الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حبر وورق..

2 يونيو 2009 01:23
أعشق الخط العربي، والخط الجميل عموماً، إلى حد كنت كثيراً ما أعجب من بعض الأطباء الذين يكتبون وصفاتهم على عجل دون اعتناء، لتتبخر علامات تعجبي حال صرف الوصفة! ربما بحكم الممارسة قد اعتاد الصيادلة على مواجهة أنماط مختلفة من الخطوط، فلم تعد هناك مشكلة في قراءة اسم أي دواء وبأي خط، أما أن تكتب بنفسك، وبخط يدك، ملاحظاتك، لتعاود قراءتها بعد فترة ولا تستطيع «فك» رموزها وطلاسمها، فهي المأساة! لم أفق على ترديّ خطيّ، وما آل إليه، إلاّ بعد أن عجزت ذات يوم عن قراءة بعض مما دونته من مشاريع لأفكار قادمة لهذا العمود، فوجدتني أبحلق في «بروتريه»، نفذّته قوائم دجاجة متوحشة! الغصة التي انتابتني في حينها، ليس لعجزي عن قراءة ما اقترفته أناملي الرشيقة، ولكن لأنني كنت أمتلك خطاً جميلا ومميزاً ذات يوم، وأذكره جيداً، إلى حد أوقعني في حالة من الإرباك، لدفع تهمة رداءة الخط عني في الحال، بالبحث عن أي دليل مادي يدحض واقع خطيّ المأساوي، ولو بأثر رجعي! وجدت الكثير مما أحتفظ به، من دفاتر جميلة ملونة، قد دونت بين طياتها بواكير لقصائد «مكسورة»، تراوحت ما بين الفصيح والنبطي، وخواطر بريئة منوعة، استنهضت فيَّ مراحل عمرية متفرقة! لأتساءل: إلى أي درجة من الترهل وصل خطيّ، وأية حساسية تلك، تجعل أغلب الكتاب وغيرهم، لا يجيدون الكتابة اليوم إلا على جهاز الكمبيوتر؟! لننتهي في ظل عملية «التنميط» هذه، إلى نُسخ مكربنة من بعضنا البعض! قيل لي إن بعض الكتاب المخضرمين، لا يزالون متمسكين بطريقتهم التقليدية الكلاسيكية الأولى في الكتابة والتدوين، لم يرضخوا وينحنوا أمام الآلة، وكأنهم بذلك ينأون بأنفسهم عن الذوبان السريع في العولمة، أو هي المحاولة الأخيرة للاحتفاظ بملامح ذاكرتهم الشخصية! سابقاً، كانت تتعرف مُدرساتنا على طالباتهن وتُميزنهن من خط كل واحدة، وطبياً، يجرى اعتماد الخط كوسلية من وسائل التحليل النفسي للشخصيات، كذلك في أدلة الأمن الجنائي! اليوم وبعد أن أضعت خطيّ، لأبكيه وبحرقة غير مُعلنة، كما الأشياء التي لا نستدرك معنى فقدها إلا بعد حين، ليصبح من جملة «طقوسنا» الجميلة، التي سنتحدث عنها بحب مطولاً، بصيغة الماضي الغائب، وبوجع الغياب، بـ «كنا» و»كان»! حدثت نفسي إن كان بالإمكان استعادة نضارة خطيّ، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بصقله مجدداً بعد حالة «التجييّم» التي عصفت به؟! وهل يمكن لدورة في تحسين الخط عند الفنان الإماراتي العالمي القدير محمد مندي، أن تفي، وتكفي لإصلاح واسترجاع ما أفسده الدهر؟! فاطمه اللامي Esmeralda8844@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©