوع من الشطط انتهى بهم إلى أن الجنس والحب ليسا سوى مسألة بيولوجية في أعماقهم. ونحن نعلم – كحقيقة لا جدال فيها – أن بعضاً من أسمى درجات السلوك عند الأبناء والبنات ومثلهم العليا وما فيهم من ابتكار وروح خلاقة إنما هو نتيجة لمقدرتهم على تبادل الحب الحقيقي السليم فيما بينهم. فإذا حاولوا انكار النواحي الروحية للحب، فإنهم يقيناً سوف يقعون في هوّة الحيرة وفي المزيد من الارتباك، الأمر الذي يقودهم في النهاية إلى مرارة الإحساس بخيبة الأمل في أنفسهم وفي غيرهم، سواء في علاقاتهم وصداقاتهم وما بينهم من الاختلاط قبل الزواج، أو بعد الزواج. وفي هذا العصر أخذ البعض يتحدث عن الفروق والاختلافات بين الجنسين ثانية. وبصفة عامة، فإن الرغبة الجنسية في الفتيان والرجال أكثر إلحاحاً بدرجة كبيرة تفوق ما هي عليه عند البنات والنساء. وهي في الوقت نفسه رغبة أقل تمييزاً في اختيارها، ثم إنها سريعة الاستجابة للجنس اللطيف إذا كان جذاباً ومتجاوباً. لكن الرغبة الجنسية عند الفتى يمكن أن يثيرها مجرد الصورة أو مضمون القصص أو حتى الفكرة الخيالية وليس معنى هذا أن المراهق يفتقر إلى النواحي الأخرى من الحب الرومانتيكي فذلك أمر يتوقف إلى حد كبير على نوع التنشئة الاجتماعية التي ينشأ فيها. فإذا كان أبوه من النوع الذي يبدي الشوق والحرارة والرقة والرعاية والحماية والحنان للأم، فإن ذلك يبني أماني الولد لما سيمنحه هو ويعطيه ويبذله من ذات نفسه وعاطفته للمرأة عندما يكبر. ولنعلم أيضاً أن قدرته على الحب تنمو وتنشأ منذ بداية طفولته الأولى عن طريق حبه الشديد للأم الحنون الطيبة عندما كانت عنده أهم إنسان في الدنيا. وهذا هو ما يلهمه، بعد ذلك بسنوات في مرحلة المراهقة، الوقوع في حب فتاة تشبه أمه تماماً في كل الصفات. وتعبير "يقع في الحب" يعني أن موقفه يصبح أمام هذه الفتاة موقفاً روماناتيكياً يتسم بالشهامة والتبتل كما يتيمز أيضاً بالرغبة الجسدية. وهو على استعداد لأن يعيش معها في عالم مثالي وأن يحيطها بهالة من الصفات الرائعة والتي قد يصعب أن تكون موجودة فيها وأعظم ما يتمناه هو أن يجعلها سعيدة في كل ناحية، وأن يبلغ النجاح في المدرسة وفي الحياة من أجلها وأن يحميها. بل إن رغبته الجسدية كلما نضج تهدف إلى حد كبير وبصفة عامة إلى لذتها الحسية وهو لا يشعر بأقصى سعادة إلا عندما تستجيب وتوافق. وكل ما يعنيه من ذلك هو أنه عندما يبدأ فتى الانجذاب العاطفي نحو فتاة (وتنجذب هي إليه) فهو مستعد لأن يمنحها أكثر ما يستطيع من ألوان الحب وفنون الغرام والهيام والولاء، فإذا كانت فتاة طبيعية، فهي تريد أن تكون جذابة، من حيث شكلها ولكنها أكثر من ذلك تريد أن تكون محبوبة جذابة عنده كشخصية جذابة ولكن الأمر يتطلب وقتاً طويلاً في مرحلة المراهقة حتى يكتشف كلاهما حقاً الصفات التي ترضي حاجاتهما ومثلهما العليا فإذا ما فعلا ذلك فسيزداد شعورهما بالحب ارتباطاً وقوة. والشبان والبنات الذين يملكون إحساساً بالمسؤولية يشعرون بذلك ويحاولون ضبط النفس وقمع الرغبة الحسية حتى يتجنبوا التورط في الإثم والعار. والبنات بصفة خاصة هن عادة أكثر قدرة من الأولاد في هذا المجال وأكثر ضبطاً لأنفسهن، والرغبة الجسدية عند معظم الفتيات أقل حدة والحاحاً.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©