الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا: الصراع في شبه جزيرة القرم

1 مارس 2014 23:33
أقسم آبازار إلياسوف وهو تتري بأن دبابات الروس ستمر على جسده قبل أن يسلم مدينته سيمفربول عاصمة شبه جزيرة القرم الأوكرانية، ويعيش كثير من التتار في شبه الجزيرة مثله. وقال الرجل العاطل عن العمل: «أسرتي لم ترَ شيئاً جيداً من روسيا.. لم يعاملونا كأنداد قط ولن يفعلوا هذا الآن.. هذه بلادنا ولن نتركها.. نحن جزء من أوكرانيا». ففي عام 1944، رحل ستالين والدي إلياسوف ضمن 250 ألف تتري من القرم إلى أوزبكستان التي ولد فيها إلياسوف. وإلياسوف كان واحداً من بين آلاف التتار الذين تجمعوا أمام البرلمان القرمي يوم الأربعاء الماضي في محاولة لمنع النواب من إقرار أي تشريع قد يدعم فصل شبه الجزيرة الواقعة في البحر الأسود عن أوكرانيا. ووقعت اشتباكات جرح فيها بضعة أشخاص، في غمرة تحركات روسية لتعزيز الأمن، مما يجعل مدينة سيمفروبول هي أحدث منطقة مضطربة في أزمة سياسية يخشى كثيرون أن تؤدي إلى تقسيم البلاد. وقد حذر رفعت تشوباروف وهو رئيس «المجلس» التتري الذي يتحدث باسم أكثر من 300 ألف من تتار شبه جزيرة القرم في أوكرانيا البرلمان قائلاً: «لا تفجروا الوضع في القرم.. نحن نعلم أنهم يريدون عقد جلسة لفصل القرم عن أوكرانيا، وحذرنا من أن تتار القرم لن يسمحوا بحدوث هذا أبداً». وقد لوّح التتار المحتشدون أمام البرلمان بالأعلام الزرقاء لتتار القرم والعلم الأوكراني بلونيه الأزرق والأصفر وهتفوا قائلين: «أوكرانيا. الوطن! القرم! الشعب!» باللغة التترية التي يتحدثها التتار وغالبيتهم من المسلمين. وكان يقابلهم عدد مماثل من المحتجين المؤيدين لروسيا الذين لوحوا بعلم روسيا بألوانه الأحمر والأزرق والأبيض ويهتفون قائلين «القرم هي روسيا!». وقالت جالينا فالنتينا وهي كولونيل في الشرطة المحلية «نحن هنا لندافع عن أنفسنا ضد الأوكرانيين الغربيين الذين يعتقدون أنهم يستطيعون تقرير مستقبلنا هنا في القرم. لم يسألونا قط عما نريد.. نحن نتكلم الروسية هنا منذ 200 عام.. لن نبدأ تحدث الأوكرانية.. إنها ليست لغة فعلية أصلاً بل لهجة». ويوحي العدد الكبير من الأنصار في كلا الجانبين بأن الصراع على مصير القرم مقسوم بالتساوي تقريباً هنا في العاصمة مقارنة مع مدينة سيفاستوبول التي تقع على بعد 40 ميلاً جنوباً حيث حسم المحتجون أمرهم في الأيام القليلة الماضية بأنهم من مؤيدي روسيا والانفصال عن أوكرانيا. وسيفاستوبول بها أسطول البحر الأسود الروسي من السفن والغواصات التي يمكن رؤيتها في ميناء المدينة في أقصى جنوب شبه الجزيرة. وقد تصاعد دور روسيا في الصراع يوم الأربعاء عندما قال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو إنه يراقب عن كثب التطورات في أوكرانيا وسوف «يتخذ إجراءات تضمن سلامة المنشآت والبنية التحتية وعتاد أسطول البحر الأسود». وتوقفت اثنتان على الأقل من حاملات الجنود الروسية المصفحة في وسط المدينة يوم الأربعاء وأقيمت نقاط تفتيش روسية عسكرية على أطراف المدينة حيث توجد شاحنة عسكرية روسية عليها العلم الروسي يرفرف فوق القمرة قبالة حاملة جنود مصفحة أخرى. والجنود في الزي المموه وقناع الوجه الأسود يفتشون السيارات التي تدخل المدينة. وقد أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نفس الوقت تعليمات إلى الوحدات الغربية من الجيش الروسي بأن تجري تدريبات استعداد قتالية. ومع تصاعد التوترات في الشرق والجنوب وخاصة في شبه جزيرة القرم أصدر ثلاثة من رؤساء أوكرانيا السابقين بياناً مشتركاً اتهموا فيه روسيا بـ«التدخل المباشر في الحياة السياسية في القرم». وحثوا السياسيين في كييف على الإحجام عن اتخاذ أي عمل تشريعي قد يعتبر «مثيراً للحزازات» بين الأقاليم المنقسمة بشدة في أوكرانيا. ونحو 58 في المئة من سكان القرم من الروس و12 في المئة من التتار و24 في المئة من الأوكرانيين. ولكن التتار يتمتعون بأطول تاريخ في شبه الجزيرة من بين العرقيات الثلاث. وحكم التتار وهم من عرقية الأتراك وغالبيتهم مسلمون ذات يوم شبه الجزيرة فيما عرف بخانية القرم حتى القرن الثامن عشر عندما ضمتها روسيا بعد حربها مع الدولة العثمانية. وزحف سكان شبه الجزيرة على الاتحاد السوفييتي بعد الثورة الروسية. وفي عام 1944 أمر جوزيف ستالين بجمع تتار القرم وإرسالهم إلى أواسط آسيا السوفييتية كعقاب لما قال الكرملين إنه تواطؤ مع ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذاك الحين والتتار يكافحون في سبيل نيل اعتراف أكبر في فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي. ومعظم التتار الذين وقفوا في مواجهة المحتجين المؤيدين لروسيا يوم الأربعاء يقولون إن علاقاتهم جيدة بصفة عامة مع الروس والأوكرانيين المحليين ويشيع الاختلاط الاجتماعي بين الأعراق في المناطق الحضرية مثل سيمفروبول. ولكن بعض التتار يشيرون إلى أن الأوضاع السياسية في كييف وما تلوح به وسائل الإعلام الروسية من الرغبة في إثارة التوترات في القرم جعلا الأمور أسوأ في الأسابيع القليلة الماضية. وقالت امرأة تدعى ليلى: «إن القرم ليست روسيا. إننا من مؤيدي الاتحاد مع أوكرانيا.. لا نريد أن نكون جزءاً من روسيا. تخلصنا من أحد القتلة وهو يانوكوفيتش ولا نريد قاتلاً جديداً». وفي وقت متأخر يوم الأربعاء، تفرق التتار بعد تحقيق نصر صغير بمنع البرلمان من التصويت على أي تشريع بشأن الانفصال. وتعهدوا بمواصلة كفاحهم للبقاء جزءاً من أوكرانيا. وقال الزعيم التتري تشوباروف للمحتجين على درج مبنى البرلمان: «اذهبوا إلى منازلكم وجيرانكم وإلى الروس والأوكرانيين والأعراق المختلفة.. واطلبوا منهم تشكيل وحدات دفاع ذاتي لنحمي معاً كنائسنا ومساجدنا. ولنراقب المقابر والمدارس». صابرا إيريس سيمفروبول، أوكرانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©