الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عائشة بالخير: قصر الحصن رمز لتاريخ أمة عرفت التحدي

عائشة بالخير: قصر الحصن رمز لتاريخ أمة عرفت التحدي
1 مارس 2014 22:30
أبوظبي (الاتحاد) - يظل قصر الحصن وجهة بحثية عريضة لكل العاملين في مجال التراث وجمع الوثاق التاريخية المهمة، خاصة أن مهرجان قصر الحصن في دورته الثانية أسهم في تشغيل محرك البحث مرة أخرى من أجل إبراز ظاهرته التاريخية الثرية، إذ يعد القصر أقدم بناء أثري عرفته أبوظبي منذ أكثر من 250 عاماً، ولم تزل مديرة إدارة البحوث والخدمات المعرفية بالمركز الوطني للوثائق والبحوث الدكتورة عائشة بالخير مشغولة بقصر الحصن، وتشارك بقوّة في هذا العرس الذي يزين الموروث الشعبي الإماراتي ويضعه في مكانته التي تليق به. مآثر الأجداد حول مدى إمكانية تعريف الأجيال الجديدة بمكانة قصر الحصن، في ظل المهرجان الذي أقيم للعام الثاني على التوالي في العاصمة أبوظبي، تقول مديرة إدارة البحوث والخدمات المعرفية بالمركز الوطني للوثائق والبحوث الدكتورة عائشة بالخير: يقع الحصن في قلب مدينة أبوظبي، لذا، فإن الحصن رمز لتاريخ أمة عرفت التحدي وتعاملت معه بالصبر والإبداع ورسمت لنفسها هدف البقاء بشموخٍ وعزة، وإن ما شهدناه قبيل قيام الاتحاد عزز من عزمنا على السير قدماً لرفع شأن هذا الوطن وتوعية الأجيال القادمة بمسيرة أهلنا، وتذليلهم للمستحيل. إنَّ توعية الأجيال بأهمية الحصن بالحوار مع زائريه صغاراً وكباراً تزيدهم ثقة بمآثر الآباء والأجداد، الذين شادوا حضارة على امتداد 250 عاماً من تاريخنا الذي امتدت جذوره إلى حضارة أم النار العريقة. ذاكرة وطن وبخصوص دور مهرجان قصر الحصن في إبراز المعالم التاريخية في إمارة أبوظبي، تضيف: يثير المهرجان في جنبات الحصن فرحة وبهجة بما أنجزه حكام أبوظبي الذين أقاموا هذا الصرح الصامد على مر الزمن، ليكون شاهداً على الآثار التاريخية الشامخة بالفخر والعزة في مناحي إمارة أبوظبي، وتدعونا إلى زيارتها ودراستها، وتعريف أجيالنا بها، وبيان عبقرية الآباء والأجداد في بنائها، وهي رمز لحرصهم على حماية تراثهم الوطني، وقد حفظ الحصن ذاكرة الوطن وتاريخ الإمارات وتراثها، فكان الحصن موئلاً يؤمّه الباحثون والدارسون لينهلوا من التاريخ والتراث الذي ترويه وثائق المركز ومحفوظاته التي ادّخرها الحصن أمانة للأجيال. مثل عليا وتتابع: إن الحصن منذ كان قصراً للحكم، ثم مكتباً للوثائق بقي زاخراً بالإرث التاريخي يثير في نفوس زائريه قيم الولاء والانتماء، فجعل أبناء الإمارات أكثر فخراً بقيادتنا الرشيدة التي تحفظ قيم العدالة والمساواة، والمحبة والتواضع، والمُثل العليا التي ترسَّخت في هذا الحصن كابراً عن كابر، فالاهتمام بالحصن لم ينقطع، بل تواصل جيلاً بعد جيل على مرّ الزمان، وحظي الحصن برعاية دائمة من القيادة الحكيمة وفاءً لعهود الآباء والأجداد. وعن الكيفية التي ربط بها قصر الحصن بين الماضي والحاضر، تقول إن الحصن كان مقراً للحكم فهو ظاهرة فريدة! إذ شهدت مجالسه العامة والخاصة، وغرفه وممراته اجتماعات الحاكم مع أبنائه وزائريه من الدول القريبة والبعيدة. وكان مقراً للقيادة والتشاور واتخاذ القرار، وتوقيع المعاهدات وغيرها من الأمور السياسية والاقتصادية. وملتقى وجهاء البلاد وأعيانها، يجتمع الحاكم بأبناء القبائل لتجاذب أطراف الحديث، وإلقاء الشعر ومناقشة قضاياهم. وما زال الحصن جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الحية للوطن، ويعمل الباحثون على رصدها بالروايات الشفاهية والكتب الرصينة. فالحصن ظاهرة لإرث مئات السنين يحفظ ذخراً ثقافياً لأبناء أبوظبي الذين تلقّوا معارفهم من أسلافهم، وعاصروا دور حكامه في النصف الأخير من القرن المنصرم، فأصبح الماضي القريب والبعيد جزءاً من حياتهم ومن ذاكرة الحصن. وعن قراءتها لكتاب «قصر الحصن» الذي أصدره المركز الوطني للوثائق والبحوث في وقت لاحق، تبين أنه يلقي الضوء على تاريخ أبوظبي على مدى قرنين من الزمان تقريباً، وقد كان قصر الحصن مقراً للحكم والإدارة، حتى غدا رمزاً لمرحلة مهمة من تاريخ الإمارة وإنجازات حكامها، وبيان مساهماتهم في تحديد ملامح تاريخ المنطقة وما جاورها. وتناول الكتاب عوامل بزوغ إمارة أبوظبي، لتصبح أهم إمارة على شاطئ الخليج من الناحية السياسية والاقتصادية. وبحث في تفاصيل السياسة البريطانية العامة، وصور التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي غيرت ملامح إمارة أبوظبي بسرده أنماط الاقتصاد التقليدي، وأساليب الحياة والمجتمع في هذه المنطقة، فالكتاب نتاج بحث طويل في السجلات الرسمية للمسؤولين البريطانيين في منطقة الخليج العربي. وهو مرجع حافل بالمعلومات والأحداث والتطورات التي كان الحصن شاهداً عليها. عن صحة ما إذا كان قصر الحصن هو خط البداية لتقدم إمارة أبوظبي، تقول: رصدت الوثائق والمراسلات السياسية وما كتبه الرحالة والمسافرون والمستكشفون والمقيمون والسياسيون ورجال الأعمال عن ذلك ووثقت سيَرهم تلك البداية. فقد انتقل آل نهيان من الظفرة وصحراء ليوا إلى شاطئ البحر في جزيرة أبوظبي، وكان بناء الحصن مَعْلماً لهذا التحول، وبداية لأنماط جديدة من الحياة بالتجارة وصيد اللؤلؤ، والتواصل مع العالم الخارجي. وتؤكد بالخير أن قصر الحصن يوثق التطور المعماري الذي شهدته أبوظبي فهو المعلم الوحيد الذي يراه المسافر بحراً وبراً وجواً آنذاك، علاوة على الموقع الاستراتيجي لأبوظبي ما أسهم في نمو شبكة العلاقات مع المناطق المجاورة. وتجلت لزائريه مركزيته كمقر للسلطة السياسية في الإمارة. فكان لموقعه الاستراتيجي القريب من الساحل هيبة وحضور، استحوذا على أنظار من كان لديه آلة تصوير توثق ذاكرة الزمـان والمكان ومنهم السير بيرسي كوكس الذي زار أبوظبي عام 1902م، ثم الرحالة الألماني بورخارت في 1904م، وهُناك قائمة من المصورين وما التقطته عدسات كاميراتهم وكلها روت قصَّة الحصن من منظور الزمان وإحداثياته، وما زال للحصن هيبته الخالدة التي استمدها من حضرة ساكنيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©