السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان: حراك الأزمة

1 مارس 2014 23:34
إلى ساعة تحرير هذا التقرير، لا يزال وفدا حزب «المؤتمر الوطني» برئاسة الدكتور إبراهيم غندور، نائب رئيس الحزب، مساعد رئيس الجمهورية، و«الحركة الشعبية» برئاسة ياسر عرمان، الأمين العام للحركة، يتفاوضان بصورة غير مباشرة في أديس أبابا من خلال ثامبو مبيكي رئيس الآلية الأفريقية للسلام والمساواة. مبيكي قام بخطوة غير مسبوقة، إذ أعلن في تصريح صحفي، أن باب التفاوض بين الوفدين لن يغلق إلى أن يتوصلا إلى اتفاق واضح حول جدول أعمال المفاوضات، يعقبه جلوس الوفدين إلى مائدة التفاوض. وقال مبيكي إن الوقت والوضع الإنساني يحتمان على الجانبين التوصل إلى اتفاق ملزم لهما يقود إلى سلام واستقرار السودان، ذلك الهدف الذي ينتظره الشعب السوداني والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. وكان ذلك أول تصريح علني يصدر عن رئيس الآلية الأفريقية المكلف من قِبلها، والمدعوم من مجلس الأمن كمجلس للوساطة بين الطرفين. وهكذا وضع السياسي الأفريقي المخضرم الطرفين أمام مسؤولية النجاح والفشل في هذه الجولة التفاوضية الحاسمة، وذلك على مرأى ومشهد من العالم بأكمله. وكان الممثل المقيم للأمم المتحدة في السودان قد حضر افتتاح المفاوضات، حاملاً رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة، مضمونها أن المنظمة الدولية تطلب من الجانبين التفاوض بهدف واضح يوصلهما إلى اتفاق يحقق السلام ويمكّن المجتمع الدولي من إيصال المعونات الإنسانية لأولئك السودانيين الذين وصلت أحوالهم الصحية والغذائية درجة الخطر، وفقاً لتقارير المنظمات والهيئات الدولية التي تلقاها مجلس الأمن. رسالة الأمين العام تلك تجاوزت الانتقادات التي وُجهت لمجلس الأمن بأنه تجاهل الأوضاع في السودان وأهملها. وفي الجانب السوداني، يبدو التباعد واضحاً بين الوفدين، فرئيس وفد «المؤتمر الوطني» رد على مقترح «الحركة الشعبية» بأن تكون هذه المفاوضات «للحل القومي الشامل للأزمة السودانية»، ردّ بأنه، لا هو ولا عرمان، مفوضان من قبل الشعب السوداني، وبأن مكان وإطار الحوار الشامل هو منبر المبادرة التي طرحها البشير ودعا من خلالها كل السودانيين إلى المشاركة في الحوار القومي. وكان رد «الحركة الشعبية» قد جاء على لسان عرمان الذي قال إن «المؤتمر الوطني» يؤكد بذلك «عدم جديته ورغبته في الحل الحقيقي للأزمة السودانية». هذا ما كان من المواقف العلنية للوفدين، حيث يسعى مبيكي للتقريب بينها. لكن تباعد المواقف لا يعني أن الطرفين لن يصلا إلى اتفاق يحل العقدة التي تقف في طريق انطلاق التفاوض. وفي رأي بعض المراقبين، أن كل طرف منهما يجد نفسه في وضع يلزمه بأن لا يُحسب عليه فشل المفاوضات التي ينظر إليها كل من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة باهتمام شديد. ورغم أن عرمان كرر القول بأنهم يريدون أن يكون الحل القومي للأزمة السودانية سودانياً أصيلاً يصدر عن إجماع قومي (بلا تدخل أجنبي)، فإن المراقبين المطلعين على دقائق الموقف يعلمون أن التدخل الأجنبي مارس ويمارس ضغوطاً على كلا الطرفين، وهي التي قادتهما إلى مائدة المفاوضات. وفي الخرطوم، نفى مسؤول الإعلام في «قوى تحالف الإجماع الوطني»، قرار فصل كمال عمر، الأمين السياسي لـ«المؤتمر الشعبي»، المتحدث الرسمي باسم التحالف من عضويته، وقال إن الأخبار التي رددتها بعض أجهزة الإعلام السودانية هي جزء من حملة يقودها «المؤتمر الوطني» لإحداث «ربكة» في «قوى التحالف وشق صفوفه». ويرى مراقبون مطلعون في الخرطوم أن ما يحدث على سطح المسرح السياسي السوداني لا يكشف حقيقة ما يجري تحته. فعلى الرغم من تباعد المواقف بين «المؤتمر الوطني» و«قوى تحالف الإجماع الوطني»، فإن هنالك بصيصاً من أمل في قيام رئيس «المؤتمر الوطني» بخطوات تحقق مطالب القواعد الشعبية للأحزاب التي وافقت على التفاوض معه وفق مبادرته الأخيرة (الاتحادي الديمقراطي، الأمة، المؤتمر الشعبي)، بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية الصحافة والإعلام، ما يساعد على تهيئة الأجواء للحوار القومي المطلوب. خلاصة الأمر، أن هذا الحراك السياسي الواسع الذي يشهده السودان لا بد أن يتمخض عن أمر على طريق حل الأزمة القومية التي تلوح معها نذر انهيار السودان اقتصادياً وسياسياً، وهو أمر لا يستطيع «المؤتمر الوطني» تحمل مسؤوليته، ولن يرضى عنه قادة الأحزاب التي قبلت الحوار معه. ‎عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©